نشرت صحيفة يني شفق التركية مقال رأي لمستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، الذي تطرق من خلاله إلى حادثة اختفاء المفكر السعودي، جمال خاشقجي.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن جمال خاشقجي يعتبر من المفكرين المتميزين، ومن أصحاب الفكر السياسي العميق، كما أنه يهتم بالقضايا من منظور حكيم.
واعتبر أقطاي ما تعرض له خاشقجي في تركيا، "هجوما ليس ضد شخصه فحسب، وإنما هو عملية ضد تركيا على حد سواء. ومن الضروري أنْ تتعامل تركيا مع الموقف وفقا لذلك".
وأضاف أقطاي أن جمال خاشقجي لا يحظى باهتمام كبير في الوسط التركي، الأمر الذي يجعل هذا الجانب غير مهم في مثل هذه القضية.
و على الرغم من المكانة العالمية للمفكر السعودي الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، فإنّ زياراته لتركيا كانت تتم في كنف الهدوء ودون ضجة، وكان يشارك في بعض الأحيان في مؤتمرات أو اجتماعات.
وكشفت الحادثة التي تعرض لها جمال خاشقجي، النقاب عن حقيقة أنّ خطيبته الحالية هي مواطنة تركية، ما يفسر سبب تعدد وتكرر زياراته مؤخرا لتركيا.
وكشف أقطاي أن السلطات السعودية لم تقدم طلبا لتركيا من أجل إلقاء القبض على جمال خاشقجي على اعتباره متهما أو مطلوبا لديها.ولا توجد دعوى قضائية ضده في البلاد.
وقد عرف خاشقجي بأنه معارض سعودي، لكنّ نشاطاته لم تكن تشمل أي تجاوزات أو تهم تستدعي طلبه من قبل السلطات السعودية.
اقرا أيضا : افتتاحية الغارديان: يجب العثور على الصحفي السعودي خاشقجي
ومن المفارقات أن التلفزيون السعودي كان غالبا ما يُعرف جمال خاشقجي على أنه "صحفي مقرب من النظام الحاكم".
وأضاف أقطاي أن جمال خاشقجي دعم رؤية السعودية 2030، وعمليات السعودية في اليمن، كما أنه ساند الكثير من السياسات السعودية الخارجية.
لكن النقطة الفاصلة كانت عندما أقدم خاشقجي على انتقاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. في ذلك الوقت، أعلن النظام السعودي أن خاشقجي لا يمثل العائلة الحاكمة في السعودية.
ومنذ ذلك الحين، أصبح يذكر اسم خاشقجي على اعتباره معارضا، علما بأن اسمه لم يكن ضمن قائمة الإنتربول كشخص مطلوب للسعودية.
ونوّه أقطاي إلى أنّ وجود خاشقجي في تركيا لا يعني أن أنقرة تحتويه لتدعم فعالياته وأنشطته ضد المملكة العربية السعودية.
وفي واقع الأمر، فإن جمال خاشقجي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تبادر السعودية بطلب توقيفه من السلطات التركية.
اقرا أيضا : أين خاشقجي؟.. 7 كاميرات مراقبة تمتلك الإجابة (شاهد)
وعموما، يختلف الأمر تماما عن قضايا عناصر جماعة غولن الذين يعيشون في كنف ألمانيا والولايات المتحدة.
واعتبر أقطاي أن انتقادات جمال خاشقجي للسعودية ليست من باب العداوة أو الحقد، فهو يحب دولته، وغالبا ما ينتقد بعض المسائل من أجل صالحها العام.
وعلى الرغم من كل ذلك، فقد كانت انتقاداته محدودة ولم تتجاوز سقفا معيّنا، الأمر الذي جعله يتوجه بنفسه إلى القنصلية السعودية في إسطنبول.
ويعتقد أقطاي أن جمال خاشقجي كان يُدرك أنّ انتقاداته ستؤثر عليه إلى حد ما، ولكنه لم يتوقع أن يمتد ذلك إلى مجال السيادة التركية، ولذلك توجه إلى القنصلية السعودية في إسطنبول لأعراض مدنية وإنسانية بحتة.
وقد كان خاشقجي يشعر بالأمان في تركيا، لكنه لم يكن مطمئنا بذلك القدر عندما قرر أن يدخل مجالا تابعا للمملكة العربية السعودية. بناء على ذلك، فقد أوصى خطيبته بما يتوجب عليها القيام به في حال انقطاع الاتصال به.
وأشار أقطاي إلى أنّ توصيات خاشقجي لخطيبته حملت في جعبتها مسؤولية كبيرة بالنسبة له باعتباره مسؤولا تركيا.
وقد بادر أقطاي بالتحرك فورا بعد أن اتصلت خطيبة خاشقجي به، بشأن انقطاع التواصل معه. واتصل أقطاي فورا بجميع المسؤولين الذين يتوجب إخبارهم بالأمر، وتم أخذ كل التدابير والاحتياطات اللازمة في مواجهة احتمال اختطافه.
اقرا أيضا : إندبندنت: ما دلالة اختفاء خاشقجي وإهانات ترامب للسعودية؟
وكشف أقطاي أن كل المصادر، بما فيها شهادة خطيبته خديجة، وكاميرات المراقبة، أثبتت أن خاشقجي لم يخرج من القنصلية بصورة طبيعية بعد دخولها الساعة الواحدة بعد الظهر بالتوقيت المحلي.
ومن الممكن أن إخراج خاشقجي بشكل سري، كان من خلال سيارات مُعتمة لا يُرى داخلها. ويبقى هذا الأمر رهين تفسيرات القنصلية ويحتاج لتوضيح منهم.
وذكر أقطاي أن الاحتمال الآخر يتمثل في بقاء خاشقجي حتى الآن في القنصلية. وعلى الرغم من أن المسؤولين السعوديين يقولون خلاف ذلك تماما، إلا أن انقطاع الاتصال بهم منذ اللحظة الأولى لاختفاء خاشقجي ولمدة يومين، يحيل إلى ترابط المعطيات بعضها ببعض، ويزيد من الشكوك أكثر.
وفي الختام، أكد ياسين أقطاي أن طريقة اختفاء خاشقجي وتفاصيلها يُمكن البحث في حيثياتها أكثر، ولكن الأولوية الآن تكمن في أن تعيد تركيا هذا المفكر العالمي إلى بيته وأهله سالما.
إندبندنت: ما دلالة اختفاء خاشقجي وإهانات ترامب للسعودية؟
إندبندنت: هكذا تضامنت "واشنطن بوست" مع كاتبها خاشقجي
أتلانتك: هذه الظروف الغريبة لاختفاء جمال خاشقجي