أنحى محللون وسياسيون باللائمة على نظام رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في تراجع أداء جهاز المخابرات العامة، وفقدانه السيطرة على العديد من الملفات الإقليمية لحساب دول أخرى، وفشل الجهاز في الحفاظ على خيوط اللعبة السياسية بالمنطقة، وإفلاتها من يده.
وأكدوا في تصريحات لـ"عربي21" أن السيسي عمل منذ الانقلاب في تموز/ يوليو 2013 على تهميش دور جهاز المخابرات العامة، وتحجيمه، وتفريغه من كوادره التي تتمتع بخبرات قديمة، وكفاءات عالية من خلال سلسلة إقالات لوكلاء وضابط الجهاز، وتغيير رئيسه أكثر من مرة.
وأوضحوا أن السيسي لم يجد بدا من تعيين مدير مكتبه السابق، اللواء عباس كامل، رئيسا للجهاز، وابنه محمود نائبا للجهاز، إلى جانب تعيين نجل السيسي الأصغر حسن المهندس السابق بإحدى شركات البترول، في إدارة الاتصال بجهاز المخابرات العامة.
تفريغ المخابرات العامة
وكشف مصدر إعلامي مطلع لـ"عربي21" أن اللواء عباس كامل استقدم ضباطا من إدارات مختلفة من الجيش للعمل في جهاز المخابرات، ليست لهم أي خبرات في عمل المخابرات، ليكونوا عيونه ومساعديه في الجهاز بالتنسيق مع نجل السيسي محمود.
إقرأ أيضا: المخابرات العامة ومكتب السيسي يتنازعان هذه "الكعكة"
وأضاف المصدر أن عباس كامل مشغول طوال الوقت بأمرين، أولهما، التعامل مع الملفات المحلية التي تحظى باهتمام السيسي، وتقديم المشورات له، وثانيهما، ملف الإعلام الذي يهيمن عليه منذ انقلاب تموز/ يوليو، وحافظ عليه بحوزته حتى بعد انتقاله إلى المخابرات العامة، في حين سقطت ملفات خارجية من الحسبان، وضعفت قدرة الجهاز شيئا فشيئا.
المخابرات العامة تتلاشى
وقال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، لـ"عربي21" إن "السيسي ضحى بكل مكونات الدولة المصرية من أجل أن يبقى في سدة الحكم، وفرط فيما هو أهم من جهاز المخابرات العامة، بتفريطه في جزيرتي تيران وصنافير، ومياه النيل بتوقيع مذكرة المبادئ مع إثيوبيا، وأهم مورد للطاقة (الغاز) بالاتفاق مع إسرائيل وقبرص، وخدع المصريين بترعة قناة السويس، واستحوذ على السلطة التشريعية، وفصل برلمانا على مزاجه، وتحكم في السلطة القضائية بالعصى والجزرة، وقضى على أي جهاز رقابي في الدولة".
وأوضح أن "السيسي أقال عشرات القيادات من المخابرات العامة، وغير رئيسها أكثر من مرة، وصنع لنفسه مجلسا عسكريا جديدا على هواه ورغم ذلك وجد الجهاز عصيا على الانتماء له، وأن انتماءه إنما لمهددات الأمن القومي بنسبة ما، فما كان منه إلا أن منح السلطة والأهمية لجهاز المخابرات الحربية، الذي ينتمي له، وأصبح هو من يوزع الملفات".
وبين أن "من أجل تحقيق أجندته عمل السيسي على تغيير عقيدة الجيش، بأن العدو الحقيقي ليس الكيان الصهيوني، وما كان ممنوعا من أشكال التطبيع أصبح مسموحا، وجعل مصر ألعوبة في يد ترامب وغيره؛ وبالتالي تضحيته أو تهميش جهاز المخابرات أمر عادي، ولم يجد بدا من أن يأتي بمدير مكتبه (عباس كامل) على رأس جهاز المخابرات العامة لاستكمال تهميشه".
وعن نتائج تلك السياسات أوضح سليمان أن "المراقب سيجد أن مصر تراجعت مكانتها كدولة محورية، وممر لجميع ملفات المنطقة، وفقدت الملفات لصالح دول أخرى، وتم تجاهلها بشكل كامل، وجهاز المخابرات العامة بالشكل الحالي سيعطي تقارير تضر بوضع ومكانة مصر في كل الملفات الحساسة والقضايا المهمة، وسيكون دور مصر هزليا، فافتقر البلد لوجود أي رؤية سياسية، وذكاء الدبلوماسية المصرية؛ نتيجة أنه لا يوجد جهاز احترافي كجهاز المخابرات العامة قادر على إدارة تلك الملفات".
اقرأ أيضا: هذه تفاصيل سيطرة المخابرات الحربية على الإعلام في مصر
سقوط المخابرات العامة
وذهبت أستاذة العلوم السياسية، سارة العطيفي، إلى القول بأن "الجنرال المنقلب عبدالفتاح السيسي والذي نصب نفسه ليحكم البلاد والعباد عن طريق أذرعه المختلفة كان يعتبر جهاز المخابرات العامة، من أقوى أجهزة المخابرات في المنطقة العربية، فوضع السيسي نصب عينيه التحكم في الجهاز، الذي كان أشد منافس له عندما كان رئيس المخابرات الحربية، وبالفعل تم طرد جميع القيادات التي كانت تعمل مع اللواء سليمان، رئيس الجهاز في عهد مبارك".
وأضافت لـ"عربي21" أن السيسي "قام بترقية ابنه محمود الضابط بالمخابرات العامة ترقية استثنائية من رتبة رائد لرتبة عميد، إضافة إلى ابنه الأصغر، وتعيينه نائبا لرئيس جهاز المخابرات العامة، وعين مدير مكتبه اللواء عباس كامل رئيسا للجهاز، وكما نعلم أن عباس هو خزينة أسرار الجنرال المنقلب، وبهذا تفرغ الجهاز لحماية السيسي من معارضيه وليس لحماية الدولة ومشاكلها الخارجية".
وتوقعت أن يفشل عباس في إدارة الجهاز قائلة: "لن ينجح عباس كامل في إدارة هذا الجهاز لصالح الدولة، ولكنه سوف ينجح في قمع أصوات المطالبين بالحرية وإسقاط هذا الانقلاب".
ورأت العطيفي أن "جهاز المخابرات العامة المصرية مخطوف من السيسي وأسرته حيث وضع السلطة في دائرة تتكون أساسا من الأسرة والمقربين تمكنه من السيطرة المطلقة على أجهزة الاستخبارات العامة والعسكرية".
ظهور قاع نهر النيل.. هل دخلت مصر نفق المياه المظلم؟
المخابرات العامة ومكتب السيسي يتنازعان هذه "الكعكة"
هل يكافئ السيسي أبو هشيمة بصفقة الخردة الحكومية؟