يواصل النظام في مصر مخالفته لمواد القانون الجنائي ونصوص الدستور في معاملته للمعتقلين والمسجونين السياسيين، برفضه إطلاق سراح الآلاف ممن تجاوز منهم الحد الأقصى للحبس الاحتياطي والمحدد بعامين وفق قانون الإجراءات الجنائية.
وفي شباط/فبراير 2018، وافقت اللجنة التشريعية بالبرلمان، على المادة 129 من تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، بشأن مدد الحبس الاحتياطى الجديدة، وأقرت أنه "لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي بمرحلة التحقيق الإبتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تجاوز 6 أشهر بالجنح، و18 شهرا بالجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام".
وإلى جانب آلاف المعتقلين من جماعة الإخوان المسلمين والنشطاء، الذين تم احتجازهم دون إصدار أحكام قضائية بحقهم، تجاوز الكاتب والباحث المعتقل هشام جعفر، مدة الحبس الاحتياطي بواقع عام كامل حتى اليوم الاثنين ليبدأ عامه الرابع بالحبس الاحتياطي.
وحسب الحقوقي جمال عيد، فإن الصحفي المعتقل محمود شوكان، من المفروض بحكم المحكمة أن يعود لمنزله منذ 40 يوما، والناشط اليساري هيثم محمدين حسب قرار قضائي كان يتوجب أن يكون ببيته منذ 11 يوما، والناشطة عبير الصفتي بقرار محكمة مفروض أن تكون ببيتها منذ 9 أيام، مشيرا عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن هذا "حال العدالة واحترام القانون في مصر".
وفي بيان لها الاثنين، وصل "عربي21" نسخة منه قالت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، إن سجين الرأي الصحفي هشام جعفر، أكمل عامه الثالث بالحبس الاحتياطي وبدأ عامه الرابع، دونما إفراج أو تحقيق عادل أو احترام لنصوص القانون التي حددت الحد الأقصى للحبس الاحتياطي بعامين فقط.
المنظمة الحقوقية، أضافت أنه وحتى اليوم ورغم مرور 3 سنوات على حبسه بسجن العقرب سيئ السمعة، لم يطّلع محاموه على أوراق القضية، وتم حرمان أسرته من زيارته منذ عام كامل ضربا بكل القوانين عرض الحائط، في الوقت الذي تزعم فيه وزراة الداخلية احترام حقوق السجناء، وتبث أفلاما مضللة عن أوضاع وردية زائفة بالسجون، بفترة تعد الأحلك سودا بتاريخ مصر.
وبينت المنظمة أن جعفر، تم القبض عليه في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2015، ويعاني ضعف الإبصار والفشل الكلوي، وتهدر النيابة العامة والمحاكم حقه القانوني بالافراج، بعد تجاوزه المدة المنصوص عليها كحد أقصى للحبس الاحتياطي.
من جانبها قالت الدكتورة منار الطنطاوي زوجة هشام جعفر، إن "اليوم هو اليوم الأسود بتاريخ حياة عائلتي عندما تم اعتقال هشام منذ 3 أعوام، منها عام لم نره ولم نسمع عنه شيئا، متسائلة عبر صفحتها بـ"فيسبوك" مع بداية العام الرابع لحبسه لماذا لا يتم إخلاء سبيله؟.
وبالحديث إلى أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالقاهرة، والمهتم بملف المعتقلين، أكد أنه يتم استنزاف طاقة المعتقلين وأسرهم وأموالهم عبر الحبس الاحتياطي، الذي وصفه بحالة إذلال متعمد من النظام لأشخاص لم تثبت بحقهم أية وقائع أو جرائم، ولكن نكاية في تاريخهم الثوري والنضالي يتم التنكيل بهم.
المحامي الذي رفض ذكر اسمه أضاف لـ"عربي21"، أنه يصعب بشكل كبير حصر أعداد من يقعون تحت طائلة الحبس الاحتياطي، ويصعب مساعدتهم بشكل مباشر لأنه دائما ما يفرض القاضي مبالغ مالية كبيرة بجانب قرار الإفراج، ما يجعل الأسر الفقيرة عاجزة.
اقرأ أيضا: معتقلون بسجون مصر: نتعرض للتعذيب يوميا بعد إضرابنا عن الطعام
وفي تعليقه أكد الحقوقي المصري، محمد زارع، أن "احتجاز المعتقلين ومن أمضوا فترة الحبس الاحتياطي أو من قضوا العقوبة ومازالوا محتجزين؛ يأتي بالمخالفة للقانون ويجب إخلاء سبيلهم بقوة القانون ووقف احتجازهم بدون وجه حق"، مشيرا لـ"وجوب معاقبة من يحتجزونهم وضرورة تحريك الدعوى الجنائية ضدهم".
وحول الإجراءات القانونية في هذا الإطار، أوضح نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان لـ"عربي21": أنه "يجب تقديم بلاغات للنائب العام الذي عليه استدعاء مسؤول مصلحة السجون أو من يحتجز هؤلاء ويحقق معهم بتهم جنائية لاحتجاز شخص بدون مسوغ قانوني أو حكم قضائي"، مضيفا "ولكن أتصور أن الأمر بهذا التوقيت لن يؤتي أكله".
وقلل زارع من مدى استجابة النيابة لشكاوى المعتقلين، قائلا: "ليس في ظني أن البلاغ للنيابة العامة والمعنية بحماية المجتمع وإنفاذ القانون سيصل مبتغاه أو يتم تحقيق وإحالة دعوى أمام القضاء الجنائي المختص".
ويعتقد رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أيضا أنه لن يتم إخلاء سبيل أحد؛ لأنه لن يتم تفعيل القانون أو احترام أحكامه أو توجيه اتهام لمسئول مخالف لنصوصه، خاصة وأن الدولة تتعامل بمنطق عدم تنفيذ الدستور والقانون بحجج محاربة الإرهاب"، موضحا أن "الأمر مسكوت عنه بالمخالفة للدستور".
زارع، أضاف أن "هذا لا يمنع أيضا ذوي المحتجزين من اتخاذ الاجراءات"، مبينا أنه يمكنها كذلك "اللجوء للقضاء الإداري والطعن على القرار السلبي بعدم إخلاء سبيل شخص تنفيذا لحكم قضائي بالمخالفة للقانون"، متوقعا أن يصدر القضاء الإداري أحكاما لصالح المعتقلين.
اقرأ أيضا: هل تعيش مصر أسوا فترات التعسف السياسي؟
وتابع الحقوقي المصري بقوله: "ويستطيع المضار أيضا، أن يلجأ لقضاء التعويض بدعوى عدم الإفراج عن شخص أمر القضاء بالإفراج عنه، وربما يحكم له بالتعويض"، مشيرا إلى أن "محاكم التعويض مليئة بقضايا من هذا النوع، ولكن القضاء الجنائي لا يتم تفعيله".
أزمة هروب "البالطو" الأبيض تهدد المستشفيات المصرية
هل ينجح السيسي في خطته للتنصل من عبء المستشفيات الحكومية؟
هل تخلى نظام "السيسي" عن مرتضى منصور وآل الشيخ؟