نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب كيفن سوليفان، يقول فيه إن مقتل الصحافي جمال خاشقجي سلط الضوء على حملة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لملاحقة المعارضين له.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى اعتقال سمر بدوي، حيث داهمت الشرطة البيت في منتصف الليل، فيما كانت تحمل ابنتها البالغة من العمر 3 أعوام وكانت تصرخ، وقامت الشرطة بنصب أضواء كاشفة، وصورت الشرطة عملية إلقاء القبض على بدوي، وأجبر الجيران الذين خرجوا لمعرفة ما يجري على توقيع تعهدات بعدم مناقشة ما رأوه مع أحد، كما يقول يحيى عسيري، الناشط في مجال حقوق الإنسان وصديق قديم لعائلة بدوي.
ويقول سوليفان إن اعتقال سمر بدوي، التي كرمتها وزارة الخارجية الأمريكية لأنها تحدثت عن حقوق الإنسان، هو تعبير واضح عن حملات القمع المستمرة التي قام بها ولي العهد ضد من رأى أنهم يمثلون تحديا له.
وتنقل الصحيفة عن عسيري، الذي يعيش في لندن، قوله: "يحاول أن يسكت أي شخص"، وأضاف: "لم يعد هناك مدافعون عن حقوق الإنسان أحرارا في السعودية، وكلهم خلف القضبان".
ويجد التقرير أن مقتل الصحافي خاشقجي في 2 تشرين الأول/ أكتوبر داخل القنصلية السعودية ركز الانتباه على السعودية، وأجبر حلفاء الرياض، خاصة أمريكا، على اتخاذ موقف أكثر انتقادا لسجل ابن سلمان أو "أم بي أس"، كما يعرف الأمير البالغ من العمر 33 عاما.
ويعلق الكاتب قائلا إن "ابن سلمان مدحه السعوديون وغيرهم بصفته مصلحا، وقدم عددا من الإصلاحات الاجتماعية التي طال أمدها للمملكة، ودعمه الشباب تحديدا، واعتبره الرئيس دونالد ترامب شريكا رئيسيا في المنطقة، خاصة في جهود السلام، ومواجهة إيران وتأثيرها، ولكونه ملأ جيوب الزبائن الغربيين بالمال بسبب صفقات الأسلحة التي اشتراها منهم".
وتستدرك الصحيفة بأن "مقتل خاشقجي واعتقال بدوي وعدد من الناشطين في العام الماضي ورجال الدين، بل رجال الأعمال أيضا، ركز الانتباه على سجل ابن سلمان في ملاحقته للمعارضين منذ تعيينه وليا للعهد العام الماضي".
ويذكر التقرير أن المسؤولين السعوديين اعترفوا بأن خاشقجي، الذي كان يكتب في صحيفة "واشنطن بوست"، قتل على يد عملاء سعوديين، مستدركا بأن الرياض وصفت العملية بالمارقة التي قتل فيها خاشقجي بأنها كانت خطأ، وقالت إن 18 شخصا اعتقلوا، وتم عزل 5 مسؤولين، اثنان منهم مقربان لابن سلمان.
ويلفت سوليفان إلى أن النقاد، بمن فيهم نواب الكونغرس، يطالبون بتحقيقات أوسع، تحدد فيما إن كان ابن سلمان هو من أمر بهذا العمل السري ضد الصحافي الذي انتقده بشكل واسع، مشيرا إلى قول عسيري: "لو لم يكن هناك عقاب فإنهم سيعتقدون أن بإمكانهم عمل ما يريدون ولن يوقفهم أحد".
وتقول الصحيفة إن السعودية لطالما سحقت نقادها، إلا أن ذلك زاد مع توطيد ابن سلمان دعائم حكمه، خاصة أجهزة الأمن الوطني، لافتة إلى أن بدوي، التي لا تزال في السجن، كانت واحدة من ثماني نساء ناشطات في مجال حقوق الإنسان، وكلهن تم اعتقالهن دون أن توجه لهن اتهامات.
وينوه التقرير إلى أن معظم الناشطات قدن حملات دفعت في النهاية ابن سلمان للسماح للمرأة بقيادة السيارة، مشيرا إلى أنه لا يعرف السبب الذي أدى إلى اعتقال بدوي، أو الجريمة التي ارتكبتها، ولماذا اعتقلت بقية الناشطات، وقال ابن سلمان في مقابلة مع "بلومبيرغ نيوز" إن الناشطات لم يعتقلن بسبب نشاطاتهن، لكن "لعلاقتهن" مع وكالات استخبارات أجنبية دفعت لهن المال، في إشارة إلى إيران وقطر، وقال: "أثتبت الأدلة والتحقيقات معرفتهن بوجود عمل استخباراتي ضد السعودية".
ويفيد الكاتب بأن ابن سلمان ردد ما قاله وزير الخارجية عادل الجبير في الصيف: "هؤلاء أشخاص لهم صلات مع قوى خارجية"، وأضاف أن اعتقال النساء جاء لأنهن "كن يحاولن الحصول على معلومات وتمريرها لعناصر معادية للسعودية".
وتنقل الصحيفة عن المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية الجنرال منصور التركي، قوله إن قطر وجماعة الإخوان المسلمين لديهما تاريخ في زرع الفتنة في السعودية، وأضاف في حديث مع الصحيفة إنه ليس مطلعا على الحالات الحالية، لكن منافسي السعودية لديهم "آلة معلومات" مصممة لتغذية التضليل حول السعودية وقادتها، و"نحن نواجه هذا ولسنوات طويلة".
ويشير التقرير إلى أن الإعلام المؤيد للحكومة وصف المعتقلات بـ"الخائنات"، ونشرت واحدة من صور الناشطات على الصفحة الأولى وتحتها عبارة "أنتن وخيانتكن فشلتن"، فيما وصفت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمر بأنه "حملة تشويه مثيرة للرعب".
ويورد سوليفان نقلا عن الباحث في المنظمة في شؤون الشرق الأوسط آدم كوغل، قوله إن الحملة تتصف بـ"جنون العظمة والوحشية"، وأضاف أن محمد بن سلمان "لديه على ما يبدو ازدراء واضح لحقوق الإنسان وحكم القانون وأي ناقد ليس مقبولا لديه".
وبحسب الصحيفة، فإن إنصاف حيدر، زوجة المدون رائف بدوي، شقيق سمر، ردت عندما سئلت عما إذا تلقت سمر أموالا من قطر، بالقول: "أسمع هذا الكلام طوال الوقت"، وقالت في مكالمة هاتفية من مونتريال حيث تعيش مع أبنائها الثلاثة، إنها تتلقى طوفانا من الانتهاكات والهجمات من الذباب الإلكتروني المؤيد للحكومة السعودية "وهذا كلام سخيف".
ويلفت التقرير إلى أن حيدر تتجول الآن في العالم لتدعو لتحقيق العدالة لزوجها وسمر بدوي ولبقية الناشطين المعتقلين والمعتقلات ممن سجنوا دون أي أدلة، وعندما سئلت عن ابن سلمان فإنها قالت: "آسفة.. لا أريد الإجابة على هذا السؤال".
وينقل الكاتب عن كوغل، قوله إن سمر ناشطة معروفة في مجال حقوق الإنسان، واستهدفت من حكام السعودية السابقين، لكن ذلك لم يكن بالقسوة الحالية، فيما لا يعرف السبب وراء احتجازها الآن، وهمشت بشكل كامل عندما وقعت على تعهد في عام 2016 ، لتجنب النقد العام.،وقال الأصدقاء إنها وافقت على الصمت لحماية ابنها وابنتها الشابين، وكانت آخر تغريدة لها قبل أسبوع من اعتقالها هي صورة قطة، ويقول كوغل: "أعتقد أن وضعها الذي استطاعت تحقيقه أزعجهم".
وتذكر الصحيفة أن بدوي سافرت في عام 2012 إلى واشنطن لتلقي جائزة المرأة الشجاعة من وزيرة الخارجية في حينه هيلاري كلينتون والسيدة الأولى ميشيل أوباما، مشيرة إلى قول عسيري أن الاهتمام الدولي أزعج القادة السعوديين.
ويفيد التقرير بأن شقيقها رائف، الذي يعد أشهر سجين سعودي، سجن عام 2014 لعشر سنوات، وحكم عليه بألف جلدة وغرامة 250 ألف دولار؛ وذلك لأنه كتب مدونة ناقدة للمؤسسة الدينية، لافتا إلى أن تلقيه أول خمسين جلدة أثار شجبا دوليا، وتم توقيف العقوبة، وتقول زوجته إنه يسمح له بالحديث مع عائلته أسبوعيا ولعدة دقائق فقط.
ويقول سوليفان إن زوج سمر السابق وائل أبو الخير اعتقل منذ نيسان/ أبريل 2014، واتهم بـ"عدم احترام السلطات" و"عصيان ولي الأمر"، وذلك بعدما انتقد سجل الحكومة في مجال حقوق الإنسان، وأنشأ منظمة حقوقية، وحكم عليه بـ15 عاما، مشيرا إلى أنهما كانا متزوجبن وقت اعتقاله، حيث كانت حاملا في ابنتها.
وتبين الصحيفة أن سمر المعتقلة منذ تموز/ يوليو في سجن في جدة، كانت مركز خلاف مع كندا، بعدما دعت وزيرة الخارجية كريستيا فريلاند للإفراج عنها، فقطعت السعودية علاقاتها مع أوتاوا، وطردت السفير الكندي، وأوقفت العلاقات التجارية، واستدعت طلابها، منوهة إلى أن ابن سلمان لا يزال متشددا مع كندا وطالبها باعتذار.
وبحسب التقرير، فإن سمر بدوي تحدثت في كانون الثاني/ يناير 2015 مع "واشنطن بوست" من منزلها في جدة، بعدما قامت حكومة الملك عبدالله باعتقال عدد من الناشطين وكان زوجها بينهم، وقالت إن الحكومة تريد أن تجعل منهم مثلا، "تريد الحكومة إرسال رسالة للناس.. لو فكرت مثلهم، لو تحدثت مثلهم فإنك ستقضي حياتك كلها في السجن".
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أنه عندما سئلت عن السبب الذي يجعلها تتحدث لصحيفة أجنبية في ظل الظروف التي تعيشها، فإنها قالت إنها تريد أن يعرف العالم ما يجري في بلدها، "يجب أن أخاطر.. آمل ألا يفعلوا شيئا لي".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
أتلانتك: هذه الظروف الغريبة لاختفاء جمال خاشقجي
الغارديان: مخاوف على سلامة الصحافي السعودي جمال خاشقجي
التايمز: هل تم ترحيل المعارض السعودي خاشقجي من تركيا؟