شهدت الأيام الماضية حكما قضائيا هو
الأول من نوعه لمحكمة القضاء الإداري، يُجيز فصل الموظف الذي يثبت انتماؤه لجماعة
الإخوان؛ تنفيذا لقانون الخدمة المدنية، الذي نص على جواز فصل كل من يدان في جريمة
مخلة بالشرف والأمانة.
وكانت دائرة
رئاسة الجمهورية وملحقاتها بمجلس الدولة رفضت، مطلع الأسبوع، طعنا قدمه موظف بوزارة
الخارجية ضد فصله لاتهامه بالانتماء للإخوان، ومنحت المحكمة للحكومة تفسيرا لنص
الفقرة 9 من المادة 69 من قانون الخدمة المدنية، يجيز لها فصل الموظفين الذين أدينوا
قضائيا لانضمامهم للإخوان، باعتبار أن هذه العقوبة جناية ومقيدة للحرية ومخلة
بالشرف والأمانة، وتفقد صاحبها الثقة والاعتبار.
وفي إطار
متصل، أقام أحد المحامين المقربين لنظام الانقلاب دعوى بمحكمة القضاء الإداري
بالإسكندرية، لإلزام رئيس الوزراء والوزراء المعنيين بفصل الموظفين المنتمين للإخوان من الوظائف التي يشغلونها بالجهاز الإداري للدولة.
وزعم المحامي
طارق محمود، مقيم الدعوى، أن المنتمين للإخوان اعتلوا وظائفهم بالمخالفة للقانون
في وزارات، مثل التربية والتعليم والنقل والصحة والتعليم العالي والمحليات، وهدفهم
الوحيد إفشال سياسات الدولة.
وفي
تعليقه على هذه الإجراءات، يؤكد الخبير الدستوري، المستشار حسن أنور، أن تكييف
المحكمة لمواد قانون الخدمة المدنية تكييف سياسي وليس قانونيا، لأن الدستور الذي
يمثل سلطة أعلى من القانون جرم التفرقة بين المواطنين بسبب الدين أو اللون أو
الانتماء أو الجنس، وأكد على المساواة بين المصريين في الحقوق والواجبات، وبالتالي
فإن ما صدر عن المحكمة يمكن أن يكون محل نزاع أمام المحكمة الدستورية العليا.
ويشير
أنور في حديثه لـ"عربي21" إلى أن ما يؤكد تسييس هذا الحكم هو الشق الثاني
فيه، والخاص بتأييد إحالة ضابط شرطة للمعاش لشبهة تعاطفه مع الإخوان بمحيط سكنه، وهو
ما أثار ريبة وشك جيرانه، وبهذا الحكم أقرت المحكمة سابقة قانونية لم تحدث من قبل، وهي أن الشبهة كافية لإدانة الموظف العام، حسبما جاء في حيثيات الحكم.
ويؤكد
الخبير الدستوري أن كل هذه الإجراءات سياسية وليس لها ضابط قانوني، وبالتالي فإن
تطبيقها على أي موظف سوف يؤدي لفصله استنادا للحكم السابق، بما يساعد الحكومة في
التخلص من أكبر قدر من الموظفين، بحجة أنهم من الإخوان.
وعن
الموقف الدستوري من هذه الإجراءات، يؤكد أنور أن دستور 2012 تم إلغاؤه بقوة
الانقلاب العسكري، ودستور 2014 يتم مخالفته يوميا، وفي مواد ذات حساسية مثل إقالة
وزير الدفاع، وعدم إصدار قانون العدالة الانتقالية، وعدم الالتزام بموازنات الصحة
والتعليم التي حددها الدستور، ما يؤكد أن نظام الانقلاب يستخدم الدستور والقانون طبقا
لرغباته.
وحول
ارتباط هذه الإجراءات بخطة الحكومة المصرية ضد موظفيها، يؤكد الخبير الاقتصادي
أيمن النجار لـ"عربي21" أن الحكومة تسير في عدة طرق لتقليص عدد موظفيها من
ستة ملايين إلى اثنين أو ثلاثة ملايين على الأكثر، استجابة لتوصيات صندوق النقد
الدولي قبل المراجعة الأخيرة لصرف آخر دفعة من القرض الذي منحته لمصر بقيمة 12
مليار دولار.
ويضيف
النجار أنه "من ضمن الطرق التي حاولت الحكومة السير فيها وفشلت، كان تقليص أيام
العمل الأسبوعية، لكنها تراجعت عن ذلك؛ خوفا من الغضب الجماهيري، خاصة أن تقليص
الأيام يستتبعه تقليل الرواتب، وبالتالي لجأت الحكومة لأساليبها الخبيثة في تنفيذ
هذا المخطط، من خلال تمرير مثل هذه الأحكام القضائية، مصحوبة بحملات إعلامية تشن
هجوما على الحكومة لتركها موظفي الإخوان في وظائفهم حتى الآن".
ويؤكد
النجار أنه ليس هناك إحصاء رسمي بعدد الموظفين المنتمين للجماعة، وأن الأمور لا
تخرج عن تحريات الأمن الوطني الذي يعتمد على الوشاية والبلاغات الكيدية وتصفية
الحسابات، وفي حال إقدام الحكومة على تنفيذ هذا المخطط فإن هناك مذبحة سوف يشهدها
الجهاز الإداري للدولة.
ويحذر
النجار من تبعات هذه المذبحة التي لن تقف عند الشق الإداري فقط، وإنما ستكون مذبحة
أمنية وأخلاقية، لأن عدد موظفي الإخوان لا يزيد على الرقم الذي سبق أن أعلنه حزب
النور خلال حكم الرئيس محمد مرسي، وهو 140 ألف موظف، ولأنه رقم لن يفيد الحكومة في
خطتها، فإنها سوف تفتح الباب على مصراعيه للوشاية والكيدية والرشاوي والفساد؛ من
أجل الوصول للرقم المرجو، وهو ثلاثة ملايين موظف، ما سيكون له تأثيرات سلبية
اقتصادية ومجتمعية على عموم الشعب المصري.
لماذا تموّل روسيا محطة الضبعة المصرية من صندوقها السيادي؟
كيف يؤثر تمديد حالة الطوارئ في مصر على الاستثمارات الأجنبية؟
لماذا سبقت إسرائيل وتأخرت مصر في التنافسية العالمية؟