أثارت تصريحات نائب رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو سالفيني حول مشاركة رفيعة المستوى من دولة قطر في المؤتمر الدولي المتعلق بليبيا، تساؤلات حول طبيعة هذه المشاركة، وما إذا كانت دعوة قطر تحمل رسالة لأطراف مناوئة لها مثل اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر ورئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.
وقال سالفيني إن "قطر ستشارك بوفد رفيع المستوى في مؤتمر "باليرمو" حول الأزمة الليبية، الذي سيستضيفه إقليم "صقلية" في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وأنه سيكون هنالك حضور هام للدوحة التي تم الاتفاق معها على كيفية تحقيق الاستقرار في ليبيا"، وفق تصريحات نقلتها وكالة "آكي" الإيطالية.
ورأى مراقبون أن "دعوة قطر تحمل رسالة بأن إيطاليا منفتحة على جميع الأطراف والفاعلين في الملف الليبي، وأنها تسعى بجدية لتقريب وجهات النظر، في حين توقع آخرون أن تكون زيارة سالفيني إلى الدوحة تحمل رسائل لمناوئين لقطر ومنهم السيسي وحفتر المدعوان للحضور أيضا".
"مكاسب قطر"
من جهته، رأى وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي أن "قطر قد ساندت المجموعات "المتطرفة" في ليبيا وكانت سببا بإطالة الحرب، وأن الدول المساندة لتلك المجموعات وخاصة الإخوان منهم، مثل إيطاليا تعرف أن قطر لها تأثير على زعماء تلك المجموعات وبعضهم لاجئين لديها"، حسب كلامه.
وأشار لـ"عربي21" إلى أن "قطر تستفيد من هذه الاجتماعات كونها تسعى لشراء وحضور أي اجتماع دولي خاصة حول القضايا العربية بعدما عُزلت من قبل دول الخليج، لكن أعتقد أن من يمارسون "الإرهاب" لم ينتهوا بعد في ليبيا ولازال "الجيش" يتصدى للإسلاميين في درنة ولداعش في الوسط".
فشل الثورة المضادة
لكن الأكاديمي المصري وأستاذ القانون الدولي، السيد أبو الخير أكد أن "دعوة الدوحة والاهتمام بحضورها لمؤتمر يخص ليبيا له أكثر من دلالة، أولها أن ما كان يحاك لليبيا في الظلام قد انتهى، وأن الحصار على قطر قد بات في حكم العدم، وثالثا فشل الثورة المضادة في ليبيا وبداية تصحيح مسار الثورة".
وأضاف: "وكذلك فشل مخطط السعودية والإمارات ومصر في ليبيا وانتهاء دور "حفتر" هناك حتى لو حضر المؤتمر، واعتقد أن ذلك بداية مبشرة لكل من الدول التي نجحت فيها الثورات المضادة وأهمها مصر التي باتت على صفيح ساخن".
وتابع في تصريحات لـ"عربي21": "الملف الليبي من ضمن ملفات المنطقة التي ستحسم لصالح ثورات الربيع العربي وبداية فشل الثورات المضادة".
تلاسن وفشل
وقال الكاتب والباحث السياسي الليبي، عز الدين عقيل إن "السلام يُصنع مع وبين الأعداء وليس بين الحلفاء والأصدقاء، وطالما أن قطر حليفة لطرف وعدوة لآخر وإنها إحدى "عرّابات" حرب الوكالة بليبيا فلا مفر من إشراكها هذا من هذا المنطق"، حسب تعبيراته.
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أنه "من حيث الواقع، لا يمكن حل أزمة ليبيا إلا عبر مجلس الأمن ومن خلال نزع السلاح الذي يستطيع هذا الأخير إنجازه سريعا، لكن إحضار الأطراف "المخربة" لليبيا والمتعادية على أرضها بمؤتمر "باليرمو" يعني أن المؤتمر لن يزيد عن وصلة سباب وتلاسن بين هذه الأطراف لينتهي إلى تأجيج الصراع من جديد، وأظن أن هذا هو المطلوب دوليا بهذه المرحلة.
وأشار الأكاديمي الليبي من مدينة مصراتة، مفتاح شتوان إلى أن "دول الخليج عموما، بما فيهم قطر، يعملون لتعزيز المصالح الشخصية ولا يهتمون بل ويسخرون من الوطنية ومفهوم المواطنة.
وأضاف لـ"عربي21" أن "دعوة قطر والإمارات يعني عدم جدية الدول الكبرى لحل المشكل الليبي، لأن هذه الدول تعمل على زعزعة الاستقرار في ليبيا، بل وتنشر أفكار الفساد التنموي في كل الدول العربية".