نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا عن خفايا استثمار
السعودية في شركة
أوبر الذي كان يُعد الاستثمار الأكبر في شركة ناشئة.
وقال التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن محامي الشركة لم يصدقوا أن صندوق الإستثمار العام السعودي سيحوّل مرة واحدة مبلغ 3.5 مليار دولار. ولكنه فعل في 1 حزيران (يونيو) 2016 وحوّل المبلغ إلى شركة "أوبر تيكنولوجيز إنك"؛ في أكبر عملية استثمار في تاريخ الشركات الناشئة.
وجاء الاسثتمار السعودي في وقت كانت فيه الشركة تواجه حربا من منافستها الصينية "ديدي شوتشينغ". وبهذا قوّى الاستثمار السعودي موقفها في منافسة "ديدي" وكذا "ليفت". وعزز من موقع مديرها في حينه ترافيس كلانيك قبل معركة له مع المستثمرين الذين نحوه جانبا في النهاية.
لكن الصفقة أصبحت موضع تساؤل في ضوء علاقة المستثمرين ورجال الأعمال والشركات مع السعودية.
وعلم الموقع من مصادر مباشرة وغير مباشرة أن السعودية تملك نسبة 10% من أسهم شركة النقليات التي تعمل بتطبيق خاص على الإنترنت. ويضم مجلس إدارتها ياسر عثمان الرميان، مدير صندوق الاستثمار العام السعودي الذي يُعد حليفا لولي العهد محمد بن سلمان، رئيسها العام.
وفي الوقت الذي كشف فيه مقتل صحافي "واشنطن بوست" جمال
خاشقجي في اسطنبول بداية الشهر الماضي عن علاقات السعودية مع شركات "سيلكون فالي"، فإن تعامل أوبر مع السعودية هو الأكثر عرضة للنقد، حيث تعقّد الحادثة الشنيعة جهود الشركة ورئيسها دارا خسروشاهي، الإيراني الأصل، وخطط عرض أسهم الشركة في البورصة المزمعة العام المقبل.
وكان خسروشاهي أول المنسحبين من مؤتمر الاستثمار السعودية الشهر الماضي، إلا أنه سيجد صعوبة في قطع علاقات شركته مع حكومة متورطة في قتل شنيع لصحافي. وفي ظل هذه الأزمة الحالية يقدم الموقع القصة التي تحتوي على عناصر من تجسس أوبر على منافستها الصينية وتحقيق دولي برشوة ومواقف مختلفة اتخذها كل من خسروشاهي وكلانيك في وجه الأزمة الجيوسياسية الدولية. وأقام الكاتب القصة على شهادات عدد من العاملين السابقين والمستثمرين الذي قدموا شهاداتهم شرط عدم الكشف عن هويتهم.
بدأت قصة العلاقة مع السعودية في ربيع 2016 عندما كان مديرها التنفيذي ديفيد بلوف، المدير السابق لحملة باراك أوباما يقوم بزيارة ثلاثية للقاهرة ودبي والرياض. وكانت أوبر قد افتتحت عمليات لها في السعودية، حيث قدمت خدماتها بأنها الأكثر أمنا للمرأة السعودية للتحرك، في ظل حظر القيادة المفروض عليها. والتقى بلوف في زيارته للرياض مع الرميان، مدير هيئة الاستثمار العامة. وعلم في تلك الزيارة عن خطط السعودية لتنويع الاقتصاد السعودية وتخفيف اعتماده على النفط. وفي تلك الفترة كانت السعودية عطشى للمال، فهي في حرب مع ديدي شوتشينغ. وكانت الشركتان تنفقان مليارات الدولارات على حملات الدعاية وتخفيض الأسعار وتوظيف سائقين في محاولة كل منهما لسحق الأخرى. واعتمدت استراتيجية كل منهما للحصول على حصة من السوق، على من يحرق المال أكثر.
واكتشفت أوبر في عام 2016 أنها بحاجة لهدنة وتوفير المال من أجل صفقة كبرى. ولكنها شعرت بالذعر عندما قررت "أبل إنك" استثمار مليار دولار في ديدي. وأنفقت الشركة مالا كثيرا على تجارات غير مربحة حول العالم. وبناء على هذا الوضع بدأت أوبر بمناقشة صفقة ممكنة مع صندوق الاستثمار العام السعودي. وعرضت على الهيئة شراء حصة بنفس السعر الذي اشترته في ذلك العام "تايغر غلوبال مانجمنت"، مما أدى إلى تقييم الشركة بـ 62.5 مليار دولار. وكان الشرط الوحيد للسعودية هو أن يكون لها مقعد في مجلس إدارة الشركة، وقبلت أوبر. وكان باستطاعة كلانيك استخدام فرصة الاستثمار لتوسيع سلطاته. ومن هنا أمر طاقمه بإعداد وثيقة تدعو لتوسيع مجلس الإدارة؛ لا ليضم مقعدا لهيئة الاستثمار السعودية، بل أيضا لثلاثة سيملأها كلانيك. وفي ذلك الوقت لم يعترض أحد من المجلس على الخطة ذلك أن أعضاءه كانوا مجرد "بصيمة" ولدى المدير التنفيذي سلطة قوية نظرا لحجم الاستثمار القادم.
ويضيف التقرير أن حالة من الخوف سرت في فريق الاتصالات والسياسة عندما أراد الإعلان عن الصفقة المزمعة ويتعلق بسياسات السعودية التي تميز ضد المرأة وتمنعها من قيادة السيارة. وفي جهود حسن نية من السعودية قامت في أيار (مايو) بإضافة اسم الأمير ريم بنت البندر آل سعود الناشطة في مجال حقوق المرأة إلى المجلس الاستشاري في السياسات.
وعندما أعلنت الشركة في حزيران (يونيو) عن الصفقة انتظرت ردود الفعل والتي ظهرت فقاعاتها على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نسوية "كود بينك"، والتي دعت للاحتجاج وكتابة العرائض والتظاهر أمام مكاتب الشركة ومقاطعتها، إلا أن الاحتجاج لم يستمر ولم يكن هناك رد كما تقول "ميديا بنجامين"؛ المؤسسة المشاركة لها. ولم تهتم أوبر بالرد على وسائل التواصل الاجتماعي، بل ورد منافستها ديدي، حيث أرسلت فريقا لمراقبة مديرتها الصينية جين ليو التي كانت تشارك بمؤتمر بكاليفورنيا لتسجيل رد فعلها على الصفقة. ومهما كان الرد إلا أن الشركة الصينية وافقت على اتفاقية مع أوبر تتراجع فيه هذه تكتيكيا من السوق الصيني مع قدرتها على تحقيق المليارات في الوقت نفسه.
في بداية عام 2017 عانت الشركة من سلسلة فضائح حول ثقافة العمل ووجدت نفسها في مشاكل مع الحكومة الأمريكية التي فتحت تحقيقا في أن الشركة خرقت قوانين الرشوة، ولا تعرف نتائج ذلك التحقيق.
كما ناقش فريق أوبر القانوني العلاقة مع الاميرة ريم. ولم يجد هذا الفريق أية أدلة على تصرفات غير قانونية. وكتب ممثل عن الأميرة قائلا: "نظرا لعدم تلقي اموال فبالتأكيد لا يوجد هناك خروق" ويقول الموقع إن الأميرة لم تتلق أموالا على مشاركتها. لكن مشاكل كلانيك تفاقمت مع المستثمرين الذين أجبروه على أخذ إجازة ثم الاستقالة. وعندما تولى خسروشاهي الإدارة واجه المشاكل المتعددة وبدأ بحلها، ولكن العلاقة مع السعودية لم تكن من بينها. ومع بداية عام 2018 بدت وكأن العلاقة مع المملكة خالية من المشاكل، بل وزادت من علاقاتها من خلال 9.3 مليار دولار تمويل من خلال "سوفت بنك غروب كورب". وكان هذا المبلغ بمثابة انقلاب لخسروشاهي. وقدمت السعودية 45 مليار دولار للبنك الذي تقدر قيمته بـ 93 مليار دولار.
وبحلول الصيف، كانت العلاقة مع السعودية تبدو خالية من المشاكل خاصة بعد رفع الحظر عن قيادة السيارات. فقد بدأ تعامل المسؤولون الامريكيون مع ولي العهد السعودي كقوة ليبرالية رغم حملة "مكافحة الفساد" عام 2017، والتي نظر إليها عملية تطهير لتقوية موقع الأمير. وكانت العلاقة مثمرة لدرجة فكرت فيها أوبر بشراء "كريم" في دبي، ولا تزال تفكر حسب مصدر في الشركة.
ثم جاء مقتل خاشقجي الشهر الماضي، حيث تحولت جريمة قتله داخل القنصلية السعودية في اسطنبول إلى كارثة علاقات عامة للسعودية وشركائها في الولايات المتحدة.
ووجدت أوبر نفسها وسط أزمة حيث كانت أريانا هافينغتون، من مجلس إدارة الشركة، هي الأولى التي تنسحب من المؤتمر في الرياض. وحث المدراء خسروشاهي على التحرك حيث تكهنوا بعملية انسحاب كبيرة. واتصل خسروشاهي بالرميان وأخبره أنه لن يحضر.
ويشير الموقع إلى أن خسرو شاهي حاول بناء سمعة مبدئية للشركة وقضى العام الأول من عمله كمدير معتذرا عن الشركة ويبدو أنه أضاف للقائمة واحدة جديدة. وتظل مهمة المدير صعبة في تفكيك علاقة الشركة مع السعودية. كما أن أصوله الإيرانية تعتبر عقبة في ظل التنافس السعودي- الإيراني. والطريقة الوحيدة للتغلب على وصمة العار في العلاقة مع السعودية تتمثل في طرح الشركة في البورصة. والشركات العامة لا سلطة لها على المستثمرين بحيث يحلل أوبر من علاقتها مع أوتوقراطيين.