نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مقالا للعالم الاستراتيجي المقيم في معهد "أميركان إنتربرايز"، غاري شميت، حول قضية الصحفي السعودي
خاشقجي.
وسأل المقال عن أوجه التشابه بين محاولة تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال في المملكة المتحدة، وبين مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في تركيا.
وبحسب المقال الذي ترجمته "
عربي21"، فقد أجاب شميت بالقول إن مرتكبي الجريمة في الحالتين فعلوا القليل لإخفاء تورّطهم. وأدت أساليبهم البشعة وأسلوب التنفيذ الوقح إلى جلب أنظار العالم مباشرة إلى حكومتي موسكو والرياض.
وأشارت العديد من التقارير الأولية حول الهجومين إلى سوء التخطيط في الحالتين. ففي حالة سكريبال كيف يمكن شرح فشل العملاء الروس في تجنب تسجيل نظام الكاميرات الأمنية البريطاني المعروف أو حتى الغطاء السخيف الذي أعطي لأولئك العملاء؟ أما في حالة خاشقجي فما الداعي لإرسال فريق إعدام ضخم يصل على متن طائرات من الرياض مباشرة؟
وقد يتساءل المراقبون الأكثر ملاحظة إن كانت تلك الخطط تحمل كل علامات المشهد المخطط له. ويبدو أن المخططين الرئيسيين؛ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي
محمد بن سلمان، قاما بوضع الخطة ليس للتخلص من هدفيهما المباشرين فقط، ولكن أيضا لإرسال إشارات مخيفة إلى الآخرين من المعارضين الحاليين أو المحتملين.
ويقع اللوم في هذا الشعور بالإفلات من العقاب بين الأنظمة المستبدة على الغرب. وفشلت أمريكا وبريطانيا وحلفاؤهما في السنوات الأخيرة في الرد بقوة على عمليات القتل الخارجة عن القانون حتى على أراضيها. خذ مثلا اليكساندر ليتفينينكو، العميل الروسي السابق الذي قتل في لندن على أيدي عملاء روس عام 2006. فقد استنتج المحققون البريطانيون بأنه من شبه المؤكد أن بوتين صادق على القتل، ولكن المملكة المتحدة لم تفرض سوى عقوبات مخففة على روسيا.
واستمر الغرب في الرد على سفك الدماء بالصمت أو العقوبات الخفيفة. وفي عام 2011 حاولت إيران قتل السفير السعودي في واشنطن، ولكن الرئيس أوباما استمر في خطته لرفع العقوبات عن النظام الإيراني، وتوّج ذلك بصفقة نووية بعد أربع سنوات. وقام زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بقتل أخاه غير الشقيق في مطار كوالالمبور، في ماليزيا عام 2017 ، ولكن ذلك لم يمنع الرئيس ترامب من فتح مفاوضات مع بيونغ يانغ أو التلويح بتخفيف العقوبات المفروضة عليها.
والأخبار الحديثة بأن طهران كانت تقف وراء مخطط لقتل شخصية معارضة في الدنمارك ستؤدي بالتأكيد إلى احتجاج من كوبنهاجن، ولكن ليس هناك أي مؤشر أنها ستضعف تصميم أوروبا على الحفاظ على الاتفاقية النووية. ومع أن أفعال الصين ضد المعارضين كانت أقل دموية، فإن بكين لم تدفع ثمن اختطافها للصينيين الذين يحملون جنسيات أجنية وإعادتهم إلى الصين.
ومن السذاجة أن نفكر بأنه يمكن وضع حد حاسم لقمع هذه الحكومات للمعارضين. وقد يكون أيضا من باب التوق أن نتوقع من الدول الغربية أن تغلّب مبادئها على العوامل السياسية التي تجعل العلاقات مع تلك الأنظمة ضرورية. ولكن في الحالات المتطرفة مثل قضيتا خاشقجي وسكريبال، يجب على الحكومات الغربية أن تقول: "لقد طفح الكيل"، وتفرض عقوبات ترفع ثمن القتل. ويجب أن يكون الثمن عالٍ بحيث يجعل الدكتاتوريين يفكرون مرتين قبل المصادقة على جرائم دموية في بلدان حرة.