توافدت أطراف الصراع الليبي على مدينة "باليرمو" الإيطالية، استعدادا للمشاركة في المؤتمر الدولي حول الأزمة الليبية، وسط أنباء عن مقاطعة اللواء خليفة حفتر للاجتماع، وانتظار لمخرجات المؤتمر الذي حشدت له "روما" مؤخرا.
وأكدت "روما" أنها تسعى من وراء المؤتمر لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وأن تكون "إيطاليا" هي البلد الرئيس لحل الأزمة الليبية ورعاية الملف الليبي، وأنها لن تسبعد أحدا من المشاركة في حل الأزمات هناك، في إشارة إلى منافستها "فرنسا".
دعم أمريكي
وقال نائب رئيس الوزراء الإيطالي، لويجي دي مايو، إن "مؤتمر "باليرمو" سيمثل فرصة لرسم خارطة طريق مشتركة لتحقيق الاستقرار في ليبيا، مؤكدا أن "الولايات المتحدة الأمريكية أبدت استعدادها لأن تكون إيطاليا البلد الرئيس للعمل على استقرار ليبيا"، مؤكدا "التزام إيطاليا بذلك على أعلى المستويات".
وأشار "دي مايو" إلى أنه "من الضروري جدا لهم إيجاد طريق مشتركة مع جميع المعنيين بالملف الليبي للانتقال إلى الخطوة التالية، وأن بلاده لن تستبعد أحدا من دعم هذه الطريق، وفق وكالة "أنسامد" الإيطالية.
غياب "حفتر"
وأكدت أنباء متطابقة عدة قرار اللواء حفتر مقاطعة مؤتمر باليرمو، وإبلاغه الحكومة الإيطالية بالقرار رسميا، وذلك عقب عودته من زيارة إلى روسيا.
وأكد مصدر في وزارة الخارجية الإيطالية، عدم مشاركة حفتر فى المؤتمر، وأنه تم إبلاغهم رسميا بالقرار، مضيفا أن "رئيس الحكومة، جوزيبي كونتي حاول حتى اللحظة الأخيرة إقناع حفتر بالحضور، لكن الأخير لن يحضر للأسف"، وفق تصريحات لصحيفة "المرصد" المحلية.
في حين، ذكرت الصحيفة نقلا عن قيادي في قوات حفتر، أن كونتي قام بزيارة عاجلة وقصيرة اليوم إلى مقر حفتر في الشرق الليبي، وأنهما عقدا اجتماعا مغلقا لم تظهر نتائجه حتى الآن، وسط توقعات بتراجع "حفتر" عن قراره، ولم يصدر أي تأكيد أو نفي من قبل قوات الكرامة.
اقرأ أيضا: تعرف على الشخصيات الأربع التي تحرك المشهد الليبي
وأثيرت تساؤلات عدة حول أجواء مؤتمر "باليرمو" الدولي حول ليبيا، من قبيل: كيف ستظهر أطراف النزاع خلال الاجتماع؟ وما أهم مطالبهم؟ وهل يمكن أن يلتقي المتصارعون على هامش المؤتمر رغم التلاسن فيما بينهم قبيل الاجتماع؟ وماذا لو تأكد غياب "حفتر" فعليا؟
هل يفشل "باليرمو"؟
من جانبه، قال المدون من الشرق الليبي، فرج فركاش، إنه "كي ينجح "باليرمو" لابد من تفادي العوامل التي ساهمت في إفشال مؤتمر "باريس"، والواقع يؤكد تفوق "إيطاليا" على فرنسا في جدية الإعداد للمؤتمر وواقعية الأهداف والتمثيل الدبلوماسي والمشاركات، وهذا لم نراه في اتفاق "باريس".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "التنافس بين روما وباريس واضح جدا، ويبقى التعويل على الموقف الأمريكي في لجم هاتين القوتين المتنافستين ودعم البعثة الأممية، والتعويل أيضا على مدى جدية الأطراف الليبية في تقديم التنازلات اللازمة للتوافق لتوحيد البلاد بمؤسساتها وحكوماتها المنقسمة"، وفق قوله.
وتابع: "السؤال الآن ما مدى قدرة المؤتمر على إقناع الأطراف الليبية الفاعلة بإنهاء الانقسام السياسي، الذي سيترتب عليه إنهاء الانقسام العسكري، والانتقال إلى الاستحقاقات المنتظرة؟".
الطرف الأقوى في المؤتمر
في حين رأى الناشط السياسي الليبي، محمد خليل أن "موقف "الرئاسي" الليبي بعد الإصلاحات الإقتصادية والتعديل الوزاري الأخير سيكون قويا، ويقف على أرضية صلبة، وكذلك موقف المجلس الأعلى للدولة الذي قام باستحقاقاته المنوط بها، وترك الكرة في مجلس النواب، الذي يبدو جسما ميتا لا يقوم بأي دور"، بحسب تعبيره.
وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "رفض حفتر للحضور، يؤكد عدم اعترافه مستقبلا بمخرجات المؤتمر، ومن ثم إعلان إفشاله من الأساس، وكذلك إفشال عملية التوافق التي ستصل بليبيا في النهاية إلى إجراء إنتخابات وفق قاعدة دستورية لا يرغب فيها حفتر، بحسب تقديره.
خلاف "حفتر" و "صالح"
من جهته، أوضح الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد، أنه "في حال تمكن المؤتمر من تحديد تواريخ واقعية لإجراء الانتخابات وآلية وضع إطار دستوري لها، فسيكون ذلك نجاحا له، ومن المتوقع أيضاً أن يدعم المجتمعون الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية التي يجريها الرئاسي، وتشرف عليها البعثة الأممية".
وحول أقوى الأطرف مشاركة، قال أبو زيد لـ"عربي21"، إن "السراج سيكون أقوى الأطراف الحاضرة خاصة بعد إحاطة سلامة، التي هاجم فيها مجلس النواب واعتبره مؤسسة عقيمة، وكذلك بعد فشل القاهرة في توحيد المؤسسة العسكرية".
اقرأ أيضا: مساعي أممية لإجراء الانتخابات الليبية في ربيع العام المقبل
واستدرك قائلا: "كل ما سبق سيجعل حفتر فاقدا لزخمه، خاصة بعد تعمق الخلاف بينه وبين رئيس البرلمان، عقيلة صالح".
"استبعاد"
بدوره، استبعد عضو حزب "العدالة والبناء" الليبي، إبراهيم الأصيفر إجراء أي مقابلة بين حفتر ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، لوجود عداوة وخصومة كبيرة بينهما، لكن ربما يلتقي الأول بالسراج حيث أن الخطاب بينهما جيدا"
وأضاف لـ"عربي21": "مؤتمر باليرمو يأتي وسط اهتمام متزايد من أمريكا بالملف الليبي، ودخولها دائرة الفعل عن طريق نائبة المبعوث الأممي إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، ومن ثم سيكون لها تأثير وقوة خلال المؤتمر ومخرجاته"، بحسب قوله.
ما مصير حكومة السراج بليبيا بعد اتفاق البرلمان والأعلى للدولة؟
هل تهدف مفاوضات القاهرة حول ليبيا إلى تمكين حفتر عسكريا؟
"مغازلة" إيطالية لفرنسا بخصوص مؤتمر ليبيا.. ما الرسالة؟