تساءلت مجلة "بوليتكو" عما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي استخدم قانون ماغنستكي لمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان، سيعمل على معاقبة السعودية، مشيرة إلى أن قضية خاشقجي تعد امتحانا لهوس ترامب في العقوبات.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه منذ وصول ترامب إلى السلطة فإنه سمح باستخدام القانون الجديد المعروف باسم "قانون ماغنستكي" لفرض عقوبات على 80 كيانا وشخصا حول العالم؛ بسبب انتهاكهم حقوق الإنسان وفي قضايا فساد، لافتا إلى أن المستهدفين كانوا يتراوحون من جنرالات ميانمار إلى مسؤولين نيكاراغويين والرئيس الكمبودي السابق.
وتلفت المجلة إلى أن معظم من فرضت عليهم العقوبات كانوا أشخاصا وكيانات لا يمثلون مصالح حيوية للولايات المتحدة، على خلاف قضية خاشقجي، التي ألقيت فيها المسؤولية على قيادات عليا في النظام السعودي، الذي يعد حليفا حيويا للولايات المتحدة.
وينقل التقرير عن مسؤولين، قولهم إن مساعدي ترامب يميلون نحو استخدام قانون ماغنستكي ضد بعض المسؤولين السعوديين، فيما أعلنت الإدارة عن سحب وإلغاء تأشيرات دخول المتورطين في الجريمة، الذين اعتقلتهم السعودية بعد جريمة قتل خاشقجي في 2 تشرين الأول/ أكتوبر.
وتقول المجلة إنه مع اقتراب موعد القرار، فإن الناشطين والمشرعين ينتظرون فيما إن كان ترامب سيستهدف تحديدا ولي العهد السعودي، صديق مستشاره وزوج ابنته جارد كوشنر، الذي تعهد بشراء أسلحة بمليارات الدولارات، مشيرة إلى أن بعض المحللين يعتقدون أن الضوء الأخضر لعملية القتل جاء من محمد بن سلمان، المعروف باسم "أم بي أس".
ويورد التقرير نقلا عن النائب الديمقراطي عن ولاية نيوجرسي والمسؤول السابق في وزارة الخارجية عن حقوق الإنسان توم مالينوسكي، قوله إن عقوبة للأمير "ستكون بمثابة رسالة بأنه يجب عدم منح هذا الشخص مفاتيح المملكة للخمسين عاما المقبلة".
وتجد المجلة أن فرض عقوبات على الملك القادم قد يضر بالعلاقات مع السعودية، التي تعد منتجا كبيرا للنفط وحليفا ضد إيران، بالإضافة إلى أن قرار بهذا الاتجاه سيضر بالعلاقات الاقتصادية مع السعودية، التي تتداخل فيها ثروة العائلة بالدولة، مشيرة إلى أن السعودية تعد من كبرى الدول المستثمرة في العالم، ولديها استثمارات في شركات التكنولوجيا، مثل "أوبر" و"تيسلا" و"وي ورك".
ويستدرك التقرير بأن ذلك لا يمنع من فرض عقوبات اقتصادية من نوع ما، ففي مكالمته مع ولي العهد السعودي يوم الأحد، أكد وزير الخارجية مايك بومبيو أن الولايات المتحدة ستحاسب قتلة جمال خاشقجي، وبأن على السعودية عمل الأمر ذاته، ولم يقدم بومبيو أي اشارات عما إذا كان ولي العهد نفسه في ورطة.
وتنوه المجلة إلى أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يستخدم فيها ترامب قانون ماغنستكي لفرض عقوبات على مسؤولين كبار، ففي بداية العام الحالي فرضت الإدارة عقوبات على وزيرين تركيين لهما علاقة بسجن القس الأمريكي أندرو برونسون، ورفعت الولايات العقوبات عن المسؤولين التركيين بعد عودة القس للولايات المتحدة.
وينقل التقرير عن السيناتور الديمقراطي روبرت مينديز، والعضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية، قوله: "عندما يريد ترامب التحرك سريعا في مجال حقوق الإنسان فإنه يفعل"، وأضاف: "قامت إدارة ترامب باستخدام قانون ماغنستكي ضد المسؤولين الأتراك في غضون أيام، ويجب أن تفعل الشيء ذاته في العقوبات المتعلقة بقضية خاشقجي".
وتذكر المجلة أن جذور قانون ماغنستكي تعود للأيام الأخيرة لباراك أوباما، الذي وقعه وفعله كقانون، وصمم لمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان في روسيا، لافتة إلى أن ماغنستكي هو سيرغي ماغنستكي، المحامي الروسي الذي سجن بسبب تحقيقاته في ملفات فساد تتعلق بالكرملين.
وبحسب التقرير، فإن القانون الدولي لماغنستكي يمنح الرئيس الأمريكي الصلاحية لفرض عقوبات ضد منتهكي حقوق الإنسان في العالم، ومن يتعرض للعقوبات بناء على هذا القانون، سواء كان شركة أو شخصا، فإنه يواجه عقوبات، مثل تجميد أرصدته، ومنعه من التجارة مع هيئات وأشخاص أمريكيين، لافتا إلى أن المصارف العالمية ذات العلاقة المالية مع الولايات المتحدة لا تستطيع التعامل مع من شملتهم العقوبات بناء على ماغنستكي، بشكل يقيد من حريتهم في سحب أرصدتهم ومصادرهم المالية أو السفر.
وتقول المجلة إنه لم يكن أحد يتوقع استخدام ترامب القانون، خاصة أنه لم يظهر أي دعم لحقوق الإنسان في حملته الانتخابية، فدعواته لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة جعلت الكثيرين يقلقون من دعمه للأساليب المنتهكة لحقوق الإنسان.
ويفيد التقرير بأنه بموجب القانون، فإن الإدارة فرضت منذ كانون الأول/ ديسبمر عقوبات على 26 شخصا و58 كيانا، بحسب وزارة الخزانة التي تقوم بفرض العقوبات، بالإضافة إلى أنه تم استهداف رجل الأعمال الإسرائيلي دان غيرتلر، الذي اتهم بعقد صفقات غير شرعية مع جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتورد المجلة نقلا عن متحدث باسم الخزانة، قوله إن "الإدارة تركز على هذا الموضوع، وستواصل اتخاذ قرارات ضد أهداف متعلقة بحقوق الإنسان والفساد حول العالم"، وأضاف المتحدث أن الإدارة استخدمت برامج أخرى للعقوبات، وفرضت حظرا على 400 شخص وأكثر من 85 منظمة وشركة.
ويجد التقرير أن من الصعب مقارنة العقوبات المتعلقة بحقوق الإنسان التي فرضها الرؤساء السابقون، بما قام به ترامب، فهذا هو أول رئيس لديه وسيلة لفرض العقوبات، وبحسب بعض أعضاء الكونغرس، فإنه استخدمه أكثر من مرة، وبعضهم يحثه على استخدامه أكثر، فطالب سيناتورات بقيادة الجمهوري ماركو روبيو وكريس ميرفي الرئيس بفرض عقوبات على مسؤولين صينيين، بناء على القانون؛ بسبب علاقتهم في انتهاكات حقوق المسلمين في شمال غرب الصين، واعتقالهم في معسكرات جماعية.
وتبين المجلة أنه في حالة خاشقجي، فإن 22 سيناتورا وقعوا على رسالة حثوا فيها الرئيس على التحقيق، وتحديد المسؤولين عن تعذيب وقتل خاشقجي، وحددوا 120 يوما مهلة للتحقيق في القضية، كما يقتضي القانون، وسيقرر الرئيس في النهاية.
ويذهب التقرير إلى أن إدارة ترامب لو لم تقم بمعاقبة المسؤولين السعوديين، فإنها ستتهم بالنفاق في مجال حقوق الإنسان، خاصة عندما يتعلق الأمر بحلفاء قمعيين مثل السعودية، مستدركا بأن مراقبين، مثل مالينوسكي، يخشون من معاقبة إدارة ترامب أشخاصا تقدمهم العائلة السعودية الحاكمة كبش فداء.
وتختم "بوليتكو" تقريرها بالإشارة إلى أن ناشطين يرون أن العقوبات يجب أن تكون متزامنة مع تحقيق مستقل في مقتل خاشقجي.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
صندي تايمز: لماذا شكك الجميع برواية الرياض بشأن خاشقجي؟
الغارديان: ماذا كشفت رواية الرياض عن سبب وفاة خاشقجي؟
نيويورك تايمز: السعودية تواصل أكاذيبها