أعلنت الشرطة الفرنسية، السبت، ارتفاع عدد الموقوفين على خلفية مظاهرات "السترات الصفراء" بالعاصمة باريس، إلى 255 شخصا.
جاء ذلك في تصريحات لشرطة باريس، نقلها موقع إذاعة "فرانس إنفو" المحلي.
وكانت آخر حصيلة معلنة لعدد الموقوفين، في وقت سابق اليوم، هي 205 أشخاص، قبل الإعلان عن الحصيلة الجديدة.
وفي السياق، أفادت الشرطة باحتراق إحدى سيارتها خلال احتجاجات أنصار "السترات الصفراء" في باريس، إضافة إلى إصابة 20 من قوات الأمن، من أصل حصيلة المصابين الكلية التي بلغت 95.
وكانت آخر حصيلة لعدد مصابي قوات الأمن خلال مظاهرات اليوم هي 14.
وفي السياق ذاته، أعلنت الداخلية الفرنسية، عبر بيان، أنّ 75 ألف شخص شاركوا في احتجاجات "السترات الصفراء" في مختلف أنحاء البلاد، خلال الساعات الـ15 الماضية، مقارنًة بـ81 ألفا خلال الاحتجاج الثاني للحركة في 24 نوفمبر/تشرين الأول المنصرم.
وفي وقت سابق من اليوم، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، السبت، ارتفاع عدد المعتقلين إلى 107 أشخاص، في صفوف المتظاهرين وسط العاصمة باريس، ضد الضرائب وأسعار الوقود.
وقال "فيليب" في مؤتمر صحفي، نقلته "فرانس 24": "تواجد 5500 متظاهر في ساحة الشانزليزيه وسط العاصمة باريس، والسلطات اعتقلت 107 أشخاص حتى الآن".
وقتل شخصان وأصيب نحو 650 أخرين منذ بداية مظاهرات حركة "السترات الصفراء" في فرنسا، التي انطلقت في 17 نوفمبر/تشرين الأول المنصرم، احتجاجا على رفع أسعار الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة.
وتظاهرة السبت هي الثالثة ضمن سلسلة احتجاجات ينظمها أصحاب "السترات الصفراء" منذ بدء احتجاجات "السترات الصفراء".
وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانر، في تغريدة عبر توتير، إن "1500 من مثيري الشغب يحتشدون في الطرق المؤدية إلى شارع الإليزيه وسط باريس".
وأضاف الوزير الفرنسي أن "السلطات المختصة ألقت القبض على 63 شخصا".
وأطلقت شرطة مكافحة الشغب، الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على المحتجين الذين حاولوا كسر الطوق الأمني في شارع "الشانزليزيه" الشهير.
ومنذ الصباح، حشدت الشرطة آلافًا من عناصرها في باريس، وسط تحذيرات أمنية من تجدد أعمال العنف والشغب كتلك التي رافقت المظاهرات السابقة خلال الأيام الماضية.
وأظهرت مقاطع مصورة تداولتها وسائل الإعلام، الشرطة الفرنسية وهي تلقي قنابل الغاز المسيل للدموع وتستخدم خراطيم المياه وسط الجموع الغفيرة لتفريقهم.
وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بدأت احتجاجات "السترات الصفراء" ضد غلاء الأسعار وشارك فيها أكثر من مئة ألف شخص، ورافق المظاهرات أعمال شغب في الشانزليزيه، بحسب الشرطة الفرنسية.
تعهد ماكرون
وتواجه إدارة الرئيس الفرنسي ماكرون موجة من الغضب الشعبي بدأ على إثر زيادة الرسوم على الوقود، لكنها اتسعت لتشمل مطالب تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام.
وسعى ماكرون لإخماد الغضب واعدا بإجراء محادثات على مدى ثلاثة أشهر حول الطريقة المثلى لتحويل فرنسا إلى اقتصاد قليل استخدام الكربون دون معاقبة الفقراء.
كما تعهد إبطاء معدل الزيادة في الضرائب على الوقود إذا ارتفعت أسعار النفط العالمية بشكل سريع للغاية، لكن فقط بعد إقرار زيادة الضرائب المقررة في كانون الثاني/ يناير المقبل.
لكن التصريحات التي أطلقها خلال الأسبوع الجاري أثارت غضب المحتجين ولم تقنعهم. ورد بعضهم بالقول "هراء" و"كلام فارغ" وبقوا متمركزين في بعض الطرق والدوارات. وقال العامل يوان ألار (30 عاما): "نريد شيئا عمليا".
وتحاول الحكومة دون جدوى حتى الآن التحدث مع ممثلين عن حركة "السترات الصفراء" التي سميت كذلك لارتداء المحتجين سترات مضيئة التي يتوجّب على كل سائق سيارة ارتداؤها إذا ما تعرّض لحادث.
ودعا رئيس الوزراء إدوار فيليب ثمانية "ممثلين" للقائه في مكتبه. لكن اثنين فقط حضروا خرج أحدهم بعد إخباره بأنه لا يستطيع أن يدعو كاميرات التلفزيون لبث اللقاء مباشرة للأمة.
استعادة الكرامة
وعندما سئله الصحافيون عن مطالبه قال جاسون هربرت: "نريد استعادة كرامتنا ونريد أن نكون قادرين على العيش من (رواتب) عملنا وهو ليس الوضع الآن".
وبعد اجتماع دام ساعة مع الممثل الثاني للمحتجين، قال فيليب إنّهما ناقشا بشكل أساسي القدرة الشرائية وأن بابه سيظل "مفتوحا دائماً" لمزيد من الحوار.
وتعد إحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجه الحكومة الفرنسية في التحدث إلى المحتجين هي إحجامهم عن تعيين قيادة لحركتهم.
وقد رفضت الحركة، التي تم تنظيمها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، بإصرار الانحياز إلى أي حزب سياسي أو نقابات عمّالية.
وتضم "السترات الصفراء" العديد من المتقاعدين وتلقى زخما أكبر في المدن والمناطق الريفية الصغيرة حيث قطع المحتجون الطرق وأقاموا حواجز لإبطاء حركة السير قرب نقاط دفع رسوم الطرقات السريعة وعند الدوارات في مناطق عدة.
وحتى الآن، لقي شخصان حتفهما وأصيب المئات في الاحتجاجات التي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها لا تزال تجتذب دعم اثنين من كل ثلاثة فرنسيين.
ما وراء البحار
ووصل الغضب إلى الجزر الفرنسية في ما وراء البحار، خصوصا في جزيرة "لا ريونيون" الفرنسية في المحيط الهندي التي تشلها حركة الاحتجاج منذ أسبوعين.
واضطرت وزيرة الدولة الفرنسية لشؤون التنمية والفرانكوفونية أنيك جيراردان التي أرسلت إلى الجزيرة للتحدث إلى المحتجين، إلى قطع الاجتماعات الجمعة مع المتظاهرين بعد أن رددوا هتافات استهجان منها "ماكرون استقل!".
وأعلن المرشح السابق للانتخابات الرئاسية اليساري جان لوك ميلانشون أنه لن يشارك في التظاهرة في الشانزيليزيه السبت لكنه سيتوجه إلى مرسيليا ليشارك في مسيرة تضم "نقابات ومتمردين من أجل السكن و+سترات صفراء+ وطلابا في المرحلة الثانوية".
أما اليميني نيكولا دوبون إينيان فقد أعلن الجمعة أنه سيكون مع المحتجين في باريس.
وأكد رئيس حزب الجمهوريين (يمين) لوران فوكييه أنه سيتوجه "للقاء" المتظاهرين في دائرته، بينما طالبت زعيمة اليمين القومي مارين لوبن بحل الجمعية الوطنية.
وتوجه الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا هولاند للقاء المحتجين والإشادة بحصيلة أدائه، ما أثار غضب ماكرون.
ومن بوينوس آيرس سخر الرئيس الفرنسي من "الذين هم على الأرجح سبب الوضع الذي نعيشه أكثر مما هي الحكومة التي تولت السلطة قبل 18 شهرا".
وحشد اليوم الأول من احتجاج "السترات الصفراء" في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت حوالي 300 ألف شخص في جميع أرجاء البلاد، فيما استمرت احتجاجات متفرقة خلال الأسبوع.
والسبت الماضي، أعلنت الحكومة أن مئة ألف شخص فقط شاركوا في الاحتجاجات، ما أعطى انطباعا بأنّ الاحتجاجات تضاءلت. لكن كثيرين أشاروا إلى أن خطاب ماكرون الثلاثاء أجج الاحتجاجات من جديد.
ودعا زعماء النقابات العمالية الذين اجتمعوا مع فيليب الجمعة إلى وقف رفع الضرائب في كانون الثاني/يناير وهو اقتراح بدأ بعض أعضاء البرلمان المؤيدين لماكرون في تأييده.
وامتدت الحركة إلى بلجيكا المجاورة حيث استخدمت قوات مكافحة الشغب خراطيم المياه الجمعة لتفريق محتجين "السترات الصفراء" الذين كانوا يرشقون الشرطة بالحجارة وأحرقوا مركبتين للشرطة في وسط العاصمة بروكسل.
هكذا علق ماكرون على احتجاجات "السترات الصفراء" بباريس
بعد فرنسا وبلجيكا.. احتجاجات السترات الصفراء تمتد إلى هولندا
الشرطة الفرنسية تتأهب تحسبا لاحتجاجات عنيفة جديدة