بعد إصدار "حزب البناء والتنمية"، الذارع السياسية للجماعة الإسلامية بيانا الأحد، نفى فيه الإنطواء تحت تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب الذي أسسته الجماعة مع جماعة الإخوان المسلمين قبل 5 سنوات؛ يتساءل البعض حول مدى اعتبار هذا البيان مفارقة من الجماعة الإسلامية للإخوان قبل نهاية الطريق وفض شراكة بدأت بعد ثورة يناير 2011.
وتناقلت المواقع والصحف الموالية للنظام المصري بيان الحزب واصفة إياه بأنه تبرأ من الجماعة الإسلامية للإخوان، أو أنه تمرد عليها.
وفي تصريحات له الاثنين، قال الشيخ عبود الزمر (الأب الروحي للحزب) إن قرار الحزب نهائي وأنه سينفذ رؤيته السياسية والفكرية بدعم العقيدة الصحيحة ومواجهة الفكر المنحرف والمحافظة على الدولة والأمن القومي للبلاد وحل مشكلة ديون مصر.
وأعرب الزمر عن أمله في صدور حكم من الإدارية العليا باستمرار الحزب، وأنه يدرس المشاركة بانتخابات مجلس النواب والمحليات القادمة.
فاتورة "التحالف"
القيادي بالجماعة الإسلامية سمير العركي، يرى أن بيان البناء والتنمية "تأخر 3 أعوام على الأقل حينما اتضح للجميع أن (تحالف الشرعية) بات كائنا شكليا أكثر منه موضوعيا، وأنه وصل لمرحلة العجز الكلي ومات سريريا بفعل عوامل يعلمها مكونات التحالف".
العركي، أضاف لـ"عربي21": "لذا لم يكن من المعقول أن يبقى البناء والتنمية يدفع فاتورة الانضمام لكيان غير موجود وحالة ثورية تم تبريدها بفعل فاعل معلوم لجميع مكونات التحالف".
اقرأ أيضا: لهذه الأسباب لن تُصعّد الجماعة الإسلامية بمصر ضد السيسي
وبشأن احتمالات تفسير هذا البيان أنه انفصال سياسي عن الإخوان، قال العركي: "كل حزب حر في اختياراته وتوجهاته".
ويرى أحد مؤسسي حزب البناء والتنمية، أن "هذا الموقف ليس وليد اللحظة بل هناك أصوات كانت تنادي به داخل الحزب منذ اختفى الحراك الثوري باعتبار أن التحالف أصبح قيمة رمزية وانتقلت أغلب فاعلياته للخارج دون الداخل؛ لذلك فقد جمد الحزب عضويته قبل أن يعلن انسحابه".
تنازل بلا مقابل
وقال القيادي الذي رفض ذكر اسمه لـ"عربي21": "أختلف مع هذا الموقف ومع ما جاء على لسان الشيخ عبود، وأراه تنازلا بلا مقابل"، موضحا أنه "بالرغم مما ذكره الشيخ عبود من مواقف وطنية مشرفة للحزب إلا أن الطغمة الحاكمة لمصر لا تعبأ بهذه الأمور بل هي ماضية بخطتها لعلمنة المجتمع".
وأضاف: "النظام المصري نجح في إقصاء الدعوة السلفية بثقلها بإسقاطها في بئر الخيانة بانقلاب 3 يوليو/ تموز 2013، وظن أنه قضى على الإخوان المسلمين بالقهر والقتل والشيطنة، ولم يبق إلا الجماعة الإسلامية كفصيل قوي منظم بذل معه النظام جهدا كبيرا بالترغيب والترهيب حتى قتل رئيس مجلس الشورى (عصام دربالة) وأعتقل الكثير من رموزه".
اقرأ أيضا: "البناء والتنمية": لسنا أعضاء في تحالف دعم الشرعية بمصر
وتابع: "لكن بتغيير الأوضاع نحو استقرار العصابة المسلحة للسيسي وأعوانه رأى قيادات الحزب أن البقاء عليه أولوية لعله يكون صوتا قانونيا داخل المجتمع يغرد خارج السرب ويحمل هم المواطن وينقل نبضه".
ويظن القيادي بالبناء والتنمية "أن خطوة النظام القادمة هي حل الحزب مكتفيا بما أقدم عليه الحزب من نحر نفسه بيده وسط الساحة السياسية بتصريحات الشيخ عبود الأخيرة".
"فزاعة الإرهاب"
ويقول الباحث السياسي عزت النمر: "لا يجب النظر للبناء والتنمية وقرارته وبياناته حاليا ومنذ فترة بعيدا عن السياق العام الذي تعانيه السياسة بمصر من إرهاب نظام الانقلاب والتضييق على كل رأي وعمل سياسي لا يتماهى بالكلية مع صوت العسكر وسلطة الانقلاب وحالة الاستبداد القصوى التي تعيشها".
النمر، أضاف لـ"عربي21"، أنه "كذلك لا يجب النظر بأي إجراءات اتخذها الحزب مؤخرا دون النظر لحالة التربص به وسيف القضاء المسلط عليه والتهديد الدائم والمطالبة الحثيثة بحله؛ فضلا عن فزاعة الإرهاب التي طالما توجه للحزب وقادته ورموزه".
وتساءل: "ماذا ننتظر منهم وقد تم إدراج عددا من رموزه الوطنية والمحترمة التي يعرفها الشعب المصري ويقدرها على قوائم الإرهاب؟ مضيفا: "لذا أرى أنه لا يجب أن نُحَمِّل بيان البناء والتنمية أكثر مما يحتمل، ونعتبره مرونة مقبولة لمواجهة التوحش الاعلامي والقضائي والسياسي الذي يتربص بالحزب وقادته بالداخل".
اقرأ أيضا: حزب إسلامي مصري يجمّد عضوية من يدرج اسمه بقوائم الإرهاب
وقال الباحث المصري، "لا أعتبر هذه القرارت تحول نوعي بالقناعات الراسخة للحزب ولا تحولا باستراتيجته وأهدافه ولا مفارقة وفك ارتباط بأي من القوى السياسية الوطنية التي ترفض الاستبداد وتنادي بحرية العمل السياسي واحترام الشرعية ورفض الانقلاب".
النمر، أكد على أن واجب الجميع "تقدير أي خطوة باعتبارها محاولة للمحافظة على الكيان وهذا واجب قادته بمصر، إنما يوجه اللوم والرفض لمن قتل السياسة بمصر وانقلب على الشرعية وسلط أجواء الاستبداد على المشهد سواء العسكر والانقلاب وداعميه وخدمه بالقضاء والاعلام".
"حل الحزب"
وحول إمكانية اعتبار بيان البناء والتنمية طلاقا بائنا بين الجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين، يرى الباحث بشؤون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلي، أنه "ليس طلاقا بائنا"، مضيفا "هم فقط يريدون أن يقفزوا على قرار اعتبار الجماعة إرهابية والذي صدر الشهر الماضي، حيث يخشون من حل الحزب".
فرغلي، أضاف لـ"عربي21"، أن "قادة الجماعة بتركيا لا زالوا يهاجمون النظام مثل انتقادات إسلام الغمري -أحد قادة الجماعة بتركيا-، بينما قادة الداخل يمسكون العصا من المنتصف، والجماعة زئبقية ولا تعرف ماذا تفعل ولكنها بورطة وتريد أن تخرج منها بأي ثمن".
وأوضح أن الجماعة الإسلامية "تدرك أن (تحالف الشرعية) الآن اسم لا عمل له فخرجت منه بوقت تستمر ممارساتها بشكل طبيعي"، مبينا أن "النظام يدرك ذلك رغم كلام قادة الداخل الذي قالوه بجلسات مغلقة منذ 3 أيام مع الأمن، وقاله صفوت عبد الغني بتحقيق معه مع قادة أمن سجن العقرب، لكنهم لا يصدقونهم".
وبالحديث إلى القيادي بالحزب أحمد رشدي، امتنع عن الإجابة عن أي من تساؤلات "عربي21".
هل أفاق "الإسلام السياسي" من "صدمة" الثورات المضادة؟
علاء مبارك والسيسي والطيب يثيرون جدلا بسبب السنة النبوية
لهذه الأسباب لن تُصعّد الجماعة الإسلامية بمصر ضد السيسي