"راح الملقي وأجا الرزاز.. غيروا لنا هالبرواز"، شعار هتف به محتجون الجمعة الماضي، في محيط رئاسة الحكومة الأردنية، احتجاجا على استمرار حكومة رئيس الوزراء عمر الرزاز، في النهج الاقتصادي والسياسي ذاته، للحكومات السابقة.
وجاءت حكومة الرزاز بعض غضب شعبي، في حزيران/ يونيو الماضي، لتخلف حكومة هاني الملقي، بقرار ملكي بإقالة الأخير، وتعيين جديد أمام هبة شعبية رافضة لمشروع قانون ضريبي.
ووفقا لهتافات الشارع الأردني المعترض على السياسات الحكومية، فإن المطالب بتغيير النهج السياسي والاقتصادي، يقصد بها العاهل الأردني عبد الله الثاني أيضا، الذي يختار رؤساء الحكومات بحسب الدستور الأردني.
إذ يطالب المحتجون بإسقاط "نهج صندوق النقد الدولي"، مخاطبين ضمنا الملك الذي يسكن في منطقة دابوق الراقية: "اسمع يا ساكن في دابوق.. فليسقط حكم الصندوق".
اقرأ أيضا: سياسيون أردنيون يهاجمون الحكومة إثر اعتقال نشطاء (شاهد)
وعاد المحتجون المُحبَطون إلى محيط الدوار الرابع بالقرب من مقر رئاسة الحكومة، رافعين شعار "معناش"، معتبرين أن النهج الاقتصادي لم يتغير بعد مرور أشهر على تسلم الرزاز، مطالبين بإسقاط مشروع قانون الضريبة، وإلغاء فرق أسعار الوقود على فواتير الكهرباء، وتخفيض المحروقات لأكثر من 35 في المئة، بما يتناسب مع سعر البرميل عالميا، وإعادة دعم الخبز، ومحاسبة الفاسدين، والإفراج عن معتقلي الرأي.
من جهته، قال عضو حزب الوحدة الشعبية والناشط في الحراك، محمد العبسي، إن الحراك الشعبي والاحتجاجات مرشحة للعودة في أي وقت، فالمسألة غير مرتبطة بقانون الضريبة فقط.
وأوضح لـ"عربي21"، أن السبب يعود إلى أن "الناس بدأت تفكر بطريقة مختلفة بعد رحيل الملقي، بعد أن اتجهت الأنظار إلى حكومة الرزاز، التي طالبت بفرصة لتحسن الظروف الاقتصادية، فشعر المواطن بعد انتهاء الفرصة أن الحكومة لا تملك الولاية العامة، وغير قادرة على عمل شيء، وشعر المواطن بالخديعة أيضا، فلم يلمس شيئا من خفض للضرائب والرسوم".
وقال العبسي: "المحتجون رفعوا شعارات مختلفة في الاحتجاجات منذ حزيران، من أبرزها التخلي عن النهج الاقتصادي، والربط مع صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى تغيير النهج السياسي، وليس تغيير أشخاص فقط، وهذا تبناه أغلب المحتجين في الدوار الرابع".
اقرأ أيضا: هل بات الاقتصاد الأردني رهينة لصندوق النقد الدولي؟
في أيلول/ سبتمبر الماضي، وعد رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، في كلمة له مع الجامعة الأردنية (أكبر الجامعات)، بالخروج من الحلقة المفرغة للاقتصاد، التي سببتها الضرائب والاقتراض، وصولا إلى حلقة الإنتاج، ليعود إلى إعطاء الوعود للأردنيين في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بمشروع نهضة اقتصادي وسياسي ضمن برنامج عمل يمتد لعامين.
وتعهد الرزاز بتخفيض النفقات العامة بمبلغ 150 مليون دينار، إلا أن موازنة 2019 جاءت برفع النفقات، مقارنة مع العام الماضي، ورفعت المخصصات للديوان الملكي، وبلغت 5.3 مليون دينار، كما رفعت رواتب وأجور وعلاوات موظفي الديوان إلى 26 مليونا و860 ألف دينار.
إلا أن الناطق باسم "حراك وطن" جمال جيت، يرى أن واقع الحياة المعيشية في الأردن، هو ما أعاد الحراك إلى الشارع بشكل رئيس، وليس إقرار قانون ضريبة الدخل فقط، "فحكومة الرزاز جاءت لحظة تشكيلها بشعبية ما لبثت أن تتآكل بسرعة كبيرة، عقب عودة أغلب وزراء الحكومة المقالة، ما خيب آمال الناس التي رفعت سقفها بشخص الرئيس".
وقال إن الأمر دفع الناس إلى العودة للشارع مجددا للاحتجاج، خصوصا بعد إقرار قوانين والإصرار على أخرى مثل الضريبة والجرائم الإلكترونية.
وزاد الطين بلة، اعتقال الأجهزة الأمنية لناشطين، ومداهمة خيمة احتجاجية في مدينة مأدبا، وقدرت لجنة الحريات في نقابة المهندسين في رد على سؤال لـ"عربي21" أعداد المعتقلين مؤخرا من الناشطين على خلفية التعبير عن الرأي بـ14 شخصا، سبقهم اعتقال العشرات منذ تسلم حكومة الرزاز لمهامها.
ما المخرج؟
من جانبها، قالت البرلمانية السابقة هند الفايز، لـ"عربي21" إن "المخرج يتمثل بإصلاح حقيقي يبدأ بخطاب للشارع، يقدم الملك فيه التزامات تفند بشكل مفصل، وبجدول زمني واضح لا يتجاوز الأسبوعين، يبدأ فيه مجلس النواب بسن قانون انتخاب مبني على القوائم، وقانون أحزاب لا يخضع للسلطة التنفيذية، وتعديل بعض المواد في قانون استقلال القضاء، وبعدها يمارس حقه الدستوري بحل مجلس الأمة مباشرة".
وتابعت: "بالتالي، فإن الحكومة دستوريا تغادر، ومن ثم يتم تغيير مدير المخابرات ورئيس السلطة القضائية وترشيح لجنة شعبية بالتشارك مع هيئة مكافحة الفساد وديوان المحاسبة، لأخذ قرارات سريعة بتحويل ملفات الفساد المعلقة إلى الادعاء العام، وإخلاء سبيل معتقلي الرأي".
وتابعت: "بعد انتخاب المجلس النيابي، يتحقق الالتزام قبل الأخير من الملك، بعمل تعديلات دستورية تفضي إلى حكومة برلمانية، وتقليص صلاحيات الملك، وخلال ذلك يقوم كل الأمناء العامين في الوزارات بمهام الوزراء بالوكالة، وإنهاء أي استثمارات للأجهزة الأمنية مع القطاع الخاص".
وختمت بالقول: "أما بالنسبة للتغيير الأخير، فيكون بقرار ملكي، ويقوم على تأميم الشركات التي تم بيعها وخصخصتها".
وتهدد حالة الإحباط الكبيرة في أوساط الأردنيين بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة، بانفجار الشارع الأردني، وفق تحذيرات ناشطين.
ويدعو النشطاء بشكل متكرر النظام في الأردن للبدء بإصلاحات سياسية حقيقية، ووضع خارطة طريقة للإصلاح السياسي، تكون محددة في إطار زمني تضمن المشاركة الشعبية الواسعة والفاعلة، وضمان الفصل بين السلطات، ومحاربة الفساد والتوقف عن سياسة الاقتراض.
الأردن يواجه موجة انتقادات شعبية مع تصاعد متاعب الحكومة
هل تمنح أزمة السعودية الأردن فرصة استعادة علاقته بقطر؟
الهجرة.. هاجس جديد يثير جدلا في المجتمع الأردني