نجح مسيحيو القدس للمرة الخامسة خلال هذا العام إلى تأجيل مشروع قانون إسرائيلي يعطي للحكومة الصلاحية بمصادرة وتأميم أملاك وعقارات الكنائس والأديرة المسيحية، تحت ذريعة رفض الكنائس لدفع ضريبة الأرنونا (ضريبة الأملاك).
ووفق البيان الذي أصدره بطاركة ورؤساء كنائس القدس الأحد، فإن هذا النجاح يعود إلى الدعم والمساندة من دول العالم التي رفضت المؤامرة التي تقودها إسرائيل ضد المسيحيين في الأراضي
المقدسة.
ضرائب متراكمة
يعود تاريخ الجدل حول ضريبة الأملاك إلى العام 2010، حينما تقدمت النائب راشيل عزريا من حزب كلنا الوسطي بمشروع قانون للكنيست الإسرائيلي يقضي بفرض ضريبة الأرنونا على العقارات المسيحية، في حين ادعى رئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات مطلع شباط/ فبراير 2018، أنه يتوجب على الكنائس دفع متأخرات مستحقة عن الأصول العائدة إليها بقيمة 190 مليون دولار، وتجميد حسابات الكنائس في البنوك.
من جانبه، قال رئيس اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس، حنا عيسى: "ما يتعلق بقانون فرض الضرائب على الكنائس المسيحية، هنالك ادعاء من قبل وزارة المالية الإسرائيلية بأن لها الحق في تحصيل 470 مليون دولار كمستحقات ضريبية على الكنائس منذ العام 1967، في حين أن الطرف الآخر وهي بلدية القدس تدعي بأن مستحقات ضريبة الأرنونا يجب تحصيلها بأثر رجعي منذ العام 2010 بقيمة 190 مليون دولار".
وأوضح عيسى في حديث لـ"عربي21" أن "مشروع القانون الإسرائيلي كانت قد صادقت عليه اللجنة الوزارية في العام 2010، ولكن لم يتم المصادقة عليه بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست منذ ذلك التاريخ، وهذا يعود إلى تباين وجهة نظر بعض الأحزاب الإسرائيلية التي تقول بأن الضرائب يجب أن تشمل كل ما يتعلق بالوجود المسيحي في القدس، بما فيها الكنائس وبيوت الأساقفة، وهنالك وجهة النظر الأخرى ترى بأن الضريبة يجب أن تقتصر على المنشآت التعليمية والطبية والفندقية التابعة للكنائس".
اقرأ أيضا: نتنياهو يغامر بمنصبه عبر خوض انتخابات مبكرة في أبريل
وتابع: "على مدار ثلاثة أشهر، خضنا معركة قانونية ضد التشريع الإسرائيلي، وقد ساندتنا بذلك حكومات وكنائس دول منها اليونان وفرنسا وبلجيكا ورومانيا وروسيا والأرجنتين والفاتيكان، وهذا ما أفشل التصويت على القانون في الجلسة الأخيرة للكنيست، على أن يتم النظر في هذا التشريع مع انتهاء الانتخابات الإسرائيلية في نيسان/ أبريل القادم".
يقدر عدد مسيحيي القدس بنحو 12 ألف نسمة، ويوجد في المدينة 13 كنيسة، أما عن هوية الطوائف المسيحية فيشكل الروم الأرثوذكس 51 بالمئة، واللاتين (الكاثوليك) 33 بالمئة، والروم الكاثوليك 6 بالمئة، والبروتستانت 5 بالمئة، والسريان والأرمن الأرثوذكس 3 بالمئة لكل منهما، في حين يمثل الأقباط والأحباش والموارنة مجتمعين 2 بالمئة.
كما تمتلك الطائفة المسيحية عقارات تشمل المدارس والمستشفيات والفنادق بإجمالي 130 عقارا، ويستحوذن على ما نسبته 28 بالمئة من إجمالي عقارات البلدة القديمة.
المس بالحريات الدينية
وفي السياق ذاته، أشار الرئيس الروحي لكنيسة الروم الكاثوليك، الأب عبد الله يوليو، إلى أن "مسيحيي القدس لا يرغبون في التصادم مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن مطالبنا تكمن في العودة للوضع التاريخي الذي كانت عليه المدينة إبان الحكم العثماني في العام 1852، حيث كان يتمتع المسيحيون بكافة الحقوق الدينية ومعفاة من دفع أي ضرائب للدولة، ولكن سياسات دولة الاحتلال الإسرائيلي تدفعنا إلى مقاومة هذه السياسة العنصرية بشتى الطرق الممكنة".
وأضاف الأب يوليو لـ"عربي21": "كما أن العقارات التي تمتلكها الكنائس هي بمثابة المصدر الوحيد للإيرادات بالنسبة للطائفة المسيحية، والمبالغ الفلكية التي تدعي إسرائيل بأنه حق لها الكنائس لا يمكن دفعها أو تحصيلها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها المدينة".
في حين يرى الخبير في شؤون القدس، جمال عمرو، أن "ما تسعى إليه من خلال المصادقة على قانون فرض ضريبة الأرنونا على مسيحيي القدس يهدف إلى تغيير واقع المدينة وتهويدها جغرافيا ودينيا لصالح اليهود، وهذا ما انعكس بشكل سلبي في رغبة الكثير من المسيحيين إلى البحث عن مكان أخر للعيش خارج أسوار القدس".
وأضاف عمرو لـ"عربي21": "منذ تقديم مشروع القانون في العام 2010، كان يتم النظر فيه مرة واحدة كل عام، ولكن بعد التطورات السياسية التي أحدثها قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ارتفع النظر في هذا التشريع خمس مرات، وهو رقم كبير يعطي إشارة إلى رغبة إسرائيل بطرد المسيحيين من المدينة".
2018.. مرّ ثقيلا على المخيمات الفلسطينية بلبنان
كيف واجه الفلسطينيون العقوبات الأمريكية في العام 2018؟
محطات في تاريخ حماس منذ التأسيس وحتى الذكرى 31