ينتهى عام 2018 وقد حقق الاقتصاد المصري أفضل أداء على بعض مؤشرات الاقتصاد الجزئي، مقابل تحقيق أسوأ نتائج على أرض الواقع للمواطن المصري، واحتكار الجيش لمفاصل الاقتصاد، وفق عدد من خبراء الاقتصاد والمال.
واحتفت الحكومة المصرية في عام 2018 بانخفاض معدلات البطالة إلى 9.9% مقارنة بـ12% العام الماضي، وانخفاض معدل التضخم إلى 15.7% مقارنة بـ26%، وارتفاع إيرادات السياحة إلى 9.8 مليار دولار مقارنة بـ 4.4 مليار دولار، وارتفاع معدل النمو إلى 5.3% مقارنة بـ4.2% ، وزيادة عائدات قناة السويس إلى 5.7 مليار دولار مقابل 4.9 مليار دولار، وبلوغ عجز الموازنة 9.8% مقارنة بـ 10.%.
وأشار خبراء اقتصاد في تصريحات لـ"عربي21" إلى أنه وفق الأرقام الحكومية أيضا، فقد ارتفعت قيمة واردات مصر غير البترولية خلال الـ 10 أشهر الأولى من العام الجاري لتسجل نحو 57.7 مليار دولار في مقابل 48.5 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2017، بزيادة قدرها 9.2 مليار دولار وبنمو 19%.
وارتفعت الديون الخارجية والداخلية إلى أرقام غير مسبوقة في تاريخ مصر، على الرغم من ارتفاع الاحتياطي النقدي (معظمه ديون) إلا أنه لا يمثل سوى 45% من حجم الديون البالغ 98.6 مليار دولار، في حين كان الاحتياطي في نهاية عهد مبارك البالغ 35 مليار دولار أعلى من الديون الخارجية البالغة آنذاك 34 مليار دولار فقط.
وارتفعت، كذلك، أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية ومواد البناء والخدمات كالتعليم والصحة بشكل مطرد، وظل الحد الأدنى للأجور في نطاق 1200 جنيه، وزادت نسبة الفقر غير الرسمية من 27.8% إلى ما بين 40% و50% ما انعكس بشكل سلبي على حياة ملايين المواطنين.
أكذوبة المؤشرات
وفي حديثه لـ"عربي21" فند الخبير الاقتصادي الدولي، محمود وهبة، أداء الاقتصاد المصري الذي لا ينعكس على نسبة الفقر في مصر، قائلا: "لا توجد إحصائية حقيقية للفقر، ما يعني أن الوضع على الأرض أسوأ بكثير من الأرقام المعلنة، والتي كان آخرها في 2015".
وأكد أن "عدم وجود إحصاء رسمي حقيقي عن نسبة الفقر في مصر متعمد؛ بهدف الحفاظ على أكذوبة نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي، والذي تضاعف فيه عدد الفقراء في مصر بشكل مطرد، وتروج الحكومة لأرقام غير حقيقية من أجل استنزاف أموال المؤسسات الدولية والمستثمرين الأجانب".
بيع الشركات
وأثار طرح نية الحكومة المصرية طرح حصص بعض الشركات العامة في البورصة في 2018، انتقادات واسعة، حيث انتقد خبير أسواق المال، وائل النحاس، الأجواء التي تصاحب طرح حصص بعض تلك الشركات من خلال "التلاعب بالقيمة الحقيقية في أسهمها في البورصة لشرائها بثمن أقل من قيمتها الحقيقية، وهذا فساد واضح".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أنه "رغم عدم تنفيذ عمليات الطرح في 2018 إلا أن الحكومة لم تعلن تخليها عنه، ولا يمكنها ذلك بناء على طلب صندوق النقد الدولي"، ولكنه طالبها في أسوأ الأحوال "بالتريث حتى لا تسقط آخر أوراق التوت عن الحكومة، بل وتتخلى عن الفكرة أصلا".
احتكار الجيش
وشكل احتكار الجيش في مصر للعديد من القطاعات الاقتصادية أهم ملمح في عام 2018، وتحولا دراماتيكيا في امتلاك زمام الاقتصاد المصري من خلال التحكم في جميع مفاصله، وفق الخبير الاقتصادي، مصطفى شاهين.
وأضاف لـ"عربي21": "الجيش أصبح المحتكر رقم واحد في مصر إما بشكل مباشر، أو غير مباشر من خلال رجال أعمال ووسطاء ووكلاء واقتسام العائدات بما يتم التوافق عليه، أو ربما بما يمليه الجيش على الطرف الآخر دون أي توافق".
وانتقد غياب "أي دور رقابي على جميع الشركات سواء المستوردة أو المنتجة ما يشكل انتهاكا خطيرا على حقوق المواطنين، ويفتح الباب أمم احتكار الأسواق، وغلاء الأسعار، ومضاعفة الأرباح على حساب ملايين المواطنين المساكين المعوزين".
وأكد أن "القوات المسلحة هي التي تهيمن الآن على الأجهزة الرقابية، وعلى الاقتصاد المصري، ولا تعتبر نفسها محتكرا؛ لأنها تنظر إلى أنها الدولة، وأنها فوق رجال الأعمال والشركات والرقابة، وأنها تعمل ما تمليه عليها مصالح الدولة وليس مصالح المواطن، وهو أخطر ما في الأمر".
من التعويم إلى التحرير.. نيران الأسعار تكوي المصريين
قبل ذكرى يناير.. حكومة السيسي تلاعب المصريين بمؤشرات "إيجابية"
هل تفعلها مصر وتحجز أرصدة المتهربين من الضرائب؟