نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا، سلطت فيه الضوء على توسع رقعة المظاهرات في السودان، احتجاجا على نظام عمر البشير الذي يترأس السودان منذ سنة 1989، خاصة بعد تضاعف سعر الخبز ثلاث مرات.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المظاهرات لم تكن منظمة في بداية خروج المحتجين السودانيين إلى الشوارع.
وخرجت عدة مسيرات مشابهة في عدد متزايد من المدن وفي جميع أنحاء البلاد، دون أي برنامج مسبق أو تنسيق أو قادة معروفين، للاحتجاج على ارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل الخبز والسكر.
في 18 كانون الأول / ديسمبر، تضاعف سعر "الخبز الدائري"، الذي تستهلكه جميع العائلات السودانية، ثلاث مرات، علما وأنه سبق وأن تضاعف سعره في شهر كانون الثاني / يناير الماضي.
نتيجة لذلك، انطلقت أولى المظاهرات في عطبرة التي تبعد 250 كيلومترا عن شمال العاصمة الخرطوم، في 19 من الشهر الجاري.
وتُمثل هذه المدينة مهد الأنشطة النقابية والشيوعية، وقد تأسست فيها أول نقابة عمالية سودانية في سنة 1946. وعلى غرار بقية مناطق السودان، أصبحت عطبرة تُعاني اليوم من عدة مشاكل.
وبيّنت الصحيفة أنه في غضون أيام قليلة، امتدت الاحتجاجات إلى أكثر من 10 مناطق متوزعة في جميع أنحاء البلاد، وتعددت الشعارات المعادية للسلطة السودانية، وكانت مشابهة لتلك التي رُفعت في احتجاجات "الربيع العربي".
وفي الأثناء، شارك رجال ونساء وأطفال في مظاهرات في دُنقلا في أقصى الشمال، وفي القضارف الواقعة في الشرق؛ وفي الأُبيض في ولاية شمال كردفان. وقد أضرمت النار في مبان تابعة للحزب الحاكم، أي حزب المؤتمر الوطني.
اقرأ أيضا : هل تدعم مصر البشير.. وما تأثير ذلك على احتجاجات السودان؟
وأحالت الصحيفة إلى أن قرار الزيادة في سعر الخبز يندرج ضمن مجموعة القرارات التي أثرت سلبا على السودان في السنوات الأخيرة. ففي سنة 2013، أدى تحرير كل من الأسعار وأسعار الصرف إلى حدوث أول موجة تضخم، نتجت عنها مظاهرات قُمعت بقسوة.
وفي شهر كانون الثاني / يناير من السنة الجارية، أدت سلسلة جديدة من إجراءات التقشف إلى اندلاع أعمال شغب.
أما الشهر الماضي، فقد توجه وفد من صندوق النقد الدولي إلى الخرطوم، لمناقشة بعض التدابير الهادفة إلى استئناف المساعدات المالية الدولية. ومن بين هذه التدابير، نجد رفع الدعم عن المواد الأساسية، على غرار الطحين.
وتطرقت الصحيفة إلى أن النقابات، التي أصبحت خاضعة للنظام، لا تمثل الطرف الذي يحث الحشود على الخروج إلى الشوارع، وعوضا عنها، تولت الرابطة المهنية للسودان، المنظمة الموازية وشديدة السرية، تنظيم التحركات الاحتجاجية.
وتعتبر هذه التحركات وليدة الظروف المعيشية الصعبة، في وقت انخفضت فيه قيمة الجنيه السوداني إلى النصف وتضاعفت بعض الأسعار بثلاث أو خمس مرات على الأقل.
وقد بلغ التضخم 70 بالمائة في نهاية السنة الحالية، الأمر الذي جعل المراقبين يتحدثون عن "انهيار" الاقتصاد.
من جانبهم، يأبى السودانيون سوى مواصلة الخروج إلى الشوارع، حتى مع علمهم بإمكانية التعرض لقمع فظيع تُمارسه وحدات "الأمن الشعبي"، التي تُعتبر ميليشيات خاضعة لسلطة النظام، أو المصالح الاستخباراتية (جهاز الأمن الوطني)، فضلا عن الشرطة.
وتعد موجة الاحتجاجات الحالية الثالثة من نوعها خلال خمس سنوات، بعد أن أخمدت أحداث السنوات السابقة. وخلفت مواجهات سنة 2013 حوالي 200 قتيل، ومئات الإصابات وحالات الاعتقال.
وأفادت الصحيفة بأنه، بعد ستة أيام من التعبئة، سجلت منظمة العفو الدولية 37 حالة وفاة بالفعل "حسب مصادر موثوقة".
ومن جهتها، تحدثت السلطات عن موت 19 شخصا ضمن الحصيلة التي نشرتها يوم الخميس. وسقط معظم الضحايا بسبب إطلاق الرصاص في الشارع، لكن، لم يحل هذا الأمر دون توسع رقعة الاحتجاجات.
اقرأ أيضا : صحيفة سودانية : السعودية والإمارات والموساد متفقون ضدنا
وبناء على تعليمات صدرت عن الرابطة المهنية للسودان يوم الثلاثاء 25 كانون الأول / ديسمبر، كان من المقرر أن تسلك جموع المحتجين في الخرطوم الطريق المؤدية إلى القصر الرئاسي، على ضفاف نهر النيل، إلا أنها لم تنجح في القيام بذلك. والجدير بالذكر أن أحزاب المعارضة تدعم سرا هذه الحركة.
لم يكن عمر البشير موجودا في العاصمة في ذلك الوقت، حيث سافر إلى ولاية الجزيرة، وهي منطقة زراعية مروية يدعم سكانها السلطة بقوة.
في "ودّ مدني"، عاصمة هذه الولاية، قدّم عمر البشير قراءته للوضع في البلاد، مصرحا أن "عملاء (سريّين)، ومرتزقة وخونة" يقفون وراء الأحداث الأخيرة.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن الديون تشل اقتصاد دولة السودان (تجاوزت قيمتها 50 مليار دولار)، الأمر الذي يمنعها من الحصول عن قروض جديدة.
ومع ذلك، في تشرين الأول / أكتوبر المنقضي، رفعت الولايات المتحدة العقوبات التي اعتبرتها الخرطوم مصدر جميع المشاكل التي تمر بها البلاد في البلاد.
وفي محاولة منه لوضع حد للصعوبات التي تشهدها البلاد، واصل عمر البشير الحصول على الأموال من طرف حلفائه من أجل ملء خزائن الدولة.
تلغراف: ما هي دلالات فتح الإمارات لسفارتها في دمشق؟
موقع روسي: موسكو قد تفقد السودان بسبب الاحتجاجات
إندبندنت: هل قام ترامب بإرسال البشير إلى دمشق؟