قال رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان السوداني، ورئيس حزب منبر السلام العادل، الطيب مصطفى، إن "الاحتجاجات التي شهدها السودان مؤخرا انتهت، حيث تم احتواء التظاهرات، وقد تجاوزها النظام الحاكم بشكل ما أو بآخر"، وفق قوله.
ورأى أن "الاحتجاجات الأخيرة كانت مختلفة عن سابقاتها؛ إذ كانت أوسع لأنها شملت عددا من الولايات ولم تقتصر على الخرطوم، وكانت مبررة لأن هناك ضائقة اقتصادية غير مسبوقة حدثت لعوامل عديدة من بينها سياسات وأخطاء فادحة من السلطة".
واستدرك – في تصريحات خاصة لـ"عربي21"- بقوله: "لكن على الناس ألا ينسوا أن السودان مُحاصر من أمريكا بعقوبات صارمة منذ أكثر من عشرين سنة وموضوع حتى الآن على قائمة الإرهاب".
واستشهد "مصطفى" بالأوضاع التي شهدتها إيران وتركيا، قائلا: "رأينا جميعا كيف تعاني إيران الغنية بالبترول من عقوبات أمريكا، وكذلك كيف عانت تركيا القوية لمجرد عقوبات مؤقتة لم تستمر أكثر من شهرين أدت إلى انهيار عملتها الوطنية إلى أن تعافت لاحقا بعد رفع العقوبات المحدودة".
وبسؤاله عن مدى عفوية الاحتجاجات، أجاب: "الاحتجاجات كانت عفوية انفعالا واحتجاجا على الأزمة الاقتصادية الخانقة، ولكن القوى المعادية للنظام وفيها متمردون يرفعون السلاح منذ عقود من الزمان، تسعى لإسقاط النظام بشتى الوسائل حتى ولو كان البديل هو الشيطان الرجيم.
لذلك، حاولوا توظيف الاحتجاجات العفوية وتحركوا مسنودين بدول الترويكا، والاتحاد الأوروبي، وموظفي الإعلام المحلي والإقليمي والعالمي لتحقيق أجندتهم الشريرة"، على حد قوله.
وعن تعامل السلطات السودانية مع الاحتجاجات، أضاف: "لا أستطيع أن أجزم هل كان الضحايا الذين سقطوا بفعل القوات الأمنية التابعة للنظام أم لا؟ لكن ربما يكون بعضهم قُتل جراء بعض التجاوزات، بالرغم من أن القوى والحركات المسلحة المعادية للحكومة أيضا متهمة باستخدام العنف المفرط".
اقرأ أيضا : لوموند: "ربطة خبز" تشعل الاحتجاجات بوجه نظام البشير
وأكد أن "القوى والحركات المسلحة المعادية للنظام استخدموا العنف المفرط وسيلة لإلهاب مشاعر الشارع ولزيادة ضراوة الاحتجاج بغرض إسقاط النظام بانتفاضة شعبية، والدليل على مشاركة هؤلاء في استخدام العنف المفرط مصرع عدد من أفراد قوات الشرطة وإصابة العشرات منهم".
وقال: "لقد ثبت ضلوع بعض المتمردين التابعين لحركة المتمرد عبدالواحد محمد نور، الذي يتخذ من تل أبيب إحدى مقار مكاتبه المنتشرة في بعض العواصم المعادية، في عمليات الحرائق والسلب والنهب، وقد اعترف منسوبوه بذلك بعد أن تدربوا في إسرائيل، ونُشرت اعترافاتهم في وسائل الإعلام".
وأقر بأن تلك الاحتجاجات كانت بمثابة أقوى تحد يواجه الرئيس السوداني عمر البشير منذ تقلده الحكم، مستدركا: "لكن لو عقدتم مقارنة بين المشاركين في هذه الاحتجاجات والذين استقبلوا البشير في مدينة مدني وغيرها بعد اندلاع الاحتجاجات، فإن الفرق شاسع، فقد كان مستقبلوه في كل موقع زاره أضعاف من خرجوا ضده".
وذكر رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان السوداني أن "الضائقة الاقتصادية غير مسبوقة بالفعل، وحاجز الخوف من الخروج والتظاهر قد كُسر، وهذا يمثل تحديا جديدا لم يعهده النظام من قبل".
لكن "مصطفى" في ذات الوقت استبعد سقوط النظام جراء تلك الاحتجاجات ذلك أن الرئيس البشير مسنود برأيه من "الجيش والقوات النظامية الأخرى، وكل الثورات السابقة (ثورة أكتوبر 1964، وانتفاضة أبريل 1985) لم تنجح إلا بعد انحياز الجيش لها، فضلا عن أن النظام يستند على خبرة كبيرة في التصدي لمن يسعون إلى إسقاطه".
ورفض رئيس حزب منبر السلام العادل بشدة دعوات إسقاط النظام، قائلا: "من الغباء أن يقفز المرء في الظلام أو في المجهول، ومن الخطأ السياسي الفادح أن ترفع شعار إسقاط النظام حتى لو كان البديل هو الشيطان الرجيم".
وتابع: "ما حدث في سوريا هو بعينه أحد سيناريوهات البديل الشيطاني، فقد أعلن الثوار الحرب على بشار الأسد ورفضوا عرضه للتفاوض فماذا كانت النتيجة؟ كذلك أُعلنت أمريكا وحلفاؤها العرب الحرب على صدام حسين وأسقطوه فماذا كانت النتيجة؟ لقد عض العرب من حلفاء أمريكا أصابع الندم بعد أن رأوا المآلات الكارثية على العراق وعليهم جميعا".
وأردف مصطفى: "الآن عاد بشار قويا بعد أن تغيرت موازين القوى بعد التدخل الروسي بعد أن دُمرت سوريا وقُتل أعداد كبيرة من أفراد شعبها وشُردوا في المنافي، وهاجرت إلينا في السودان حرائر وأطفال سوريا بالآلاف ورجعت سوريا للأسف عشرات السنين إلى الوراء".
اقرا أيضا : استمرار تظاهرات السودان.. وإطلاق رصاص بالخرطوم (شاهد)
وأضاف: "اعترف لي أحد قيادات الثورة السورية بعد أن رأوا ما حل بسوريا جراء تعنتهم بأنهم لو استقبلوا من أمرهم ما استدبروا لقبلوا التفاوض الذي عرضه بشار في بداية الثورة السورية، ولما تسببوا في الكارثة التي حلت ببلادهم.
وكذلك فقد العرب صدام حسين، وانتهى العراق إلى الحال البائس الذي يرزح تحته الآن ممزقا ضعيفا مُستعمرا من إيران وأمريكا مُقسما إلى طوائف متنازعة، وخسر العرب وكسبت إسرائيل".
وأوضح أن "السياسة هي فن الممكن وما لا يدرك كله لا يترك جله، ولذلك على السياسيين أن ينظروا بعيدا لا تحت أقدامهم، وأن يتجاوزوا مرارتهم الشخصية في سبيل تجنيب بلادهم وشعوبهم الكوارث بدلا من الانخداع بمؤامرات أعدائهم الاستراتيجيين الذين لطالما خادعوهم منذ سايكس بيكو بل قبل ذلك".
واستطرد الطيب مصطفى قائلا: "السعيد هو من يتعظ بغيره. من يسعون لإسقاط النظام في الخارج هم أعداء السودان، ومنهم إسرائيل، وهذا موثق ومعلوم"، حسبما قال.
وتابع: "لقد اتفقت القوى السياسية بعد حوار طويل على خارطة طريق، وستُجرى الانتخابات وفقا لمخرجات الحوار في 2020، أي بعد نحو عام واحد، فلماذا نختار المجهول بديلا لمعلوم متفق عليه؟وبموجب تلك الانتخابات سنجنب بلادنا مصير الصومال وسوريا والعراق إن شاء الله".
وأكد أن ما وصفه بسر عداء أمريكا للسودان يكمن في إسرائيل، لافتا إلى أن "السودان ظل وفيا للقضية الفلسطينية وللمقاومة الفلسطينية، ولو طبّع العلاقات مع أمريكا مثلما فعل كثير من المنبطحين العرب لرفعت العقوبات منذ سنوات".
ونوه إلى أن ما وصفها بالضغوط الإقليمية والدولية على السودان "قديمة ومستمرة، لكن يُحمد للرئيس عمر البشير شخصيا صموده في مواجهة تلك الضغوط وانحيازه إلى الحق الفلسطيني".
وقال: "العجيب أن السودان يحمي بعض حكام دول الجوار، ويفديهم بدماء أبنائه، ويشارك في عاصفة الحزم، ولكن هؤلاء لا يكترثون لمعاناة شعبه، ولا يقدرون مواقفه رغم علمهم بآثار الحصار والمقاطعة الأمريكية، ولا يوجهون مصارفهم للتعامل مع مصارف السودان حتى بعد رفع العقوبات الأمريكية التي رُفعت - قرارا في الورق - ولم تُرفع حقيقة.
بل ربما يكون هؤلاء جزءا من المؤامرة جراء عدائهم التاريخي للإسلاميين، مما رأيناه في دعمهم للانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي ومؤامرة الانقلاب الفاشل على أردوغان والعداء لحزب الإصلاح في اليمن، وكذلك موقفهم المساند لحفتر في ليبيا".
واستثنى دولة قطر مما وصفها بالمؤامرة التي تُحاك ضد السودان، حيث قال إن "الدوحة تعاطفت مع السودان بعد الاضطرابات الأخيرة بالرغم من أنه لم يقدم لها شيئا، لكنها ساندته تقديرا لمواقفه المبدئية من القضية الفلسطينية والرافضة لصفقة القرن ولسايكس بيكو الجديدة ولوعد ترمب الذي دشن - ويا للعجب - في 2017 أي بعد مئة عام من وعد بلفور في 1917".
كما استثنى رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان السوداني دولة تركيا التي أكد أنها "أدركت حجم المؤامرة المحلية والدولية على السودان، وأصدرت بيانا مساندا له، ومقارنا ما يحدث في السودان بما ظلت تتعرض له تركيا من مؤامرات ومكايدات تشبه ما حدث في مصر".
بماذا علق النشطاء على اعتقال صحفيين بالسودان بعد إضرابهم؟
ما الذي يريده محتجو السودان؟.. تعرف على أبرز الشعارات
تصاعد القمع ضد المحتجين بالسودان لليوم السابع يثير النشطاء