ما زالت تداعيات افتتاح مكتب للمعارضة البحرينية في بغداد، تأخذ صداها في دول الخليج، فبعد غضب البحرين نفسها من هذه الخطوة واعتبارها تدخلا بالشأن الداخلي، وصفتها الإمارات بـ"السابقة الخطيرة"، مطالبة العراق باحترام سيادة الدول.
ولعل التساؤلات المطروحة، هي: ما الهدف من قبول العراق بإيواء المعارضة البحرينية؟ وهل وضعه الحالي يسمح له بذلك؟ وإلى أي مدى يمكن أن تعيد هذه الخطوة التوتر لعلاقته مع دول الخليج بعد تحسن كبير شهدته مؤخرا.
وفي حديث لـ"عربي21" قال المحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي إن "هكذا أمور يتم تجاوزها بالإهمال، لأن المكتب لم يأخذ التصاريح الرسمية بعد، ووجوده حاليا هو كمنظمة لجمع التبرعات وإدارة الأمور الثقافية والسياحة الدينية".
اقرأ أيضا: الإمارات تدعو العراق لاحترام البحرين بعد "سابقة خطيرة"
وأضاف الهاشمي أنه "حتى هذه الساعة لم يأخذ المكتب شكل ما يعرف بمكاتب المعارضة السياسية أو ذات الطابع العنفي، ولا تزال التصاريح الرسمية لم تكتمل كونها منظمة، وذلك قد يستغرق من ثلاثة إلى ستة أشهر".
ورأى أنه "من المبكر إعلان المكتب أنه للمعارضة السياسية أو معارضة من نوع آخر في بغداد".
وبخصوص ما إذا كان وضع العراق الحالي يسمح لاستضافة معارضة سياسية خليجية، بيّن الهاشمي أن "فتح مكتب للمعارضين البحرينيين السياسيين في بغداد، سيساعد العراق بأن يكون وسيطا في تفاهمات بين البحرانيين".
وأوضح: "لو قبل العراق بوجود معارضة سياسية، فإنه يقبل بشرط أنه يكون الوسيط في تفاهمات وحوارات في حلحلة المشاكل البينية بين البحرينيين أنفسهم، وبين هذه الفئة من البحرينيين مع دول خليجية أخرى".
ودعا وزير الدولة للشؤون الخارجية الإمارتي أنور قرقاش، أمس السبت، العراق إلى احترام سيادة البحرين وعدم التدخل في الشأن السياسي الداخلي.
وقال قرقاش في تغريدة على "تويتر" إن "تأسيس مكتب (ائتلاف شباب 14 فبراير في البحرين) في بغداد مستنكر ويمثل سابقة خطيرة في التدخل في الشؤون الداخلية".
وأضاف: "نقف مع البحرين في رفضها لشرعنة الائتلاف الذي سعى عبر العنف لتقويض أمنها. قاعدة احترام السيادة ورفض التدخل في الشأن الداخلي أساسية في العمل العربي".
أمر يدبر بليل
من جهته، قال الكاتب البحريني فريد أحمد حسن في مقال بصحيفة "الوطن" البحرينية، اطلعت عليه "عربي21" إن "ما حدث في بغداد، السبت الماضي، يؤكد أن أمرا يدبر بليل، وأن هذا الأمر امتداد لأمر آخر كان قد دبر بليل سبق السنوات السبع الأخيرة".
وأضاف أن "إعلان تلك المجموعة عن فتح مكاتب سياسية لها في بيروت -وأكيد في بغداد وطهران- يؤكد أن هذه العواصم اشتركت في الذي جرى في فبراير 2011 في البحرين وأنها هي الداعم الأساس لتلك المجموعة، حيث القصة لا يمكن أخذها من باب توفر الحريات في تلك العواصم".
وأردف حسن: "بيروت تعني (حزب الله ونصر الله)، وبغداد تعني (الدولة والمالكي)، وطهران تعني (خامنئي وكل الملالي)، وكل هذا يعني أن لهذه العواصم مصالح تريد أن تحققها من خلال تلك المجموعة المصنفة كمجموعة إرهابية، ويعني أنها وفرت وتوفر لها كل احتياجاتها وكل ما تعتقد أنه يمكن أن يعينها على تحقيق أهداف المجموعة، وأهدافها".
وأشار إلى أن "وضع علم العراق في المؤتمر عند المنصة التي ألقى منها نوري المالكي كلمته التي تطاول بها على البحرين وحرض يعني أموراً ينبغي عدم الاكتفاء إزاءها باستدعاء القائم بالأعمال العراقي، كما أنه لا يكفي إصدار بيان عن الذي حصل والتنبيه إلى احتمال تأثر العلاقات بين البلدين".
وتابع الكاتب البحريني بأن "ما حصل ليس أمرا يسهل تجاوزه خصوصا أنه بدا وكأن العراق وليس المالكي وحده هو الداعم والمؤيد لتلك المجموعة التي هي في النزع الأخير، سواء بعقد المؤتمر في بغداد وفي فندق الرشيد الذي يعتبر أحد معالمها أو بوضع علم العراق عند المنصة أو بتحشيد العشائر أو بمقارنة حياة البحرين بحكم حزب البعث".
اقرأ أيضا: البحرين تستدعي القائم بأعمال العراق بعد تصريحات للمالكي
وفي الأسبوع الماضي، وصل فيه زعيم المعارضة البحرينية الشيخ قاسم عيسى إلى مدينة النجف العراقية والتقى بالمرجع الشيعي علي السيستاني وزعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي.
وأقيمت، الأحد الماضي، احتفالية افتتاح "مكتب ائتلاف شباب 14 فبراير في البحرين" في بغداد، حضرها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الذي أدلى بتصريحات أثارت غضب السلطات البحرينية.
وقال المالكي في كلمة له بالمناسبة إن "المنامة استعانت بفدائيي صدام لقمع الاحتجاجات"، متهما الحكومة البحرينية بـ"اللجوء إلى العنف والتمييز والتهميش ضد الشيعة"، لافتا إلى أن "ذلك قد يجر البلاد إلى العنف".
وردت البحرين على هذه التصريحات باستدعاء القائم بالأعمال العراقي، الاثنين، نهاد رجب عسكر، حيث أبلغه وكيل وزارة الخارجية البحرينية وحيد مبارك سيار بـ"استنكاره واستهجانه الشديدين لتصريحات المالكي، التي تمثل تدخلا سافرا ومرفوضا في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين".
وشدد سيار على أن "هذه التصريحات غير المسؤولة تمثل خرقا واضحا للمواثيق ومبادئ القانون الدولي الداعية لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتتناقض تماما وتشكل إساءة إلى طبيعة العلاقات الأخوية بين البحرين والعراق، وتعرقل المساعي الحثيثة التي يقوم بها البلدان لتعزيز هذه العلاقات على المستويات كافة".
الإمارات تدعو العراق لاحترام البحرين بعد "سابقة خطيرة"
تحديات تواجه عبد المهدي لإدارة الدولة العراقية.. هذه خياراته
المالكي يوضح مقصده من تصريحاته التي أغضبت البحرين