نشر موقع مجلة "نيويوركر" مقالا للكاتبة روبن رايت، تقول فيه إن الرقابة التي مارستها شركة البث الحي "نتفليكس" تعني أن المال أهم من جريمة القتل.
وتتساءل رايت في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، قائلة: "بماذا كانت (نتفليكس) تفكر عندما خنعت للضغط السعودي وحذفت حلقة لبرنامج حسن منهاج الجديد (باتريوت آكت/ عمل وطني)، الذي احتوى على مونولوج انتقد فيه أميرا سعوديا؟ فمونولوج منهاج لم يكن رائدا، أو نتاج تداعيات في ظل الغضب الدولي على اغتيال جمال خاشقجي، المعلق في صحيفة (واشنطن بوست) على يد فرقة موت في القنصلية السعودية في إسطنبول".
وتشير الكاتبة إلى أن الكونغرس الأمريكي أصدر الشهر الماضي قرارا بالإجماع يحمل الأمير محمد بن سلمان مسؤولية قتل الصحافي، فيما توصلت المخابرات الأمريكية "سي آي إيه" بـ"ثقة عالية"، إلى أن الأمير، وهو الحاكم الفعلي للسعودية، هو من أمر بالجريمة، لافتة إلى أن الحكومة التركية سربت تسجيلات وثقت اللحظات الأخيرة للصحافي في القنصلية في اسطنبول، وأصوات فظيعة لمنشار عظام أثناء تقطيع جثة خاشقجي، فشجب السياسيون وصفحات الرأي في الصحف في أنحاء العالم كله القيادة السعودية على الجريمة الشنيعة.
وتلفت رايت إلى أن منهاج تحدث في الحلقة الثانية من مونولوجه ساخرا: "قبل أشهر قليلة، اعتبر ولي العهد محمد بن سلمان المعروف بـ(أم بي أس) مصلحا يحتاجه العالم العربي، ولم أكن أتخيل ما قاله الجميع أنه لا، ليس مصلحا إلا بعد مقتل خاشقجي. وفي الوقت ذاته، كل مسلم كما تعرفون يعلم، أنه ولي عهد السعودية"، وأضاف: "الشيء الوحيد الذي يقوم بعمله هو تحديث الديكتاتورية السعودية".
وتعلق الكاتبة قائلة إن "السعودية التي تحاول السيطرة على الأضرار وإصلاح وتأهيل سمعة ولي العهد، فقد أخبرت (نتفليكس) أن الحلقة تخرق مبادئ قانون الجرائم الإلكترونية الغامض، وينص القانون على أن (إنتاج وتحضير وبث أو تخزين مواد تخرق النظام العام والمبادئ الدينية والأخلاق العامة والخصوصية) هو جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن خمسة أعوام وغرامة باهظة، وقد استخدم القانون في معاقبة المعارضين والمدونين والناشطين الذين وضعوا أفلام فيديو والصور، وقاموا بحملات على الإنترنت، بحسب منظمة (أمنستي إنترناشونال)، وعلى ما يبدو فقد خافت شركة (نتفليكس) من التحذير، وقامت في الأسبوع الماضي بحذف الحلقة طوعا في إسكتش منهاج المعد للبث المحلي".
وتذكر رايت أن شركة البث الحي حاولت الدفاع عن قرارها، وقالت في بيان: "ندافع وبقوة عن الحرية الفنية، وقمنا بحذف هذه الحلقة فقط في السعودية، بعدما تلقينا طلبا قانونيا شرعيا من الحكومة بضرورة الالتزام بالقانون المحلي"، مشيرة إلى أن الحلقة لا تزال متوفرة في الأماكن التي تبث فيها الشركة كلها، و"من المفارقة أنها متوفرة على (يوتيوب) في السعودية".
وتعلق الكاتبة قائلة إن "قرار الشركة مثل النظام السعودي ذاته، يشتم منه رائحة تقديم الأولوية للمال على القتل الفاجر، وهو يقدم سابقة بتداعيات أبعد من مجرد عرض لا تتجاوز مدته نصف ساعة، عرض في 28 تشرين الأول/ أكتوبر، ونسي لولا هذا الجدل مع السعودية".
وترى رايت أن "هذه الأزمة تعكس التوترات بين منابر الإنترنت الدولية، التي تمحو الحدود، ولا تستطيع الدول المستبدة بالمال والوسائل القانونية تقييد الحرية داخل حدودها، وفي حالة منهاج فقد تخلت (نتفليكس) عن سيطرتها التحريرية على المحتوى لنظام مستبد".
وينقل الموقع عن مديرة الشرق الأوسط في منظمة "أمنستي إنترناشونال" سماح حديد، قولها: "(نتفليكس) في خطر تسهيل سياسة عدم التسامح ضد حرية التعبير، ودعم السلطات لمنع الناس من الحصول بحرية على المعلومات".
وتقول الكاتبة إن السعودية بعدد سكانها الصغير ليست مهمة لبث "نتفليكس" التي لديها 37 مليون مشترك حول العالم.
وتعتقد رايت أن قرار الشركة الخنوع للرقابة خطير، ويعد سابقة ذات آثار بعيدة، ويمكن أن يستغل في اماكن أخرى، لافتة إلى أن المدير التنفيذي لمنظمة "بن/ القلم" الأمريكية سومر لوبز، حذر يوم الأربعاء، قائلا: "تواجه الشركات العالمية وضعا مهما وصعبا لرفض أي طلب يدعو إلى الرقابة على حرية التعبير، والفشل في عمل هذا يعني شرعنة للاضطهاد".
وتنوه الكاتبة إلى أنه من الناحية الدولية، فإن موقع السعودية في قائمة "صحافيون بلا حدود" هو 169 من بين 180 دولة في مجال حرية التعبير.
وترى رايت أن "فعل (نتفليكس) يضعف أقوى وسيلة لأمريكا يمكن أن تنشر فيها قيمها وثقافتها حول العالم، ففي محاور الاستبداد والحروب التي قمت بتغطيتها لنصف قرن تقريبا، فإن القوة الناعمة على شكل الأفلام الأمريكية والبرامج التلفزيونية والموسيقى والأدب، وحتى كتب الطعام، كانت مهمة في تغذية التغيير".
وتشير الكاتبة إلى زيارتها في نهاية السبعينيات من القرن الماضي لناد سري في جنوب أفريقيا، حيث عرض فيه فيلم "احزر من سيأتي للعشاء هذه الليلة"، يتحدث عن شخصين من عرقين مختلفين، يحاولان إقناع والديهما بالسماح لهما بالزواج، في وقت كانت تشهد فيه جنوب أفريقيا حربا ضد التمييز العنصري.
وتفيد رايت بأنه في أثناء الحرب الأهلية اللبنانية توقف القتال لمشاهدة دراما "دالاس" الأمريكية، حيث عرفت الفترة التي كانت تشاهد فيها الحلقات بوقف دالاس للنار، فيما لم تستطع إيران السيطرة على انتشار اللاقطات الفضائية التي تبث برامج "سي أن أن" و"بي بي سي"، وبرامج اوبرا وينفري.
وبحسب الموقع، فإن الكاتبة التقت في أثناء الربيع العربي بشابة مصرية ترجمت "قصة مونتغمري"، التي ألفها مارتن لوثر كينغ جونيور، حيث وزعتها على المتظاهرين في ميدان التحرير.
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن "قرار (نتفليكس) يحمل مفارقة، وهو أن منهاج مسلم، وهو أحد من جيل جديد من الكوميديين المسلمين الأمريكيين، وولد في كاليفورنيا لعائلة هاجرت من الهند".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
وايرد: خنوع NETFLIX للسعودية ليس مفاجئا ولن يكون الأخير
النص الكامل لتحقيق نيويورك تايمز عن علاقة كوشنر بابن سلمان
إغناتيوس يكشف معلومات مثيرة عن حرب معلومات أدت لقتل خاشقجي