أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقيه محمد، قرب إطلاق جواز
سفر موحد يتيح حرية السفر للمواطنين الأفارقة حول القارة بأكملها، ودخول أي دولة
من 54 دولة (الأعضاء في الاتحاد الأفريقي) من دون تأشيرات.
وأشار
فقيه، في تصريحات صحفية، إلى إن الدورة العادية الـ32 لمؤتمر الاتحاد الأفريقي،
التي ستعقد في شباط/ فبراير المقبل بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ستشهد عرض بعض
التفاصيل الجديدة مثل تصميم وإنتاج وإصدار
جواز السفر؛ تمهيدا لاعتماده من قبل
قادة القارة، مضيفا أن الخطوة ستجعل الحلم الذي طال انتظاره أقرب إلى الواقع، من أجل
"حرية تنقل كاملة عبر القارة بأكملها دون مواجهة أي عوائق، كما هو الحال في
الاتحاد الأوروبي.
ورغم
ما يحمله هذا الجواز من فرص لأكثر من مليار مواطن أفريقي للتنقل بحرية بين دول
القارة، إلا أن هذا الحلم يصطدم بمخاوف سياسية وأمنية واقتصادية لعدد من الدول،
على رأسها الدول الأفريقية الكبرى.
مخاوف
الدول الكبرى
وسجلت
بعض الدول تحفظات على مشروع الجواز الأفريقي، أبرزها نيجيريا وجنوب
أفريقيا ومصر
والمغرب والجزائر، وهي من كبار المساهمين في ميزانية الاتحاد، وطالبت بمزيد من
الدراسة لتأثير هذا الجواز على أمن الدول، والتحديات التي ستواجه تطبيقه لاتخاذ
قرار بتنفيذ الفكرة، بحسب تقارير صحفية.
وتتخوف
هذه الدول من استقبالها تدفقات بشرية كبيرة، خاصة من البلدان التي تعاني من الحروب
والمجاعات، أو من الدول التي تعاني ظروفا اقتصادية صعبة.
ولن
يتم إصدار هذا الجواز الموحد إلا بموافقة الدول الأعضاء بالاتحاد الأفريقي، ولا
يعرف -حتى الآن- مدى توافقها على هذه الخطوة، بحسب مراقبين.
وأطلق
الاتحاد الأفريقي، خلال الدورة العادية الـ 27 لرؤساء دول الاتحاد بالعاصمة
الرواندية كيجالي في تموز/ يوليو 2016، مشروع جواز السفر الأفريقي الموحد، بوصفه
أول نواة للتكامل القاري، وتم منحه في المرحلة الأولى لرؤساء الدول والحكومات
ووزراء الخارجية، إضافة إلى الممثلين الدائمين للدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي.
وكان
الاتحاد اتخذ مسبقا خطوات تدريجية للوصول إلى إلغاء جميع الحواجز والتأشيرات التي
تعترض
تنقلات الأفارقة داخل قارتهم، وفق أجندة 2063، التي ترى أن جواز السفر
الموحد أمر ضروري من أجل تحقيق هذا الهدف.
ودشنت
إثيوبيا هذه التحركات في تشرين ثان/ نوفمبر الماضي، بإعلانها منح تأشيرات الدخول
لمواطني الدول الأفريقية عند الوصول إليها، تبعتها بعد ذلك رواندا وغانا وسيشل.
"مفيد لمصر أمنيا"
ورحب
خبراء أمنيون مصريون بهذه الخطوة، حيث قال وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق عضو المجلس
القومي لمكافحة الإرهاب، اللواء فؤاد علام، إن جواز السفر الأفريقي الموحد أمر جيد
ستستفيد منه مصر، موضحا أن هذه الفكرة في حال تنفيذها لن يكون هناك أي خطورة أمنية
على البلاد.
وأضاف
علام، في تصريحات صحفية، أن جواز السفر الأفريقي الموحد سيمكن مصر من معرفة بيانات
كل المواطنين الأفارقة القادمين والخارجين من البلاد؛ لأنه سيتيح بيانات أي مواطن أفريقي
لأي دولة أفريقية ترغب في الاستفسار عنه، مثلما يحدث في فيزا "الشينجن"
المطبقة بين دول الاتحاد الأوروبي".
من
جانبه، توقع الخبير الأمني وعضو المجلس المصري لمكافحة الإرهاب، العميد خالد عكاشة،
أن يستغرق مقترح جواز السفر الأفريقي الموحد سنوات لمناقشته.
وأضاف
عكاشة أن هناك صياغات وبروتوكولات يناقشها الاتحاد الأفريقي فيما يتعلق بحرية
التنقل أسهل في تنفيذها من فكرة الجواز الموحد الذي يستلزم تنفيذه موافقة جميع
الدول الأعضاء، البالغ عددها 54 دولة.
صعوبات
كثيرة
وتعليقا
على هذه الخطوة، قال الخبير الاقتصادي محمد الهواري إن الجواز الأفريقي يمثل أولى
لبنات التكامل اقتصاديا وسياسيا بين دول القارة، حيث يحمل العديد من الإيجابيات،
من بينها تسهيل حرية التنقل بين دول القارة، الأمر الذي سينعكس على تحفيز حركة
السياحة، والنمو الاقتصادي، وتعزيز الحركة التجارية، تمهيدا لإنشاء سوق اقتصادية
مشتركة.
وحول
قابلية هذه الفكرة للتطبيق بين الدول الأفريقية قريبا، أوضح الهواري، في تصريحات
لـ"عربي21"، أنها ستواجه صعوبات كثيرة حتى تظهر إلى النور وتصبح واقعا
في القارة الأفريقية، التي تختلف اختلافا شاسعا عن القارة الأوربية التي نجحت في
تطبيق فيزا شينجن بينها منذ سنوات طويلة.
وأشار
إلى أن المعارضة الحقيقية ستأتي من الدول المتقدمة في القارة، والتي تساهم بالنسبة
الأكبر في ميزانية الاتحاد الأفريقي، بسبب مخاوفها من تأثرها سلبيا بهذا الانفتاح،
لكنه شدد على أن تلك المخاوف مبالغ فيها، ويمكن التغلب عليها بسهولة بالتنسيق
المتبادل مع الدول الأفريقية، والاتفاق على آليات تنظم حرية التنقل بما لا يضر
بمصالح أي بلد.
وأشار
إلى أن مصر ستستفيد من هذه الخطوة، عبر زيادة اندماجها مع دول القارة، وتعزيز
استماراتها وتجارتها مع الدول الأفريقية التي تعدّ سوقا هائلة للبضائع المصرية،
فضلا عن زيادة أعداد السياح الأفارقة الوافدين إلى مصر.