لجأ النظام السوداني في وقت مبكر منذ اندلاع الاحتجاجات، في الـ19 من الشهر الماضي، إلى استخدام السلاح لمواجهتها، وسقط خلال شهر واحد 26 قتيلا، وفقا لإعلانات رسمية، في ظل حديث لمنظمات حقوقية عن وصول العدد إلى 40 قتيلا.
وشهدت المسيرات، التي خرجت في الخرطوم والعديد من الولايات السودانية، قيام أجهزة الأمن بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، على الرغم من الطابع السلمي الذي تبدو عليه الاحتجاجات حتى الآن، وفق العديد من التقارير.
اقرأ أيضا: الصادق المهدي يهاجم قتل متظاهري السودان وتحقيق البشير
ومنذ الخميس الماضي، سقط 3 متظاهرين قتلى برصاص الأمن السوداني، أحدهم طبيب، خلال تظاهرات في منطقة بري بالعاصمة الخرطوم، رغم عدم ورود أي تقارير عن رفع أي متظاهر للسلاح بوجه الأمن.
ووصل الأمر -بحسب نشطاء سودانيين- إلى إطلاق النار على المشيعين في جنازة المحتج معاوية بشير، الذي قتل الخميس خلال تظاهرات بري بالخرطوم، في الوقت الذي نفى فيه المتحدث باسم الشرطة السودانية، هاشم علي عبدالرحيم، استخدام قوات الأمن للرصاص لتفريق المتظاهرين، مشيرا إلى أنها استخدمت فقط الغاز المسيل.
أنظمة شمولية
السياسي المصري أسامه سليمان، قال إن الأنظمة "ذات الخلفية العسكرية بشكل عام تعتبر أن من حقها استخدام القوة لإحكام قبضتها على الأوضاع، ولو كان ذلك بشكل مخالف للدستور".
وأوضح سليمان لـ"عربي21" أن أنظمة الحكم الشمولية "جلست في الحكم عشرات السنوات، واستثمرت دول كثيرة في جيوشها لممارسة سلطة الحديد والنار على شعوبها، لذلك لن يدين أحد أفعالها، وهي بالمقابل ترى أن يدها مطلقة لقمع أي احتجاج".
وأضاف: "ولاء المؤسسات العسكرية والشرطية يكون مطلقا للأنظمة الحاكمة؛ لأنها جاءت من الخلفية ذاتها، وهي لا تملك سوى السمع والطاعة لأوامر القتل التي تصدر إليها، وهذا رآه الجميع في اعتصام رابعة بمصر، وفي مجازر سوريا وليبيا، وغيرها من دول الثورات العربية، وهو ما يجري الآن في السودان".
اقرأ أيضا: البشير: شعوب الربيع العربي يعيش جزء كبير منهم بالسودان
ولفت سليمان إلى أن "الأنظمة العربية تدرك أن زوالها من السلطة يعني تعليقها على المشانق في اليوم التالي؛ لأن الانتهاكات التي ارتكبتها تكفي لإعدامهم مئة مرة بدل مرة واحدة، ولا خيار أمامها سوى القتل، في ظل غياب المحاسبة".
وشدد على أن النظام الذي يأتي بإرادة شعبية "لا يقدم على ما تفعله الأنظمة بشعوبها، حتى لو احتجت كما يحصل في السودان، لكن نحن نتحدث عن أنظمة جاءت بانقلابات عسكرية، وتفعل ما تريده؛ بسبب الانفصال الكامل بينها وبين الشعوب".
إفلات من العقاب
من جانبه، قال عضو حزب المؤتمر الشعبي السوداني، صديق محمد عثمان، إن "فكرة الإفلات من العقاب هي ما تدفع النظام في السودان لقتل المتظاهرين، كما فعلت أنظمة عربية من قبل".
وقال عثمان لـ"عربي21" إن النظام السوداني "ليس غبيا كما يحاول البعض تصويره، بل إنه يدرك نتائج الربيع العربي، وفي الوقت الذي تدفع فيه بعض القوى الشباب التواقين للتغيير يقدم على قمعهم بالقوة".
وأضاف: "النظام وحتى بعض القوى السودانية المعارضة له تدرك أن الشباب في الشوارع لن يكونوا الجهة التي تغير الوضع؛ لأنهم لا يملكون الأدوات السياسية الكافية لصناعة التغيير، ونحن أمام أنظمة راسخة خلقت مصالح اقتصادية وكتلة مركزية إدارية من الصعب تجاوزها؛ لذلك تلجأ للقمع بالقوة دون حساب".
وتابع عثمان: "النظام مطمئن، ويستخدم العنف، ولو اندفع الناس لحافة الهاوية؛ لأن مفاتيح الوضع بيده، ولن يحدث تغيير"، وفق رأيه.
ورأى أن النظام السوداني "فكك على مدار 30 عاما الكثير من البنية التحتية للهيئات والنقابات، في ظل غياب القوى السياسية أو تغييب نفسها نتيجة الخروج من البلاد، وبالتالي فلا يوجد مواجهة حقيقية له من خارج صفوفه".
وتساءل: "ما البديل للنظام في حال تهاوى، في ظل أنه لا يوجد حتى من يسند الهيئات والمؤسسات لو حصل مجرد إضراب في الدولة؟" مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه (النظام) "يعلم أن صراعه ليس مع قوى سياسية معارضة، ولكن مع أطراف داخل جسده، والنزاع سيكون بين أطراف النظام على ولاء الأمن والجيش".
اقرأ أيضا: لجنة سودانية معارضة تعتذر عن "الخطأ" بإعلان مقتل محتج
نشطاء يقارنون بين غزة والجيش المصري بالتعامل مع الصيادين
هل الإسلاميون يحذرون حقا من الثورة على البشير؟
مناورات عسكرية للبوليساريو تستنفر جيش المغرب