نشرت صحيفة "التايمز" مقالا للكاتب روجر بويز، يقول فيه إن بكين تدعم الأنظمة الفاسدة، لكن من مصلحتها دعم ديمقراطية مستقرة.
ويبدأ الكاتب مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول إن أفريقيا خذلها زعماؤها، وعندما أكره روبرت موغابي على مغادرة منصب الرئاسة كان هناك توقع في الغرب بأن زمبابوي كانت على وشك انعطافة تنهي انحدارها في الفوضى.
ويستدرك بويز بأن "المحتجين المعاقبين اليوم، والاعتقالات الجماعية، وتوقف الإنترنت، كلها تروي قصة أخرى، وعلى مستوى القارة، وحتى في الدول ذات الوزن الثقيل فيها، مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا، اللتين لديهما انتخابات مهمة هذا العام، فإن هناك شعورا بأن أي زعيم يعد بالديمقراطية أو يتحدث عنها إما أن يكون مغرورا أو فاسدا".
ويرى الكاتب أن "فكرة أن في كل دولة أفريقية نيلسون مانديلا إن أمعنا النظر فيها فإنها باتت فكرة فاشلة، بالإضافة إلى أنه لم تعد هناك مصداقية كبيرة للماركة الأفريقية الرائجة التي تختزل القارة إلى معادلة بسيطة هي: قيادة كاريزمية + نمو سريع = ازدهار".
ويقول بويز: "يمكنك أن تجد مديري استثمار يحتجون بأن أفريقيا، برأسمالها البشري ومواردها الطبيعية وقاعدتها الاستهلاكية المتمددة، ستصبح صينا جديدة، هؤلاء قاموا بدراسة الديمغرافية، فمع حلول عام 2034 سيفوق عدد السكان في سن العمل في أفريقيا نظراءهم في الصين والهند، ويمكن للقارة أن تصبح مركزا صناعيا، لكن هذا لن يحصل حتى يتم كسر النموذج السيئ للحكم".
ويشير الكاتب إلى أنه "في زمبابوي لم ينجح التخلص من موغابي، فالرجل الذي تسلم الرئاسة بعده، وهو أميرسون منانغاغوا، كان جزءا من نظام موغابي الدكتاتوري، والرجل الذي مكن منانغاغوا من خلافة موغابي، وهو الجنرال قنسطنطينو تشيوينغا، الذي هو نائبه الآن، هو من يشرف على القمع، ووعد الرئيس بعد انتقادات دولية كثيرة بأنه ستكون هناك إقالات، لكن يمكن الرهان على أنه لن يجرؤ على إقالة نائبه".
ويلفت بويز إلى أن "الجنرال تشيوينغا، الذي وصل إلى بكين قبل فترة قصيرة من الانقلاب على موغابي عام 2017، هو قناة الاتصال الرئيسية مع زمبابوي، وكانت الصين قد مولت موغابي خلال حرب الغابة الروديسية عام 1979، وكان منانغاغوا قد تلقى التدريب العسكري في الصين في ستينيات القرن الماضي، لكن لا شيء من هذا أهله للتعامل مع تحديات التضخم ونقص السلع والاضطرابات الاجتماعية".
ويجد الكاتب أن "الصين، التي تعد أكبر مستثمر أجنبي في أفريقيا، تزيد من مشكلات القارة بدلا من حلها، فهي تتحالف مع المحاربين القدامى في حرب الاستقلال -في زمبابوي وناميبيا وغيرهما- وتفضل مؤسساتهم الأمنية، ولا تفرض شروطا صعبة لتقديم مساعداتها، ولا تطالب بالشفافية أو احترام المعارضة الديمقراطية".
ويبين بويز أن "الحكم الضعيف وأفريقيا المقسمة يعملان لصالحها، ويوفران لها الوصول لصناعات الاستخراج التي تريد، بالإضافة إلى أن الديون التي تتراكم جراء الاستثمارات الصينية في البنية التحتية والمبالغ فيها عادة تساعد على توسيع النفوذ الاستعماري الجديد للصين".
وينوه الكاتب إلى أن "البلدين اللذين كانا الأكثر مقاومة لما يمكن تسميته بدبلوماسية (طريق الحرير والسيف)، هما أكبر ديمقراطيتين في القارة: نيجيريا وجنوب أفريقيا، ومع ذلك فإن زعماء تلك الدولتين وجدوا أنفسهم يعانون في الإمساك بأجندتهم السياسية".
ويقول بويز إن "الصين تبقي عينيها مفتوحتين على الرئيس بخاري في نيجيريا، إن كان سيفوز في انتخابات الشهر القادم، وإن كان أداء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي سيكون ضعيفا كما هو متوقع في انتخابات جنوب أفريقيا في وقت لاحق من هذا العام، فقد ورث الرئيس سيريل رامفوسا حزبا مسمما بعد قيادة جاكوب زوما، والاقتصاد في حالة تراجع، والمستثمرون الأجانب مترددون ما دام الموالون للرئيس السابق زوما والذين يعارضون الإصلاح هم المتنفذون، ويريد الناخبون المزيد، فلا يزال الكثيرون يعيشون دون كهرباء أو مجار، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الجريمة العنيفة، أما بالنسبة لبخاري في نيجيريا فقد فشلت حكومته المضطربة في الوفاء بوعدها بزيادة الأمن".
ويستدرك الكاتب بأنه "بالرغم من مؤسسات نيجيريا وجنوب أفريقيا الديمقراطية القوية، فإنهما لا تملكان القوة أو السلطة لضبط تصرفات الدول المجاورة، وهذا هو ما تريده الصين التي تبسط نفوذها على أساس سوء الحكم في أفريقيا".
ويقول بويز: "لا يستطيع الغرب أن ينافس على مستوى المنح التي تعرضها الصين ذاته، لكن بإمكانه أن يوضح للأفارقة بأن هناك نموذج تطوير مفيدا بدلا من النموذج الذي يقوم على التدخل المتغطرس، ومن مصلحة المواطنين الأفارقة العاديين أن تتوقف حكوماتهم عن إخفاء المعلومات عنهم، وبإمكان الدول المانحة أن تصر على أن يعلن المسؤولون عن ممتلكاتهم، كما يمكن للمؤسسات الأوروبية حماية الصحافة المحلية الحرة لتستطيع التأكد من صحة المعلومات المعلن عنها، وإن بدا أن الحكومات المركزية تستولي على المساعدات فيمكن التعامل مع المحافظات المحلية مباشرة".
ويشير الكاتب إلى أن "المدن في أفريقيا تنمو بسرعة كبيرة، وسيتضاعف عدد سكان المدن ثلاثة أضعاف مع حلول عام 2050، وهو ما يعني أن ثلثي مساحة المدن لا تزال لم تبن أو تصمم بعد، ويجب على المانحين الغربيين، خاصة البريطانيين، التعامل مع إدارات مستعدة للإصلاح في هذه المدن الضخمة، مقدمين مثلا أنظمة سير مدنية أو تصاميم معمارية ذكية".
ويختم بويز مقاله بالقول إن "إحدى نتائج الحكم الرديء في أفريقيا هي أنها تخسر الدفعة الإنتاجية التي تأتي مع عملية التوسع المدني، وإن لم نتنبه إلى أين تسير أفريقيا فإن الصين ستقوم بتثبيت قدمها، وسينتج عن ذلك المزيد من موجات الهجرة إلى أوروبا من الأشخاص الفارين من المجتمعات الريفية المستنزفة من التوسع المدني، أو من المهمشين في المدن العملاقة، يجب علينا أن نبدأ في التفكير استراتيجيا حول أفريقيا مرة أخرى".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
"البايس": التاريخ يثبت أن اتفاق البريكست مسألة مستحيلة
تلغراف: ما هو سر صمت عمران خان على قمع الإيغور بالصين؟
خبير فرنسي: الصين خلقت نظاما رقميا للهيمنة على العالم