نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا تتساءل فيه عن إمكانية السعودية إنتاج صواريخ باليستية.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن وجود مصنع للصواريخ الباليستية، لافتا إلى أن الصور وتصريحات المسؤولين في المجال الدفاع تطرح أسئلة حول طموحات المملكة العسكرية والنووية في ظل ولي العهد البالغ من العمر 33 عاما.
وتقول الصحيفة أنه إذا تم تشغيل المصنع حيث رصد في قاعدة الوطح في جنوب غرب البلاد، فإنه سيفتح المجال أمام السعودية لإنتاج صواريخها الباليستية، بشكل يغذي سباق تسلح مع إيران، وهي المنافسة الرئيسية لها في المنطقة.
ويفيد التقرير بأن السعودية لا تملك في الوقت الحالي سلاحا نوويا، لذلك فإن أي صاروخ ينتج في المصنع سيظل سلاحا تقليديا، مستدركا بأن وجود المصنع سيشكل مكونا حيويا في أي برنامج نووي سعودي مستقبلا، ويعطي المملكة نظريا القدرة على إنتاج الرؤوس النووية المناسبة.
وتنقل الصحيفة عن الخبير في شؤون السلاح النووي في معهد "ميدلبري للدراسات الدولية" في مونتيري في كاليفورنيا، جيفري لويس، قوله: "إن إمكانية بناء السعودية لصواريخ طويلة المدى، ومحاولة الحصول على سلاح نووي، نتخيل أنهم غير قادرين على هذا، وربما أسأنا تقدير رغبتهم وقدراتهم".
ويشير التقرير إلى أن لويس وزملاءه كشفوا عن المصنع عندما كانوا يحللون صورا فضائية من المنطقة، وقام خبيران آخران في الصواريخ بتحليل الصور الفضائية لصحيفة "واشنطن بوست"، وهما مايكل إيلمان من معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، وجوزيف أس بيرموديز حي آر من المركز ذاته، لافتا إلى أنهما وافقا على أن الصور الفضائية عالية الجودة في موقع "الوطح" تكشف عن آلة لصناعة المقذوفات الصاروخية باستخدام وقود صلب.
وتقول الصحيفة إنه "ليس من الواضح فيما إن كان المصنع قد أكمل، أو أنه أصبح ذا قدرة على تصنيع الصواريخ، ومهما يكن فإن المجمع الصناعي، الذي تشير الصور إلى أنه أنشئ في منتصف عام 2013 وعندما كان الملك سلمان وزيرا للدفاع، يعكس رغبة البلد في الحصول على صواريخ متقدمة بعد سنوات من محاولة استيرادها من الخارج".
ويلفت التقرير إلى أن متحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن رفضت التعليق على ما ورد في التقرير والصور الفضائية، أو تقديم معلومات عن طبيعة المنشأة في قاعدة الصواريخ، كما رفضت وزارة الدفاع الأمريكية التعليق أيضا.
وتذكر الصحيفة أن الأخبار عن وجود منشأة للصواريخ تأتي في وقت تواجه فيه المملكة منعطفا حرجا، فقد تبنت سياسة هجومية في ظل ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، الذي حذر في برنامج "ستون دقيقة" على شبكة "إي بي أس" من تطوير بلاده السلاح النووي في حال حصلت إيران على القنبلة النووية، لافتة إلى أن ولي العهد تولى وزارة الدفاع عام 2015، أي بعد وصول والده إلى العرش السعودي.
وينوه التقرير إلى أن السعودية تتفاوض مع الولايات المتحدة لتوقيع صفقة تسمح لها ببناء مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة للأغراض السلمية، إلا أن إصرار المملكة على تخصيب اليورانيوم محليا أدى إلى تنامي مخاوف الولايات المتحدة التي باتت تشك في أن المفاعل لا يهدف للأغراض المدنية فقط، بل ليكون غطاء للأهداف العسكرية أيضا، مشيرا إلى أن مقتل الصحافي خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2018 في تركيا أدى إلى تصلب في مواقف الكونغرس بشأن المفاعل النووي.
وتجد الصحيفة أن "مقامرة السعودية لإنتاج صواريخ باليستية منطقية في ضوء ما تقوم به الجارة الإيرانية من تطوير برامجها للصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى إسرائيل التي تملك برامج نووية وباليستية متطورة، ولو توقفت إيران عن الالتزام ببنود الاتفاقية النووية التي خرجت منها إدارة دونالد ترامب العام الماضي فإنها ستكون قادرة على تطوير رؤوس نووية في أقل من عام، بحسب ما يقول الخبراء".
ويشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة قررت الخروج من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015؛ لاعتراضها على عدم وجود بنود لم تشملها وتجعل من إيران خطرا، لافتا إلى أنه في حال طورت السعودية صواريخها الباليستية فإنها ستكون قادرة على مقاربة التطور الإيراني وما تعمل عليه إيران من سنوات بشكل سمح لها بتزويد المتمردين الحوثيين بالصواريخ الباليستية، التي قاموا بتوجيهها ضد المدن السعودية في أكثر من مرة.
وتلفت الصحيفة إلى أن مجلة "جين ويكلي" المتخصصة في الشؤون الاستخباراتية كشفت في عام 2013 عن قاعدة الوطح عندما نشرت صورا لها، فيما يعتقد أن القاعدة هي مكان لتخزين الصواريخ الباليستية التي اشترتها السعودية من الصين.
ويكشف التقرير عن أنه عندما حلل لويس وزميلاه ديفيد شيمرلز وفابيان هينز الصور الفضائية التي التقطت في الفترة الأخيرة، من خلال "بلانيت لابس"، فإنهم وجدوا أن "القاعدة لم تعد للصواريخ"، بحسب ما قال لويس، مشيرا إلى أن القاعدة لا تزال في مكانها براجماتها والمكاتب الإدارية والممرات الأرضية، لكن على الجانب الآخر ظهرت بناية جديدة، التي تظهر كأنها مصنع للصواريخ، ومصممة لتصنيع الصواريخ الباليستية.
وبحسب الصحيفة، فإن المجمع يشتمل على بناية طويلة مناسبة لتنصب عليها آلة الصواريخ ولملئها بالوقود، لافتة إلى أن الباحثين عثروا على مفتاح آخر للمبنى، وهو الحاجز حول واحد من المباني الذي يقصد منه تحصينه من الانفجارات.
ويفيد التقرير بأنه نشرت في المجمع الأعمدة المضادة للبرق، خاصة أن المبنى المعدني يجذب البرق الذي قد يؤدي إلى إشعال الوقود، مشيرا إلى أنه كون المبنى الجديد موجودا في الموقع الذي بنيت فيه قاعدة الصواريخ ذاته يؤكد حقيقة أن هناك مصنعا لإنتاج الصواريخ الباليستية.
وتنوه الصحيفة إلى أن وجود آلة لفحص الصواريخ أثار القلق، فالبناء الأفقي، كما يقول لويس، الذي لم يظهر فيه أنابيب أو خزانات يشير إلى أن المنشأة صممت لإنتاج طاقة صلبة وليس سائلة، حيث غالبا ما يفضل استخدام الطاقة الصلبة على السائلة؛ نظرا لسهولة إخفائها، كما يمكن الحفاظ عليها في حالة اندلاع نزاع.
ويتساءل التقرير عن الطريقة التي استطاعت فيها السعودية الحصول على التكنولوجيا، مجيبا بأن هناك احتمالا واحدا، وهو: من الصين.
وتشير الصحيفة إلى أن باكستان قامت في التسعينيات من القرن الماضي ببناء مجمع سري للصواريخ قصيرة المدى، مستخدمة التصاميم والمعدات التي قدمتها الصين لها، حيث أثار المجمع الباكستاني انتباه المسؤولين السعوديين، لافتة إلى أنه من غير المعلوم ما هو الدور الذي قامت به باكستان أو الصين في المصنع السعودي، ولا أنواع الصواريخ التي ينتجها أو يحاول إنتاجها، فيما لم ترد لا سفارة الصين أو باكستان في واشنطن على أسئلة الصحيفة.
ويفيد التقرير بأن كلا من لويس وإيلمان وبيرموديز يعتقدون أن المجمع السعودي أصغر من المجمعين الباكستاني والصيني، ما يشير إلى محدودية قدرته، لافتا إلى أن الصور الفضائية لم تظهر سيارات في موقف المجمع، ما يعني أن المصنع لم يبدأ في العمل بعد، بالإضافة إلى أنه لا يحتوي إلا على عدد من الحواجز المضادة للانفجارات مقارنة بالمجمعات في دول أخرى.
وتلفت الصحيفة إلى أنه من الناحية التقليدية فإن الولايات المتحدة حاولت منع انتشار الصواريخ الباليستية، وفرضت في التسعينيات عقوبات على الصين لتزويدها معدات إنتاج الصواريخ لباكستان، وقال إيلمان: "في الظروف العادية فإننا نعمل ما باستطاعتنا لنقنع السعودية بعدم القيام بذلك" وأضاف أن "الولايات المتحدة عارضت وبشكل مستمر نقل الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية".
ويبين التقرير أن الوسيلة الوحيدة لمنع نقل هذه التكنولوجيا هي من خلال نظام التحكم بتكنولوجيا الصواريخ، وهي معاهدة غير رسمية تضم عددا من الدول، وتعمل على منع انتشار أنواع من الصواريخ، إلا أن الصين ليست من الموقعين عليها، مستدركا بأنه رغم بيع الولايات المتحدة عددا من الأسلحة المتقدمة للسعودية، إلا أنها لم تزودها بالصواريخ الباليستية، التي تعتقد أنها لا تخدم استقرار المنطقة، فرفضت واشنطن بيع السعودية ما يطلق عليها الفئة الأولى من الطائرات دون طيار، بما فيها بريداتور وريبر نظرا لمنع المعاهدة بيعها.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن السعودية بحثت بدلا من ذلك عن مساعدة الصين؛ لشراء الدرون وبناء مصنع ينتج نسخا مشابهة للبريداتور في السعودية.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
وول ستريت: محاولة السعودية كسب سكان اليمن تثير الغضب
التايمز: لهذا قرر الملك سلمان كبح جماح نجله.. ماذا بعد؟
وول ستريت جورنال: هذه دلالات التعديل الحكومي بالسعودية