الغارديان: هكذا يغامر ترامب بمقامرة غير محسوبة في فنزويلا‎

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتب سايمون تيسدال، تحت عنوان "سفينة ترامب المحملة بالحمقى تتجه نحو صخور فنزويلا"، يعلق فيه على التطورات في فنزويلا، عقب اعتراف إدارة دونالد ترامب بزعيم المعارضة رئيسا انتقاليا مكان الرئيس الحالي نيكولاس مادورو. 

ويقول تيسدال في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "التهديد الضمني الذي أطلقه الرئيس ترامب بالتدخل العسكري في فنزويلا يمثل مخاطرة كبيرة، وسيرتد عليه بتداعيات كارثية، فمن خلال الدعم القوي لمحاولة المعارضة أن تحل محل مادور، فإن ترامب قدم للزعيم القوي مادورو، تحديا وجوديا وشخصيا". 

ويضيف الكاتب: "لو رد مادورو، كما فعل في الماضي، باستخدام العنف وقمع معارضيه، أو اعتقل الدبلوماسيين الأمريكيين الذين تجاهلوا أوامره بمغادرة البلاد، فقد يواجه ترامب خيارات صعبة بين التصرف بقوة، وربما إرسال قوات عسكرية، أو التراجع المهين عن قراره". 

ويتابع تيسدال قائلا: "يبدو أن زعيم المعارضة خوان غويدو يحظى بدعم الكثيرين، إن لم يكن معظم الفنزويليين، وليس من الواضح إن كان قادة الجيش ووحدات الجيش الرئيسية سيتبعون أوامر رئاسته البديلة، وفي ظل التدخلات الكارثية للولايات المتحدة الأمريكية في أمريكا اللاتينية فإن شجب مادورو الانقلاب بأنه (إمبراطورية الغرينغو/ أي الرجل الأبيض) يحمل الكثير من الوزن". 

ويشير الكاتب إلى أن "هناك تعقيدا آخر يواجه الرئيس الأمريكي، وهو الدعم الروسي والصيني القوي للرئيس الحالي، فشجبت روسيا محاولة السيطرة على الحكم، فيما رحبت الصين في الخريف الماضي بمادورو، وقدمت له رزمة إنقاذ مالية". 

ويلفت تيسدال إلى أنه "في حال بقي الجيش مع مادورو فإن ترامب ومستشاره للأمن القومي جون بولتون، الذي قاد حملة تغيير النظام في كركاس، سيفشلان في الوفاء بأول مكون أساسي في أي عملية انقلاب ناجحة، وهو التأكد من أن أصحاب البنادق يقفون معك". 

ويرى الكاتب أن "هذا التصرف ليس غريبا، فالطريقة غير الناضجة التي تتعامل فيها إدارة ترامب مع القضايا الخارجية والدولية تعد ملمحا مميزا في إدارة ترامب، فترامب لا يعرف الكثير عن هذه الأمور، وبعد موجة على مستوى عال من الإقصاء والعزل في عامه الأول من الحكم، فلا أحد لديه خبرة أو لديه معرفة جيدة في الشؤون السياسية ليقدم له النصح، وربما كانت فنزويلا المناسبة التي سيكشف فيها عن الضعف الخطير لترامب وفريقه".

ويفيد تيسدال بأن "حديثا طويلا جرى عن (الكبار في الغرفة)، أي الناضجين ممن عملوا مع ترامب، وحاولوا ضبط أو الحد من نزعات الرئيس الخطيرة، مع أن حديثا أقل جرى حول المسؤولين الرديئين من الدرجة الثالثة الانتهازيين، أو من لا يمثلون شيئا، الذين تسلموا مناصب (الكبار) والناضجين". 

ويؤكد الكاتب أن "حقيقة بحث ترامب عن مساعدة من مستشاره وصهره جارد كوشنر، قليل الخبرة، لمساعدته في الخروج من مأزق الإغلاق الجزئي لمؤسسات الدولة الفدرالية، يشير إلى ندرة المواهب المحلية وذات الخبرة".

ويذهب تيسدال إلى أن "التعيينات الجديدة في فريق ترامب، ممن يشاركونه الجهل المطلق في شؤون العالم خارج أمريكا، ستترك أثرها الخطير على الشؤون الدولية فيما تبقى من سنوات ترامب في الحكم، وكما قال أحد المعلقين الأمريكيين، فإنه كان لدى الرئيس (لينكولن فريق من المتنافسين، أما ترامب فلديه فريقه من الأغبياء)".

ويعتقد الكاتب أن "فكرة السيطرة أو الحد من تصرفات ترامب بسبب وجود مستشارين عقلاء وذوي خبرة تظل محل شك، فقد فشل وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس في منع هجمات الرئيس المتكررة على حلف الناتو، أو قراره المتسرع من سوريا، وللإنصاف فقد نجح ماتيس في وضع حد لبعض أصوات ترامب المزعجة، (على الأقل التي نعرف عنها)، مثل دعوته الجيش لاغتيال بشار الأسد". 

ويستدرك تيسدال بأن "قرار التغيير في فنزويلا يعد القرار الأسوأ من رئيس غاضب، وقابل للاستفزاز، ومحاصر من الكونغرس المعادي له، وفي ظل أحاديث عن محاكمته، وخطط خفية لتأمين ولاية ثانية".

ويقول الكاتب: "كلما حاول ترامب الضرب والعمل بطريقة انتهازية على حرف الأنظار من أجل السيطرة على الأجندة -وتشكل فنزويلا فرصة له- احتاج إلى نصيحة منطقية وهادئة، وهو ما ينقصه في الوقت الحالي (أفضل وأذكى فريق) بعبارات ديفيد هابلسترام في وصفه لفريق جي أف كيندي، فما لدى ترامب هو أسوأ وأغبى فريق لا يخاف على سمعته". 

ويجد تيسدال أن "بولتون يظل الأكثر رعبا، فهو متعصب، ولا يهتم بالعقل أو الحقائق، وفعل هذا في العراق، حيث حث جورج دبليو بوش لغزو البلد بناء على معلومات كان يعرف العقلاء أنها غير صحيحة، وهو الآن يكرر الخطأ في إيران، التي دعا في السابق لتغيير النظام فيها، دون الالتفات للتداعيات، ومرة أخرى هناك مبالغة بشأن أسلحة الدمار الشامل، وتم تمويهها بالحديث عن حقوق الإنسان والديمقراطية". 

وينوه الكاتب إلى أن "هوس بولتون بإيران أدى إلى ردة فعل مبالغة على حادثين بسيطين في العراق، في خريف العام الماضي، حيث طلب مجلس الأمن القومي من البنتاغون التقدم بخيارات عسكرية لضرب إيران، وقال مسؤول إن الطلب كان مثيرا للصدمة ومثيرا للدهشة للطريقة الحربية التي قدم فيها". 

ويبين تيسدال أن "الحلول الدبلوماسية تلاشت بعزل وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وكانت خطابات وزير الخارجية، ومدير (سي آي إيه) السابق مايك بومبيو في القاهرة وبروكسل تعبيرا عن عبودية ساخرة لسيده، حيث عبر عن رؤية ترامب القومية، والتقسيم الساذج للعالم بين أعداء وأصدقاء". 

ويرى الكاتب أن "دعوة بومبيو للدبلوماسيين الأمريكيين لتجاهل طلب مادورو كانت متعجلة، فقد يتحولون إلى رهائن افتراضيين في أي صراع على السلطة بين فريقي النزاع". 

ويعتقد تيسدال أن "البحث عن رجال بارزين ولديهم خبرة في إدارة ترامب سيكون عبثيا، فالبنتاغون التي تعد أكبر قوة نووية في العالم وآلة القتال يديرها شخص مجهول اسمه باتريك شانهان، بلا خبرة عسكرية أو سياسية، أما النائب العام القادم ويليام بار، فيبدو أنه سيعمل ما يطلبه منه ترامب، مثل مسؤولته الإعلامية سارة ساندرز، التي تكره الإعلام، أما مدير طاقمه المؤقت ميك مولفيني، فقد وصف رئيسه مرة بأنه (أسوأ إنسان)".

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "حتى لو لم يبدأ ترامب وسفينته من الحمقى حربا في فنزويلا فإنه يمكنهم بسهولة بدء حرب في الشرق الأوسط، أو مع الصين، وعلى زعيم المعارضة غويدو الحذر، فهؤلاء ليسوا حلفاء يمكن الثقة فيهم".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)