في الأول من شباط/ فبراير عام 2019 سجل التاريخُ المنتخبَ القطري بطلاً للقارة الآسيوية في كرة القدم. هذا التتويج الذي جاء بعد أنْ تخطى المنتخب القطري نظيره الياباني بفارق هدفين في المباراة النهائية يعكس ثمرة جهد كبير، وإعداد مميز، وإرادة حاضرة.
فقد كشف المهتمون في الجانب الكروي أنَّ هذا الجيل الذي قدم أداءً مميزاً في البطولة الآسيوية قد تم إعداده منذ عام 2004، أي قبل خمسة عشر عاماً من تلك اللحظة التاريخية، وهذا يدفعنا للوقوف ملياً أمام هذه التجربة الإستراتيجية التي تكللت بالنجاح، إذ لطالما وقف العرب بشكل عام أمام مشكلاتهم المختلفة عاجزين، لا يعرفون للتخطيط عنواناً، ولا للتنفيذ أداءً، ولا للتقييم موضوعية، سوى المناداة بهم في المؤتمرات العلمية، والخطب الكيدية، والشعارات الانتخابية، صحيح أنَّ التجربة كروية، غير أنَّ مدخلاتها في تحديد نقاط الضعف ونقاط القوة، والعمل بعمليات النفس الطويل بكل جدية هي إجراءات عامة تُؤدي إلى ثمرة قد يسعى إليها الكثير بعاطفة جياشة أكثر من واقعية موضوعية، وهذا يُعطي كل من يسعى للنجاح أملاً في العمل والعطاء على بصيرة من أجل الانتصار.
ومن جانب آخر فقد ظهرت في صورة الفوز فرحة عربية عارمة، نكأت جرحاً غائراً، وتاريخاً ناصعاً، وأفواهاً مكتومة. فقد اندفعت آلاف من الجماهير العربية في مختلف الأماكن إلى الشوارع العامة، للتعبير عن شجونهم العربية، وهويتهم المشتتة، وحضورهم الباهت، وضجت صفحات التواصل الاجتماعي بالمباركات الحارات لهذا الإنجاز الجميل، والفوز الكريم.
بلا شك أنَّ الفرحة العربية بالنصر الذي حققه القطريون يعكس تضامناً عربياً عاماً، بيد أنَّ خصوصية قطر لها آثار مضاعفة، فالأيادي البيضاء لقطر الخير التي تقف مع القضية الفلسطينية منذ انطلاق الثورة عام 1965، ودعمهم لغزة المحاصرة منذ أكثر من اثني عشر عاماً، وإغاثة اللاجئين السوريين في أماكن مختلفة، ودعم المواطن العربي واحتضانه في المجالات كافة، صنع علاقةً خاصة لهذه الدولة العربية - صغيرة المساحة - في نفوس العرب وقضاياهم المستجدة.
ومن هنا نخلص بدرس آخر أنَّ من يهتم عملياً بقضايا الشعوب العربية وطموحاتهم المنشودة يصنع لنفسه عمقاً قوياً، وتجذراً كبيراً في الساحة العربية والإسلامية، وخصوصاً أنَّ هذه الشعوب التي ذاقت مرارات مختلفة تفتقر إلى الأب الحاني، والابتسامة الجميلة، والأمل المنير.
وأخيراً نبارك للمنتخب العربي القطري هذا الفوز الكروي الجميل، ونأمل لهم التوفيق في تنظيم كأس العالم لعام 2022، ونرجو لهم أداءً كروياً مميزاً، كما نأمل تقدماً جميلاً لكافة الدول العربية في المجالات المختلفة.
فلسطين - غزة