يتزايد اهتمام الرأي العام في موريتانيا، بموضوع النقاشات الجارية في أروقة كبرى أحزاب المعارضة في البلاد، بشأن المرشح الموحد للانتخابات الرئاسية المقررة الصيف القادم.
فقبل شهر، أعلنت أغلب أحزاب المعارضة الرئيسية في البلاد، أنها توصلت لاتفاق بشأن الدفع بمرشح موحد للانتخابات الرئاسية، وإنها شكلت لجنة مختصة لاختيار المرشح.
وفي وثيقة سابقة أعلنت أحزاب المعارضة مواصفات مرشحها للانتخابات الرئاسية، مؤكدة أن أبرز هذه المواصفات، أن يكون جامعا لأكبر عدد من الراغبين في التغيير، ومستوعبا لطموحات ومطالب الشعب ،وقادر على المنافسة ومقنع وملتزم ببناء الدولة.
لكن عدم قدرة الأحزاب المعارضة منذ أكثر من شهر، على الاتفاق على مرشح موحد، أثار جدلا في البلاد ونقاشات سياسية، وسط تساؤلات بشأن قدرة هذه الأحزاب على الاتفاق والدفع بمرشح واحد للرئاسيات، يكون قادرا على مقارعة مرشح السلطة والحزب الحاكم، والذي بات من شبه المؤكد أنه وزير الدفاع الحالي محمد ولد الغزواني.
اقرأ أيضا : رئيس موريتانيا يدعم مرشحا لانتخابات الرئاسة.. تعرف عليه
ومنذ أيام تصاعد الجدل بشأن تأخر إعلان مرشح المعارضة، وسط تزايد المخاوف من أن تفشل القوى المعارضة البارزة، في الاتفاق على مرشح، وتخوض النزال الرئاسي كل بمفرده.
نقاش مستمر
وأمس أعلن رئيس حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية"، ثاني أكبر حزب ممثل في البرلمان، وأحد أحزاب الائتلاف المعارض، محمد محمود ولد سيدي، أن ائتلاف أحزاب المعارضة مستمر في نقاشاته من أجل إنضاج كل ما هو متعلق بملف الانتخابات الرئاسية.
وأشار في حوار مع إحدى القنوات التلفزيونية المحلية إلى أن اللجنة المكلفة باختيار المرشح الموحد أجرت الكثير من الاتصالات وإنها باتت قريبة من إعلان المرشح.
خيار من خارج المعارضة
في الأثناء تناولت وسائل إعلام محلية على نطاق واسع، معلومات تفيد بأن أحزاب المعارضة فشلت في التوصل إلى مرشح موحد من داخلها، وإنها بدأت مشاورات لاختيار مرشح من خارج أحزاب المعارضة، يكون محل إجماع.
وقالت وكالة "صحراء ميديا" الإخبارية، إن اللجنة المكلفة باختيار المرشح الموحد، رفعت تقريراً إلى قيادات المعارضة، تقول فيه إن أي مرشح من داخل صفوف المعارضة لن يكون محل إجماع، وبناء على ذلك طوت اللجنة صفحة البحث عن مرشح موحد من داخل المعارضة، وبدأت منذ أمس الخميس مشاوراتها للبحث عن مرشح من خارجها.
أسماء متداولة
وكشف رئيس "حزب اتحاد قوى التقدم" المعارض محمد ولد مولود، مساء الخميس، لأول مرة عن أسماء بعض الشخصيات، مضيفا أن النقاش يدور لاختيار أحدها ليكون مرشحا موحدا للمعارضة.
وأشار في مقابلة مع "صحيفة الأخبار" الموريتانية إلى أن من أبرز هذه الأسماء الوزير الأول السابق سيدي محمد ولد ببكر، بالإضافة إلى شخصيات أخرى بينها رجل الأعمال المعارض والمقيم في الخارج محمد ولد بو عماتو، وعضو مجلس الشيوخ الدكتور الشيخ ولد حننا، وكذا نقيب المحامين السابق محفوظ ولد بتاح.
ووصف ولد مولود اختيار مرشح للمعارضة في السباق الرئاسي القادم بأنه "قضية خطيرة، ولا تقبل التسرع"، مؤكدا أن أحزاب المعارضة تجاوزت مرحلة الترشيح من داخلها، لتحسم قضية الاختيار من خارجها، سواء تولت ترشيحه، أو ترشح بشكل مستقل، واتفقت معه على أساس برنامج محدد.
تماسك قبل النزال الرئاسي
وفي المعسكر الآخر بات من شبه المؤكد أن الأغلبية الحاكمة قررت الدفع بوزير الدفاع الحالي محمد والغزواني كمرشح للرئاسيات، وهو ما أكده الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز في لقاء مع بعض السياسيين، أعلنه بعد ذلك الناطق باسم الحكومة، سيدي محمد ولد محمد في تغيردة عبر توتير.
وقد تضاربت الأنباء بشأن عزم حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم تأجيل مؤتمره إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
حيث أفادت وسائل إعلام محلية أن الحزب الحاكم قرر تأجيل مؤتمره العام، إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، تفاديا لظهور خلافات داخل الحزب، قد تؤثر على تماسك الحزب قبل الحملة الانتخابية.
غير أن مصدر من داخل الحزب، فضل عدم ذكر اسمه، أكد لـ"عربي21" أنه لم يتخذ بعد أي قرار بشأن تأجيل موعد مؤتمر الحزب المقرر في الثاني من مارس القادم.
ارتباك الطرفين
ويرى المحلل السياسي الموريتاني، الهيبة ولد الشيخ سيداتي، أن البلد يمر حاليا بمرحلة دقيقة، سببت حالة من الارتباك لجميع الأطراف السياسية في البلاد بما فيها الأغلبية الحاكمة وأحزاب المعارضة.
وأشار في حديث لـ"عربي21" إلى أن المادة المتعلقة بالترشح للرئاسيات في الدستور، أربكت الطرفين، حيث فرضت على رجل الأغلبية البارز الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، عدم الترشح لولاية رئاسية ثالثة، بعد أن فشلت كل المحاولات التي قادها مقربون منهم لتعديل الدستور.
وقال إنه تم إقصاء قادة بارزين في المعارضة نظرا لتجاوزهم سن الترشح (75 سنة)، ومن أبرزهم الزعيم المعارض أحمد ولد داداه، رئيس حزب "تكتل القوى الديمقراطية" ورئيس حزب "التحالف الشعبي" مسعود ولد بلخير.
ولفت إلى أن خيارات المعارضة بشأن المرشح الموحد صعبة جدا، نظرا للخلفيات الأيديولوجية بين عدد من هذه الأحزاب، لافتا إلى أن هذه الخلافات قد التكون السبب وراء قرار أحزاب المعارضة الدفع بشخصية من خارج الصف المعارض المعروف.
ولم يستبعد ولد الشيخ سيداتي أن يكون تأجيل إعلان مرشح المعارضة خطوة تكتيكية تهدف لدفع الطرف الآخر للانتظار، وقراءة المشهد بشكل متأن.
"جمال عبد الناصر" يثير الجدل بموريتانيا.. كيف؟