نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحافي جاكسون ديهل، يقول فيه إن لدى الحزب الديمقراطي مشكلة مع إسرائيل، ولا علاقة لها بالنائبة إلهان عمر (مينيسوتا) أو رشيدة طليب (ميتشيغان)، عضوتي الكونغرس الجديدتين اللتين جلبتا الانتباه بتغريدات "سامة"، ودعم المقاطعة، فهما تمثلان أقلية أمريكية ومعزولتان في التجمع الديمقراطي.
ويقول ديهل إن "المشكلة للديمقراطيين تتجسد في الرجل الذي هيمن على السياسة الإسرائيلية على مدى العقد الماضي، وهو المفضل في الانتخابات الإسرائيلية القادمة، بنيامين نتنياهو، الذي عمل بإصرار وبنجاح لإحباط الهدف الذي عمل لأجله الرئيسان بيل كلينتون وباراك أوباما، ولا يزال يتبناه الديمقراطيون: حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بالإضافة إلى أنه شن حملة ضد اتفاقية أوباما النووية مع ايران، وهو ما لا يزال الديمقراطيون يدعمونه".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "على هذا المسار فإنه زاوج بين الحكومة الإسرائيلية والحزب الجمهوري، وساعد في إحداث انقسام في النظرة الأمريكية إلى إسرائيل، بحسب الخطوط الحزبية، وزادت هذه الرابطة (مع الجمهوريين) حميمية خلال إدارة ترامب: فقام باحتضان نتنياهو والدفاع عنه، وحتى تقليد رئيس تعده الغالبية في أمريكا غير مناسب، ويبغضه معظم الديمقراطيين بشدة".
ويرى ديهل أن "المنطقي هو إن أراد زعيم أجنبي أن ينمي تعاطفا واسعا في أمريكا فإن عليه أن يتجنب دوامة الاستقطاب المتمثلة في الرئيس ترامب، لكن في وقت يسعى فيه لفترة ولاية جديدة رئيسا للوزراء، قام نتنياهو بتعليق صورة عملاقة له مع ترامب على بناية مكاتب في تل أبيب".
ويلفت الكاتب إلى أن "النتائج كانت كما هو متوقع، وتظهر الاستطلاعات من أكثر من منظمة بأن شعبية نتنياهو بين الديمقراطيين تراجعت بشكل كبير خلال رئاسة ترامب، وتراجع معها دعم إسرائيل، ففي عام 2015 قال 31% من الديمقراطيين بأنهم يحملون آراء إيجابية حول نتنياهو، بحسب مؤسسة (غالوب) للاستطلاعات، لكن في آب/ أغسطس 2018 تراجع هذا إلى 17% بحسب استطلاعات (إيكونوميست/ يوغوف)، وتراجعت نسبة الديمقراطيين الذين اعتبروا إسرائيل حليفا من 31% إلى 26% خلال ستة أشهر، من كانون الثاني/ ديسمبر 2017 إلى أيار/ مايو 2018".
وينوه ديهل إلى أن الاستطلاع الثاني جاء بعد قيام ترامب بفعلين احتفى بهما نتنياهو، وعارضهما الديمقراطيون بشدة: إلغاء الاتفاقية النووية مع إيران، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعتبرت الخطوة الأخيرة بشكل كبير معطلة لأي فرص لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيرا إلى أنه بحسب استطلاع (إيكونوميست/ يوغوف) فإن 16% فقط من الديمقراطيين المستطلعة آراؤهم أيدوا نقل السفارة، في الوقت الذي عارضه 61%، بينهم 47% عارضوا بشدة.
ويفيد الكاتب بأن أكثرية ديمقراطية لا تزال تعتقد بأن على الولايات المتحدة أن تحمي إسرائيل، ووصف 54% منهم هذا الهدف بأنه "مهم جدا"، أو "مهم إلى حد ما"، في أيار/ مايو الماضي، مؤكدا أن "ذلك لم يتضمن عمر وطليب، اللتين تؤيدان حركة المقاطعة لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، حيث لا يؤيد حركة المقاطعة الآن سوى 20%، لكن مع تعاون نتنياهو وترامب فإن توجهات الديمقراطيين تبدو في حالة تغير سريع".
ويذكر ديهل أن حرب نتنياهو على الديمقراطيين تعود لأكثر من عقدين، وكانت هناك أخطاء من الجانبين، فعندما ترشح نتنياهو لرئاسة الوزراء عام 1996 دعم كلينتون شيمون بيريز الأكثر اعتدالا، وبعد فوز نتنياهو، كان أول اجتماع في البيت الأبيض متأرجحا، حيث قال كلينتون لمستشاره دينس روس عن نتنياهو: "إنه يظن أنه القوة العظمى وأننا هنا لنقوم بما يطلبه منا".
ويبين الكاتب أن "نتنياهو قام بعد ذلك بتعطيل عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث كان يبطئ في كل خطوة، ويعتقد بأن علاقاته السيئة مع واشنطن كانت هي السبب في فشله في انتخابات 1999، لكن كلينتون فشل في التوصل إلى صفقة نهائية لإقامة دولة فلسطينية بسبب عناد الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وبعد أن شن الفلسطينيون حملة تفجيرات انتحارية، وعقب رفض خليفة عرفات، محمود عباس، عرضا آخر للحصول على دولة، فإن الإسرائيليين قاموا بالتصويت لنتنياهو رئيسا للوزراء في أوائل عام 2009".
ويقول ديهل: "ليس غريبا وفي ضوء ذلك التاريخ، أن أوباما استقبل نتنياهو بتشكك تحول بسرعة إلى عداء، وصورت إدارته الزعيم الإسرائيلي على أنه العقبة الحقيقية أمام السلام، في الوقت الذي كان فيه متساهلا مع عباس بالرغم من عناده، وعندما ترشح نتنياهو للانتخابات في 2013 و2015، حاول أوباما أن يكرر ما فعله كلينتون ويخرجه من ذلك المنصب، لكنه فشل، ورد عليه نتنياهو بدعم ميت رومني في الانتخابات الرئاسية عام 2012".
ويجد الكاتب أنه "الآن، وبعد أن استمر أكثر من كلينتون وأوباما، يبدو أن نتنياهو شطب الجمهوريين، معتبرا إياهم خاسرين ولا يستطيعون إيذاءه، وتقول أفعاله بأنه يراهن على أن ترامب أو شخصا شبيه بترامب سيسيطر على البيت الأبيض إلى أجل غير مسمى، أو ربما يكون رجل تكتيك على المدى القصير: فهو يحاول أن يقنع الناخبين في الوقت ذاته الذي يحاول فيه التخلص من احتمال توجيه تهم جنائية له".
ويختم ديهل مقاله بالقول: "على أي حال، فما يحصل لنتنياهو هذا الربيع سيكون له أثر أكبر على علاقات الحزب الديمقراطي بإسرائيل، أكثر من أي شيء يمكن أن تفعله عمر أو طليب، فإن بقي في رئاسة الوزراء فإن علاقة إشكالية ستصبح بالتأكيد أسوأ".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
NYT: حملة جمهورية لشيطنة الديمقراطيين.. هذه أدواتها
فورين بوليسي: كيف كان مؤتمر وارسو "قمة حرب" ضد إيران؟
WP: توقفوا عن الهوس بالنائبات الديمقراطيات الجديدات