طالب مفتي عام ليبيا، الصادق الغرياني ما أسماهم ثوار "مدن الثورة" بمواجهة اللواء، خليفة حفتر بقوة السلاح ومنعه من التقدم لأي مدينة أخرى، وأن يوحدوا صفهم ولا يتركوا السلاح أبدا، وسط تساؤلات عن مدى استجابة مؤيدي المفتي لهذا التحريض، وما إذا كانت الحكومة ستتخذ قرارا ضد هذه التصريحات.
وقال الغرياني إن "مشروع حفتر صار الآن لا يخفى
على أحد وأنه أداة لمشروع أجنبي ويُدعم لتحقيق ذلك بالمال والسلاح والمخابرات"،
لافتا إلى أن البلاد تشهد منذ انقلاب "حفتر" تدمير مدينة تلو أخرى تحت
شعارات "الكرامة والجيش ومكافحة الإرهاب، وما هي إلا سلاح للتخلص من أي
مقاومة ضد الاستبداد والقهر"، بحسب كلامه.
وطالب المفتي، المقيم حاليا في إسطنبول، ثوار ليبيا
بالعودة إلى حمل السلاح وجمع كلمتهم وعدم انتظار لا رئيس حكومة ولا أركان ولا وزير
دفاع وأن يهبوا لوحدهم مثل هبّة 17 شباط/ فبراير 2011 ضد نظام القذافي، لمنع حكم
العسكر أو تقدم "حفتر" خاصة ناحية الغرب الليبي، وفق تصريحات تلفزيونية.
وقال الغرياني: "على كل المدن أن تتوحد في وجه
تمدد حفتر السرطاني"، متابعا حديثه: "يا من تنصرون المظلوم، فَرض عليكم
أن توحدوا صفوفكم وتواجهوا الخطر الحاذق بكم جميعا، قبل أن يجرفكم السيل"،
وذكر بعض المدن وخص مدينة مصراتة "المعروفة بقواتها العسكرية"، كما قال.
هل سيستجيب أحد؟
وعلى ضوء هذه الدعوة يتصدر تساؤل مهم حول مدى
الاستجابة لدعوات المفتري وتحريضه، وهل يمكن أن تتجه الحكومة والبرلمان لإصدار
قرار من النائب العام بمطالبة تركيا تسليمه للمحاكمة؟
الباحث السياسي من مدينة مصراتة (غرب ليبيا) علي أبو
زيد يرى أن "خطاب الغرياني صار محدود التأثير جدا، خاصة وأن التيار السياسي
الذي يضع الشيخ أحد واجهاته صار خارج نطاق الفاعلية السياسية وأغلب قياداته
يتواجدون حاليا في تركيا"، وفق تقديره.
اقرأ أيضا: انسحاب قوات حفتر من مرزق الليبية بعد دخولها لساعات
وأوضح أبو زيد في تصريحات لـ"عربي21" أن
"مدن الثورة التي من بينها مصراتة صارت أكثر نضجاً وإدراكا لعواقب الدخول في
معارك غير محسوبة، وأغلب قواتها اليوم نظامية وتتحرك بتكليفات رسمية فقط"،
مستبعدا في الوقت ذاته أن يتحرك البرلمان ضد المفتي بصفته قضائيا، كون البرلمان
سبق وعزله من منصبه.
"تخوفات
مشروعة"
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي خالد الغول إن
"الشيخ الغرياني يرى أن مشروع الكرامة بقيادة حفتر هو مشروع حكم العسكر وعودة
الوطن للمربع الأول من حكم الفرد، كما أن المفتي يرى أن المدن الثائرة هي المقصودة
من المشروع لذا طالبهم بالمواجهة قبل قدوم حفتر".
وبخصوص إمكانية استجابة أحد لهذه المطالب، توقع
الغول أن تلقى هذه المطالب تأييدا كثيرا وأيضا من داخل حكومة الوفاق نفسها،
مستدركا بقوله: "لكنهم يحاولون تجنب الصدام العسكري مع حفتر، حتى لا ينتج عنه
صدام بين المدن أو بعضها، وهو ما لا يهم الأخير"، على حد قوله.
وتابع الغول لـ"عربي21": "هناك كثر
مستعدون للدخول في معارك ضد حفتر إذا لزم الأمر، إلا أن الشيخ حسب فهمي يدعوهم للمواجهة
قبل أن يصل إليهم قائد الكرامة ويحذر من التفرقة، أما قصة النائب العام فهي لن
تفيد كون البرلمان نفسه مدان من كل النواحي ولا يملك من الشرعية غير الوصف"،
وفق رأيه.
تأجيج الرأي العام
في المقابل، قال الناشط السياسي المقرب من القيادة
العامة في الشرق الليبي فتح الله غيضان إن "الغرياني معزول من منصبه، وهو الآن
في أحضان تركيا ويدفع به المتأسلمون في كل معركة يخوضها الجيش من أجل تأجيج الرأي
العام وتوجيه الفتاوى لمناصريه"، بحسب تعبيره.
اقرأ أيضا: قوات حفتر تعلن السيطرة على حقل الشرارة النفطي بليبيا (شاهد)
واستدرك غيضان قائلا لـ"عربي21":
"لكن بعد هذه السنوات من الحرب ضد الإرهاب وداعميه أمثال الغرياني، اتضح
للجميع حقيقة الأمور وعرفت حقيقتهم حتى من وسط مدينة مصراتة التي بات يظهر فيها
التيار الوطني المناهض للإسلاميين لذلك لن
يستمع إليه أحد"، كما زعم.
وتابع: "سبق أن أرسلت عدة شكاوي للنائب العام
تخص التحريض والتكفير الذي يقوم به الغرياني، لكن حتى الآن لم يتم فتح هذه الملفات
أو التحقيق فيها".
"عبدالجليل" يهاجم الإسلاميين ومسلحي طرابلس.. ماذا عن حفتر؟
فرنسا تدافع عن معارك "حفتر" في الجنوب.. هل هناك صفقة؟
ما دلالة إلقاء "المشري" خطابا بالكونغرس حول مستقبل ليبيا؟