كتب منفذ الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش بنيوزيلندا، وأسفر عن مقتل العشرات من المصلين، على السلاح الذي استخدمه في الجريمة؛ كلمات وأرقاما عديدة تشير إلى معارك انهزم فيها المسلمون أمام الصليبيين أو أسماء قادة مسيحيين قاتلوا ضد الجيوش الإسلامية، مثل ملك جورجيا ديفيد الرابع الذي حارب ضد الأتراك السلاجقة، وملك بلغاريا قسطنطين الثاني الذي قاد تمردا ضد الدولة العثمانية، والصربي ميلوس أوبيليتش الذي قتل السلطان مراد الأول، والملك سيغيسموند الذي حارب ضد السلطان مراد الثاني. وشملت العبارات والأرقام المكتوبة على السلاح أسماء أخرى لقادة صليبيين حاربوا ضد الدولة العثمانية، وتواريخ معارك انهزم فيها العثمانيون، كما أشار إليه المؤرخ التركي إرهان أفيونجو.
الإرهابي المجرم لم يكتف بكتابة شعارات ورموز على سلاحه، بل ونشر أيضا في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي الشهير "فيسبوك"؛ رسائل تهديد وجهها إلى المسلمين عموما والأتراك على وجه الخصوص، وقال إنهم سيأتون إلى إسطنبول ليهدموا المساجد والمآذن، ويحوِّلوا آيا صوفيا إلى كنيسة مجددا، في حال عبر الأتراك مضيق البوسفور نحو أوروبا. وأشار إلى أن غياب رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان عن المشهد سيؤدي إلى تقلص نفوذ الأتراك.
هجوم نيوزيلندا يحمل رسائل عديدة في اتجاهات مختلفة. وبعد قراءة تلك الرسائل، كان أول ما قاله الأتراك تعليقا عليها، هو: "إن الأعداء لا ينسون أحداث التاريخ وأحقاده، مهما نسيناها نحن أو تجاهلناها"، كما اعتبروها دليلا على أن بلادهم مستهدفة. ولكنهم في الوقت نفسه تحدّوا الإرهابي المجرم وكل من على شاكلته أو يقف إلى جانبه، وقالوا إنهم سيكونون بانتظارهم إن سوَّلت لهم أنفسهم أن يأتوا إلى تركيا لهدم المساجد والمآذن.
هجوم نيوزيلندا يحمل رسائل عديدة في اتجاهات مختلفة. وبعد قراءة تلك الرسائل، كان أول ما قاله الأتراك تعليقا عليها، هو: "إن الأعداء لا ينسون أحداث التاريخ وأحقاده، مهما نسيناها نحن أو تجاهلناها
التحدي لإرهابي نيوزيلندا والقوى التي تقف وراء العملية الإرهبية جاء أيضا على لسان رئيس الجمهورية التركي، حيث
قال أردوغان لهؤلاء، في كلمة ألقاها بمدينة جناق قلعة بمناسبة الذكرى الـ 104 للانتصار البحري للدولة العثمانية في معركة جناق قلعة عام 1915: "أجدادكم جاؤوا ورأوا أننا هنا، وبعدها عاد بعضهم على قدميه والبعض الآخر داخل توابيت.. فإذا كنتم تريديون المجيء بالنيّة ذاتها فإنّنا لمنتظرون.. ثقوا تماما أننا سنودّعكم مثلما فعلنا مع أجدادكم".
هجوم نيوزيلندا ليس
عملا فرديا قام به شخص معتوه، بل هو عمل إرهابي منظَّم تم التخطيط له بدقة ويقف وراءه آخرون، كما أن خبراء الأمن يلفتون الانتباه إلى أن المجرم الذي ارتكب الجريمة بكل برودة، يبدو وكأنه أحد أفراد قوات خاصة تدرب لمدة طويلة على استخدام الأسلحة والقتل. ويرى كثير من المحللين أن العبارات والأرقام المكتوبة على سلاح الجريمة بعدة لغات، وكذلك رسائل التهديد التي نشرها منفذ العملية الإرهابية في صفحته بموقع فيسبوك، قد تكون من إعداد فريق شارك في التخطيط للجريمة.
هجوم نيوزيلندا ليس عملا فرديا قام به شخص معتوه، بل هو عمل إرهابي منظَّم تم التخطيط له بدقة ويقف وراءه آخرون، كما أن خبراء الأمن يلفتون الانتباه إلى أن المجرم الذي ارتكب الجريمة بكل برودة، يبدو وكأنه أحد أفراد قوات خاصة
الإرهابي الذي هدد الأتراك في رسائله؛ قام بزيارة تركيا مرتين. وكشفت السلطات التركية عن المدن التي زارها المجرم خلال تواجدها في البلاد. وهي آغري، وأنقرة، وأدرنة، وسيواس، ومرسين، وتوكات، وإسطنبول، وإزمير، وقونيا. وتعكف أجهزة الأمن والاستخبارات التركية حاليا على دراسة جميع تفاصيل الزيارتين، والبحث عن أجوبة لأسئلة كثيرة مثل: "هل أجرى اتصالات ومقابلات بأشخاص في تركيا خلال تواجده فيها؟"، و"هل له علاقة بأي من العمليات الإرهابية التي حدثت في تركيا خلال زيارة الإرهابي المجرم؟". وقد تكشف أجوبة هذه الأسئلة عن جهاز استخبارات يعمل منفذ هجوم نيوزيلندا لصالحه.
أنقرة ترى أن هجوم نيوزيلندا الإرهابي يرمي إلى تحقيق أهداف، منها ترويع أبناء الجاليات المسلمة في الدول الغربية وإبعادهم عن المساجد. ومنها أيضا إثارة المسلمين ضد المسيحيين لخلق فتنة دينية يكون المسلمون المقيمون في الدول الغربية أول ضحاياها. وترى أن القوى التي تقف وراء العملية الإرهابية تستهدف تركيا كما استهدفت المسجدين في مدينة كرايست تشيرتش. ولذلك سارع رئيس الجمهورية التركي في إرسال نائبه فؤاد أوكتاي ورئيس خارجيته مولود تشاوش أوغلو إلى نيوزيلندا، للتعبير عن تضامن تركيا مع الجالية المسلمة وأسر الضحايا، بالإضافة إلى إجراء مباحثات مع مسؤولين نيوزيلنديين لحثهم على كشف ملابسات الجريمة بكل أبعادها، والتأكيد على أن تركيا لن تسمح بطي صفحة القضية دون معاقبة المجرم بالعقوبة التي يستحقها.