نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن دائرة التأشيرات والهجرة بالمملكة المتحدة التي أُدينت مؤخرا، بسبب استشهادها بمقاطع عنيفة من الكتاب المقدس، كأساس لرفض طلب لجوء مواطن إيراني قال إنه اعتنق المسيحية لأنها دين "مسالم".
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته
"عربي21" إن "وزارة الداخلية المسؤولة عن إدارة شؤون الهجرة والأمن
والقانون والنظام، استخدمت آيات من كتب سفر اللاويين وسفر الخروج وسفر رؤيا يوحنا،
في محاولة للإشارة إلى أن المسيحية بالكاد يعتبر دينا مسالما".
وأوضحت الصحيفة أن طالب اللجوء قُوبل طلبه بالرفض الخميس
الماضي، وفقا للممثل القانوني للرجل الإيراني، الذي شارك بعض التفاصيل على مواقع
التواصل الاجتماعي، وقد أثارت القضية لوما من قبل كنيسة إنجلترا، في الوقت الذي
ندّد فيه المدافعون عن الهجرة بالقرار باعتباره مثالا آخر على أساليب وزارة
الداخلية القاسية.
تجدر الإشارة إلى أن الرجل، الذي لم تُحدد هويته
والذي غير ديانته من الإسلام، قدم طلب اللجوء في سنة 2016، وفقا لما أفاد به
الممثل القانوني والمسؤول عن القضية، ناثان ستيفنز، في تغريدة له على موقع تويتر.
في هذه الأثناء، لم يكن من الواضح ما إذا كان الرجل
قد جعل من تغيير دينه أساسا لطلبه، رغم استخدام وزارة الداخلية البريطانية
اقتباسات مستفيضة من الكتاب المقدس، على غرار "وتطرُدون أعداءكم فيسقطون
أمامكم بالسيف" من سفر اللاويين، كدليل ضد ادعاء طالب اللجوء حول المسيحية.
اقرأ أيضا: إيرانية تروي سبب خلعها الحجاب وسط طهران.. ما علاقة ابنتها؟
ونقلت الصحيفة ما جاء في رسالة الرفض التي شارك
ستيفنز مقتطفات منها على الإنترنت، وهي أن "هذه الأمثلة لا تتفق مع ادعائك
بأن اعتناقك للمسيحية جاء بعد اكتشافك أنها دين مسالم، على عكس الإسلام الذي يضم
العنف والغضب والانتقام".
وأوضح ستيفنز أنه فوجئ بمحتويات الخطاب، حيث قال:
"لقد رأيت الكثير على مر السنين، لكنني شعرت بصدمة حقيقية عند قراءة هذا
الخطاب المسيء بشكل لا يصدق والذي استُخدم لتبرير طلب اللجوء"، وفقا لتغريدة
ستيفنز على موقع تويتر.
ومع تصاعد الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، نأت
وزارة الداخلية بنفسها عن القرار على الرغم من أنه قد تم إثبات صحة الرسالة، وفي
بيان أُرسل عبر البريد الإلكتروني، قال متحدث باسم الوزارة إن "هذه الرسالة
لا تتماشى مع نهج السياسة التي نتّبعها تجاه الطلبات القائمة على الاضطهاد الديني،
بما في ذلك التحول إلى دين معين".
وذكرت الصحيفة، نقلا عن كولن يو، المحامي المتخصص في
شؤون الهجرة، أن قضايا اللجوء القائمة على الاضطهاد الديني والتي تنطوي على التحول
الديني، تتطلب قدرا كبيرا من الخبرة لتقييمها، وأضاف يو أنه "من الصعب للغاية
معرفة ما إذا كان الشخص يقول الحقيقة، كما أنه ينبغي عليك التفكير في دوافعه، لكن أن
يصل الأمر إلى أبعد من ذلك ويذهب إلى حد استخراج آيات محددة لمحاولة تبرير ادعاء
ما، فذلك يبدو غريبا للغاية".
وقد دفع نهج وزارة الداخلية بكنيسة إنجلترا إلى
إصدار رد، حيث قال الأسقف بول بتلر في بيان له: "أشعر بقلق شديد من أن دائرة
حكومية يمكنها تحديد مستقبل إنسان آخر بناء على سوء فهم عميق لنصوص وممارسات
المجتمعات المؤمنة".
من جهتها، وصفت سينثيا أوركارد، المستشارة القانونية
في الجمعية الخيرية للجوء، الوثيقة بأنها "خطاب قرار مروع" لكنها قالت
إنها ليست سوى واحدة من "أمثلة عديدة أخرى لوزارة الداخلية التي تتخذ قرارات
جائرة بشكل رهيب إزاء اللجوء وغيرها من المسائل".
وأضافت الصحيفة أنه "في سنة 2018، وجدت وزارة
الداخلية نفسها تحت المجهر بعد أن وقع الإعلان بالخطأ عن أن العديد من المقيمين
الشرعيين من غرب الهند ومنطقة الكاريبي لفترة طويلة هم مهاجرون غير شرعيين، حيث
احتُجز بعضهم وتعرضوا لتهديدات بالترحيل".
وقد تنامى رد فعل الرأي العام العنيف على الطريقة
التي تعاملت بها الحكومة مع العديد من حالات "أزمة ويندرش" لدرجة أن
وزيرة الداخلية، آمبر رود، استقالت من منصبها، في حين أصدرت رئيسة الوزراء، تيريزا
ماي، اعتذارا عن طريقة معاملة هؤلاء المقيمين.
وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى أنه خلال السنة
الماضية، تراجع عدد الأشخاص الذين حصلوا على حق اللجوء في المملكة المتحدة بنسبة
26 بالمئة، مقارنة بالسنة التي سبقت ذلك.. في المقابل، كلل ما نسبته 39 بالمئة من
الطعون المرفوعة ضد قرارات وزارة الداخلية بالنجاح.. أما ناثان ستيفنز، المسؤول عن
دراسة قضية المواطن الإيراني، فقال إنه يعتزم هو الآخر استئناف القرار وسيقدم شكوى
رسمية.
نيويوركر: ما دور الطائفية في نزاعات الشرق الأوسط؟
الغارديان: لماذا تصمت بريطانيا على إعدامات مصر؟
صحيفة إسبانية: ما فحوى زيارة روحاني إلى العراق؟