تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن الدعم غير المشروط من رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب والكونغرس الأمريكي للإسرائيليين، متوقعة أن يؤدي إلى نتائج عكسية في المستقبل.
وقالت الصحيفة في مقال نشرته للكاتب توماس فريدمان وترجمته "عربي21"،
إن "استمرار إسرائيل ككيان ذا هوية يهودية أمر غير مضمون في ظل توفر العديد
من العوامل الخارجية، على غرار تنامي نفوذ إيران المسلحة نوويا في الشرق الأوسط،
فضلا عن ملايين الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل في الضفة الغربية بشكل
دائم".
وأكد أن "إسرائيل تواجه خطر النتائج العكسية
المنبثقة عن دعم ترامب، والمشرعين المؤيدين لها في الكونغرس ولجنة الشؤون العامة
الأمريكية الإسرائيلية (أيباك)"، مضيفا أن "تأثير حب الأمريكيين
لإسرائيل قد يكون قاتلا".
وأوضح فريدمان أنه "في حال منحت واشنطن السلطة
المطلقة لنتنياهو ومكنته من بسط سيطرة دائمة على الأراضي الفلسطينية، ستنهار
السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية في نهاية المطاف، ويمكن لهذا الانهيار أن يدفع
الفلسطينيين البالغ عددهم 2.5 مليون شخص إلى المطالبة باقتسام السلطة بناء على أسس
ديمقراطية".
وتابع قائلا: "فور حدوث ذلك، ستشهد المؤسسات
الأمريكية الداعمة لإسرائيل الكثير من الأخذ والرد، وهو ما يمكن أن يقود إلى
الاتحاد اليهودي والمؤسسة اليهودية في المنطقة، وفور انهيار حل الدولتين واختفائه،
ستشهد الجامعات الأمريكية والمنابر السياسية نقاشات لا حصر لها بين التقدميين
ومناصري إسرائيل، وهو ما سيقود إلى القضاء على العالم اليهودي"، وفق تقديره.
اقرأ أيضا: ترامب يعترف بالجولان المحتل أرضا إسرائيلية.. واستنكار دولي
وأفاد الكاتب الأمريكي بأن "مهمة رئيس الولايات
المتحدة لطالما كانت تقوم على رسم الخطوط الحمراء لرؤساء الوزراء الإسرائيليين
والحكام العرب ليتخذوها ذريعة يبررون من خلالها ممارساتهم"، معتبرا أن
"ترامب تخلى عن هذا النهج، واتخذ قرارا بإضعاف السلطة الفلسطينية التي تحكم الضفة
الغربية بشكل مطرد، وذلك بالتزامن مع رفع القيود التي تكبل الزحف الإسرائيلي والتي
تحول دون تحقيق المساعي الرامية لضم الضفة الغربية للمستوطنات".
وأشار فريدمان إلى مقال نشرته صحيفة "جيروزاليم
بوست" الإسرائيلية في 14 آذار/ مارس الجاري، الذي تطرقت فيه إلى عمل الولايات
المتحدة على رفع صفة الاحتلال، عن مناطق مثل غزة والضفة الغربية وهضبة الجولان،
بشكل ممنهج منذ سنة 2017 عند ذكرها في التقرير السنوي لحقوق الإنسان الذي تعده
وزارة الخارجية الأمريكية.
وأوضح الكاتب أن استراتيجية دونالد ترامب، القائمة
على السماح للإسرائيليين وبعض القادة العرب بفعل ما يحلو لهم، تندرج ضمن مساعيه
للحصول على المزيد من التبرعات وتمويل حملاته الانتخابية، منوها إلى أن هذه
الاستراتيجية قادت السعوديين إلى قتل الصحفي جمال خاشقجي.
أما فيما يتعلق بإسرائيل، فيبدو جليا أن ترامب يسعى
لإصدار قرارات تصب في مصلحتها بهدف الحصول على المزيد من التبرعات لتمويل حملاته
الانتخابية من قبل المتبرع اليميني المتطرف والسخي، شيلدون أديلسون، علاوة على
ذلك، يسعى الرئيس الأمريكي إلى حمل اليهود على مغادرة الحزب الديمقراطي والتصويت
لصالح الجمهوريين، وهو ما تطلب منه السعي لنيل قبول بنيامين نتنياهو ومنحه أي شيء
يريده، بحسب الكاتب الأمريكي.
اقرأ أيضا: "فايننشال تايمز" بافتتاحيتها: قرار ترامب سابقة خطيرة
وأقر فريدمان أن العديد من أعضاء منظمة
"أيباك" يعلمون أن كل ذلك قد ينتهي بكارثة بالنسبة لإسرائيل، لكنهم
خائفون للغاية من التحدث علانية، وفي الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة إضعاف
وتهديد السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، تغض الطرف عن استفزاز نتنياهو لعرب
إسرائيل من خلال القول إنهم ليسوا مواطنين حقيقيين لأنهم ليسوا يهودا.
وأشار إلى العواقب الوخيمة المنجرة عن هذه السياسة
ذات المعايير المزدوجة التي تتبعها الولايات المتحدة في دعمها لإسرائيل، مؤكدا أنه
"لا يمكن إنكار الدور المحوري الذي تلعبه السلطة الفلسطينية في المحافظة على
هدوء الأوضاع في الضفة الغربية، كما لا يمكن التذرع بصواريخ حماس ووصفها بالخطر الكبير
الذي يبرر الممارسات السقيمة ضد الفلسطينيين".
وذكر الكاتب أن السباق بين ترامب والديمقراطيين في
الكونغرس حول هوية الطرف الأكثر تأييدا للإسرائيليين قد أسفر عن قرارات أمريكية
مجحفة، على غرار قطع التمويل عن منظمة الأونروا التي تمول المدارس والمرافق الاجتماعية
في فلسطين، وستقود هذه القرارات في نهاية المطاف إلى وضع حد لحل الدولتين وإلغائه.
وأورد الكاتب أنه على صعيد آخر، وجّه المدعي العام
الإسرائيلي لنتنياهو تهم فساد متعددة، جاعلا إياه في خطر قانوني، ويمكن تلافي
عواقب هذه التهم أو المساومة عليها من خلال تشكيل تحالف يميني ديني يقف إلى جانب
نتنياهو، لكن مثل هذا التحالف سيرفض حل الدولتين وسيطالب بضم الضفة الغربية، وهو
ما سيقود إلى عواقب وخيمة على إسرائيل.
وفي الختام، أوضح الكاتب أن ترامب سيحصل على تمويلات
لحملاته الانتخابية، في حين سيسعى نتنياهو لدفع الإسرائيليين لإعادة انتخابه،
بينما سيتلقى الفلسطينيون اللوم على كل شيء، في المقابل، ستقود هذه العوامل إلى
بطلان حل الدولتين ومطالبة الفلسطينيين بالانضمام لإسرائيل، وهو ما سيعني تغيير
هويتها اليهودية وتمزيق كل منظمة أو مؤسسة يهودية في العالم.
اقرأ أيضا: فورين بوليسي: هل احتضان ترامب لنتنياهو يساعده في قاعدته؟
فورين بوليسي: هل احتضان ترامب لنتنياهو يساعده في قاعدته؟
كاتب أمريكي: إعلان ترامب يعطي أملا للمستوطنين بضم الضفة
NYT: هل تقترب شراكة نتنياهو وترامب القوية من نهايتها؟