الحزب الشيوعي كانت لديه خطة انقلابية مُحكمة يوم 6 أبريل
ظهرت جيوب متمردة داخل الجيش داعمة للشيوعيين وتم إلقاء القبض عليهم جميعا
الأجهزة الأمنية والعسكرية فطنت لمخطط "الشيوعيين" وقامت بانقلاب أبيض دون إراقة دماء
ما قام به المجلس العسكري خطوة إيجابية يجب أن تتبعها خطوات أخرى كثيرة
إذا ما سارت الأمور بشكل إيجابي سندعم كل هذه الإجراءات بشكل كامل
إذا ما أخلف المجلس العسكري الانتقالي وعده فسيكون لكل حادث حديث
نشارك في الاعتصامات والاحتجاجات لكن بشكل غير رسمي وغير منتظم
الحزب الشيوعي هو أقل حزب في السودان على مستوى العضوية
لو أجريت انتخابات غدا بالسودان فلن يفوز الحزب الشيوعي بأكثر من 10%
قوى اليسار والشيوعيين، يتعمدون الربط التام بين الإخوان وعمر البشير.. وهذا غير صحيح تماما
البشير وحسن الترابي انفصلا عن الإخوان منذ عام 1984 وانتهجا نهجا مختلفا تماما
حكومة عمر البشير بدأت بداية مشرقة لكنها انتهت نهاية محرقة
نتمسك بالدستور الإسلامي ونرفض المساس به.. والشعب السوداني شعب مسلم بنسبة 99%
إذا ما تمكن جناح اليسار من الحكم سنتعرض لمخاطر وتهديدات كثيرة
قال الأمين السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بالسودان، سامي عبدالدايم، إن الحزب الشيوعي كانت لديه خطة انقلابية مُحكمة يوم 6 نيسان/ أبريل، تحتمي بالحشود الكبيرة التي أخذوها كدروع بشرية للانقلاب العسكري الذي كانوا يهدفون إليه، خاصة بعدما ظهرت جيوب متمردة داخل الجيش داعمة لهم.
ورأى، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "الأجهزة الأمنية والعسكرية فطنت لهذا المخطط الذي تم استباقه بانقلاب أبيض دون إراقة دماء أو حدوث عنف؛ فقد تم حقن الدماء التي كان يخطط البعض لها، وكفت المؤسسة العسكرية البلاد مجزرة كادت أن تحدث يوم 6 نيسان/ أبريل".
واعتبر ما قام به المجلس العسكري الانتقالي "خطوة إيجابية في الطريق الصحيح، لكنها خطوة منقوصة يجب أن تتبعها خطوات أخرى كثيرة"، مضيفا: "إذا ما سارت الأمور بهذا الشكل الذي تحدثوا عنه سنؤيد وندعم كل هذه الإجراءات بشكل كامل، أما إذا ما أخلفوا وعدهم فسيكون لكل حادث حديث".
وأشار عبدالدايم، الذي شغل سابقا منصب وزير الدولة للرعاية الاجتماعية وشؤون المرأة والطفل، إلى أن قوى اليسار والشيوعيين شنّوا حملات هجوم عليهم باعتبارهم "جزءا من نظام عمر البشير، وقد نجحوا في ذلك إلى حد بعيد، لأنهم يزعمون طوال الوقت أن حكومة البشير هي حكومة الإسلاميين".
وأكد الأمين السياسي لجماعة الإخوان بالسودان أنه "إذا ما تمكن جناح اليسار سنتعرض لمخاطر وتهديدات بالضرب والقتل والإقصاء، وقد نشهد أيام سوداء وعصيبة، وهو ما سيأزم المشهد ويعقده أكثر فأكثر"، وفق قوله.
وفيما يلي نص المقابلة:
كيف ترون التطورات الأخيرة التي تحدث بالسودان؟ وما موقفكم منها؟
نحن مراقبون ومشاركون في الأحداث ومعايشون لها لحظة بلحظة، ونتابع تطوراتها عن كثب، ونتفاعل معها بطبيعة الحال. وقد بدأت الأحداث في الانفجار منذ نحو 6 شهور نتيجة للظروف الاقتصادية الخانقة والأزمة المعيشية، وعلى رأسها الخبز والوقود، ثم تطورت لمظاهرات مطلبية محدودة إلى أن بدأت تتسع يوما بعد الآخر، خاصة أن حكومة البشير لم توف بكل الوعود التي قطعتها على نفسها بالشكل اللازم.
وتم التعامل الأمني بالقمع والعنف مع الاحتجاجات في بعض الولايات، ثم وصلت العاصمة الخرطوم، ومنذ 4 شهور لم تكن هناك أي قيادة أو جهة واضحة تحرك هذه الاحتجاجات باستثناء "تجمع المهنيين"، الذي ينتمي للحزب الشيوعي، والذي ليست له أرضية أو شعبية كافية لقيادة هذه الاحتجاجات، لكنه عزف على وتر الغلاء والفساد فوجد تجاوبا من الكثير من المواطنين وخاصة الشباب الذين استجابوا له.
وبدأت الأحداث في تسارع واضح وكبير منذ احتجاجات 6 نيسان/ أبريل، فقد استطاعوا اختيار التاريخ والمكان المناسب بعناية، وتم التخطيط لذلك جيدا، وكانت لهم أجندة أخرى خفية بعدما ظهرت جيوب متمردة داخل الجيش داعمة لهذه الاحتجاجات التي يحركها الحزب الشيوعي وتؤيد أهدافه.
وهذا التخطيط لم يكن عبثيا على الإطلاق، فقد كانت هناك خطة انقلابية مُحكمة تحتمي بالحشود البشرية الكبيرة التي أخذوها كدروع بشرية للانقلاب العسكري الذي كانوا يهدفون إليه.
وبالتالي كيف ترون تعامل المؤسسة العسكرية مع هذا "المخطط"؟ وما توصيفكم لما جرى مؤخرا؟
الأجهزة الأمنية والعسكرية فطنت لهذا المخطط، وعملت على إجهاض هذا الانقلاب الذي كانت عواقبه ستكون وخيمة على الجميع، وتم استباق هذا المخطط بانقلاب أبيض دون إراقة دماء أو حدوث عنف؛ فقد تم حقن الدماء التي كان يخطط البعض لها، وكفت المؤسسة العسكرية البلاد مجزرة كادت أن تحدث يوم 6 نيسان/ أبريل.
لو تشرح لنا مزيدا من التفاصيل حول أبعاد "المخطط" الذي تتحدث عنه؟
الحزب الشيوعي كان على تواصل مع بعض ضباط الجيش، وكان يعول على قائد سابق بالجيش ذو صلة بحزب البعث العربي الاشتراكي، والذي كان البشير يقربه إلى جانبه لكسب وده بسذاجة.
واستطاع هذا القائد العسكري السابق زراعة مجموعة من الضباط في صفوف القوات البحرية على وجه التحديد، والذين تمردوا خلال الفترة الماضية، وانكشف أمرهم خلال الأسبوع الماضي، وهذا أمر شائك وحساس بالطبع، إلا أنه تم إخماد هذا التمرد تماما في مهده، بعدما تم القبض عليهم جميعا، وتم إحلال مجموعات أخرى موالية للجيش مكانهم.
وبالمناسبة هذه المجموعة المتمردة، والتي لم تكن كبيرة، هي التي أوحت للرئيس البشير أن يذهب المتظاهرون إلى مقر القيادة العامة للجيش بدل القصر الجمهوري، ليحدث التواطؤ هناك بعدما كادت القوات الأمنية أن تفض أكثر من 70% من ساحة الاعتصام أمام بوابات القيادة العامة.
وما هو موقفكم مما حدث وخاصة التحركات التي يقودها المجلس العسكري الانتقالي؟
نراها خطوة إيجابية في الطريق الصحيح، لكنها خطوة منقوصة يجب أن تتبعها خطوات أخرى كثيرة، إلا أننا نؤيد الخطوة الأولى. إلا أننا لا نؤيد أو نرفض هذا المسار الجديد بشكل كامل، ولنا بعض التحفظات عليه مثل التحفظ على مدة العامين كمرحلة انتقالية نفضل عاما واحدا فقط، ونتحفظ أيضا على قانون الطوارئ.
ونرى أن ما جاء في مؤتمر صحفي لرئيس اللجنة السياسية المكلفة من المجلس العسكري، الفريق عمر زين العابدين، أمس الجمعة، من تصريحات ومواقف أمور طيبة وإيجابية جدا، فقد أجاب عن الكثير من الأسئلة، وأزال بعض الغموض، وإذا ما سارت الأمور بهذا الشكل الذي تحدثوا عنه سنؤيد وندعم كل هذه الإجراءات بشكل كامل، وسنقدم كل ما بوسعنا للمساهمة في إنجاح هذا المسار، خاصة أنهم تعهدوا بتكرار تجربة المشير عبدالرحمن سوار الذهب وعدم البقاء في السلطة، أما إذا ما سارت بعكس ما تحدثوا عنه اليوم سنرفض بشدة هذا المسار الذي سيصبح استنساخا للنظام السابق.
وأرى أن ما قام به وزير الدفاع من إلقاء "بيان الخميس" كان محاولة لجس النبض ولقياس ردود الفعل، حيث أنه ألقى البيان منفردا وبشخصه فقط، وأدى يمين القسم بدون أي بروتوكولات أو وجود لعسكريين آخرين معه في المشهد، بعكس ما هو معتاد في مشاهد الانقلابات السابقة.
وقد كان هناك تعمدا لعدم وجود عسكريين آخرين مع وزير الدفاع في المشهد خشية أن تكون هذه الشخصية أو تلك مرفوضة محليا أو دوليا، خاصة في ظل تعقد المشهد وتداخلات الداخلية والخارجية، لأن السودان ترزح تحت المقص التركي القطري الروسي أو السعودي الإماراتي الأمريكي، وبالتالي هي معادلة وموازنة صعبة جدا، وقد فشلت حكومة البشير في كسب ود أي من المعسكرين.
المجلس العسكري الانتقالي قال إنه سيبدأ حوارا مع جميع الكيانات السياسية.. فهل تواصل معكم؟ وما موقفكم حال توجيه دعوة لكم؟
لم يتم توجيه الدعوة للأحزاب السياسية بعد، وأعتقد أنه قد يتم توجيهها اليوم أو غدا. فلم تتم دعوة أي من الأحزاب السياسية حتى الآن، باستثناء شخص الصادق المهدي الذي أحيانا ما تتم استشارته لكن بشكل فردي وليس حزبيا.
ونحن عادة ما تصلنا دعوات من مجلس الوزراء أو الرئاسة أو المجلس العسكري للنقاش والتحاور، والتي نقبلها ونتعاطى معها بشكل إيجابي، وسنقدم اليوم السبت أسماء ممثلين اثنين مفوضين عن الجماعة لحضور الاجتماع المرتقب، والذي لم يتم تحديده بعد.
والمجلس العسكري الآن يقول إنه يمد يده بيضاء للجميع، وللشباب المعتصمين، وسنجلس معهم على الأرض للتفاوض والنقاش، وننتظر حدوث ذلك بالفعل.
ما مدى التوافق بين الأحزاب والمكونات المدنية على طريقة إدارة المرحلة الانتقالية؟
كل الأحزاب شاركت في جلسات الحوار الوطني للتفاهم على خطة استراتيجية مُتوافق عليها من قبل الأحزاب بشكل عام، ولا نعلم هل سيكون الحوار الوطني الذي قامت به الأحزاب قبل نحو 3 أعوام هو المرتكز لطريقة إدارة المرحلة الانتقالية الجديدة أم لا.
وندعو للتركيز على الجوانب الاقتصادية والأمنية والمطالب الشبابية، وتوفير لقمة العيش، ومكافحة الفساد، مع المحافظة على الدستور الإسلامي ليبقى كما هو.
وبالتالي أنتم تدعون لاستئناف العمل بدستور 2005 مرة أخرى؟
بالفعل. والشعب السوداني شعب مسلم بنسبة 99%. ودستور البلاد هو الدستور الإسلامي مع مراعاة الأعراف والتقاليد التي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية. ونحن على هذا الأساس نخشى أي تلاعب بالدستور أو أي التفاف على إسلاميته، خاصة أن الحزب الشيوعي بطبيعة الحال سيرفض الدستور الحالي وسيدعو لإلغائه بشكل كامل، فهذا أحد أهم المطالب التي يتبناها وينادي بها، لكن 90% من الأحزاب السياسية تتمسك بالدستور الإسلامي وترفض المساس به.
وما مدى الشعبية التي يتمتع بها الحزب الشيوعي على أرض الواقع؟
الحزب الشيوعي هو أقل حزب في السودان على مستوى العضوية، لكنه الآن استطاع استغلال الظروف الاقتصادية والمعيشية التي تمر بها البلاد، وسخّروا كل الوسائل الإعلامية للأسف لخدمة أجندتهم، واستطاعوا أن يلهبوا حماس الجماهير بالثورية والشعارات التي رفعوها.
إلا أنه لو أجريت انتخابات غدا بالسودان فلن يكون لهم أكثر من 10% من الممثلين لهم في البرلمان والحكومة، حيث أن قواعد الأحزاب المحتجة في الشوارع الآن ستعود إلى أحزابها وتختار ممثليها بعيدا عن الحزب الشيوعي الذي يعتقد أنه يقود ويسيطر على الجماهير اليوم.
وسيعود المتظاهرون إلى أحزابهم مع إجراء الانتخابات، ولن يبق للحزب الشيوعي أكثر من 20 ألف ناخب أو مؤيد في أفضل الأحوال بالنسبة لهم، وهذا بدليل أن هذا الحزب في كل الانتخابات الماضية لم يفز سوى بمقعد أو اثنين على الأكثر طوال فترة حكم البشير الذي كان يتكرم عليهم بمقعد آخر حتى يكونوا مُمثلين.
خارطة الطريق التي أعلن عنها وزير الدفاع عوض بن عوف أعلنت الكثير من القوى السياسية رفضهم لها، ويرون أن ما حدث إقصاء للقوى المدنية، وأن اللجنة الأمنية والمجلس العسكري جزء لا يتجزأ من نظام البشير.. ما تعقيبكم؟
هذا ما تروجه القوى اليسارية بالفعل، وهذا شيء مضحك جدا. فالبشير رئيس منذ 30 عاما، ودائما في أي انقلاب يأتي وزير الدفاع ثم بعد ذلك تحدث ترتيبات معينة، فمن أين نأتي بمن يمسك بزمام السلطة والحكم؟ ومن أين سنأتي لهم بعساكر؟ ومن هو البديل المناسب لهم؟
لا نريد أن نؤيد أو نظلم المجلس العسكري الذي أكد أنه سيغادر السلطة خلال عامين بحد أقصى، ويقول إنه سيؤيد مطالب الشعب، أما إذا ما أخلفوا وعدهم فسيكون لكل حادث حديث.
وعوض بن عوف الذي عمل بالفعل مع البشير كان يمكنه رفض الانقلاب والتصدي له ببساطة، وكان يمكنه فض الاعتصام بالقوة الأمنية، لكنه ورئيس المخابرات وقادة الجيش هم من اقترحوا إقالة عمر البشير، وهم نفس الأشخاص الذين كان يحتمي بهم البشير، إلا أنهم حينما شعروا أن الوضع وصل لمرحلة اللاعودة ومرحلة اللاإصلاح ولم يعد لديه جديد ليقدمه للشعب السوداني أطاحوا به من سدة الحكم.
كيف ترون الانتقادات وحملات الهجوم التي يشنها البعض عليكم باعتباركم جزءا من نظام عمر البشير؟
بالفعل، قوى اليسار والشيوعيين يتعمدون الربط التام بين الإخوان وعمر البشير رغم أنهم يعلمون أننا لا علاقة لنا بالبشير ولا علاقة للبشير بنا، لكنهم يزعمون طوال الوقت أن حكومة البشير هي حكومة الإسلاميين.
وللأسف، الانهيار الاقتصادي والانهيار أخلاقي الذي وقع فيه نظام البشير تم إلصاقه بالإخوان والإسلاميين، بينما عمر البشير هو المسؤول الأول عن ذلك، وهو من يتحمل نتيجة ذلك، ولو ضرب الفساد بيد من حديد لصفق له الشعب كله، وهذا الخلط المتعمد هدفه الأساسي تشويه وضرب الإخوان. ونرى أن حكومة البشير بدأت بداية مشرقة إلا أنها انتهت نهاية محرقة.
إلى أي مدى نجح هؤلاء في تشويه الإخوان والحركة الإسلامية وربطوا بين نظام البشير والإخوان؟
نجحوا للأسف إلى أبعد مدى، ونحن نعاني الأمرين، فكثير من الناس البسطاء أو أصحاب العلم أصبح لديهم خلط واضح بين نظام البشير والإخوان، ويعتبرون أن الطرفين شيء واحد، ولا يتصورون أن هناك فرقا واضحا بين الطرفين؛ فمنذ عام 1984 انفصل عمر البشير وحسن الترابي عن الإخوان، وكوّنوا الجبهة الإسلامية القومية، وانتهجوا نهجا مختلفا تماما، ولم يعد لهم أي علاقة أو صلة لا بجماعة الإخوان أو التنظيم العالمي لا من قريب أو بعيد، ونحن من نمثل جماعة الإخوان فقط ولا علاقة لنا بالآخرين.
ألا ترى أنكم قصرتم في عدم توضيح أنه لا توجد علاقة بينكم وبين البشير؟
الآلة الإعلامية كلها كان تحت سيطرة عمر البشير، إلا أننا من خلال بعض البيانات أو الخطب أو الندوات أصبحنا نتحين الفرص لنثبت للشعب أننا والمؤتمر الوطني ومجموعة عمر البشير مختلفة تماما.
والشيخ صادق عبد الله عبد الماجد، وهو أحد أهم مؤسسي حركة الإخوان بالسودان، قال سابقا والله لقد عاصرت كل الحكومات منذ استقلال السودان، لكنني لم أر فسادا وحكومة فاسدة واستشرى فيها الفساد كالحكومة الحالية في عهد البشير الذي نرى أنه كان رجلا إسلاميا قدّم تجربة سيئة شوهت التيار الإسلامي بأكمله.
وهل هناك تخوف لديكم من حدوث إقصاء لكم حال وصول "الشيوعيين" إلى الحكم؟
بالفعل، فنحن الآن معرضون لأي شيء، ونحاول استدراك بعض الأمور الخاصة بنا. هم يعتقدون أننا وعمر البشير واحد. وكان بعضهم يقول لنا سابقا- ولو على سبيل المزاح- حينما نصل للحكم سنفرككم كاللحمة، وكلكم واحد بالنسبة لنا. والآن، إذا ما حدث أي تهديد لعمر البشير ومجموعته، وتمكن جناح اليسار، سنتعرض بطبيعة الحال لمخاطر وتهديدات بالضرب والقتل والإقصاء أو أي شيء آخر. وقد نشهد أياما سوداء وعصيبة لا قدر الله، وهو ما سيؤزم المشهد ويعقده أكثر فأكثر.
وما هي فرص وصول الشيوعيين للسلطة؟
فرصهم ضعيفة جدا. لكن الآن صوتهم عالي في الإعلام والشارع بسبب استغلالهم للأزمات الاقتصادية والمعيشية، ومع ذلك فلن تتجاوز نسبتهم 10% في الحكومة والبرلمان في حال أجريت الانتخابات في القريب العاجل، لأن شعب السودان محب للإسلام والدين الإسلامي، ولا يمكن أن يدخل في عداء معه بأي صورة من الصور.
وما هي طبيعة العلاقة بين الإسلاميين والشيوعيين في السودان؟
العلاقة في الفترة الماضية كان يسودها ود واحترام متبادل. وأنا شخصيا كان مساعدي الخاص أحد قادة الشيوعيين، والبعض كان يستغرب كثيرا من العلاقة الطيبة التي كانت تجمعنا، لكن حدث شحن إعلامي زائد وضغط كبير ضد البشير والإخوان ومن الآلة الإعلامية الشيوعية ذات الإقصاء المعادي للإسلام.
وبالتالي، ففي المرحلة الحالية من الصعب أن تكون تفاهمات ومصالحات بيننا، لأنهم يرون الإخوان فسدة وإقصائيين ونهبوا خيرات السودان، ولا أتوقع أن يكون هناك علاج لتلك العلاقة في المدى القريب، بل يمكن ذلك على المدى البعيد.
وبالمناسبة، الحزب الشيوعي كان يدعو لفترة انتقالية لمدة 4 سنوات حتى يستطيعوا اقتلاع الدولة العميقة وتفكيك مفاصل الدولة الإسلامية التي قامت من وجهة نظرهم، إلا أنه حينما طرح المجلس العسكري مدة عامين أعلنوا رفضهم لذلك وعارضوه، وبالتالي فهذا تناقض عجيب وغريب.
إلى أي مدى ترون أن المؤسسة العسكرية في السودان قد تدخل في حالة عداء مع الحركة الإسلامية؟
لا أعتقد أنها قد تدخل في حالة عداء مع الحركة الإسلامية. فكثير من ضباطها وجنودها لهم خلفية إسلامية ويتسمون بسمت الشعب السوداني، كما أنها لن تدخل في عداء مع باقي الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى بالسودان.
المجلس العسكري الانتقالي في السودان أعلن أنه لن يُسلّم عمر البشير للمحكمة الجنائية الدولية.. فما هو موقفكم من محاكمة البشير لدى المحكمة الجنائية الدولية؟ وهل بالإمكان أن يذهب إلى دولة عربية ليقيم فيها؟
نثمن موقف المجلس العسكري في هذا الصدد، ونرفض تسليم البشير للجنائية الدولية، ويمكن محاكمته هنا إذا ما ثبت ضده أشياء تستحق المحاكمة. وكان المجلس العسكري قال إنه لن يسلم البشير للجنائية الدولية وسيترك هذا القرار لحين وصول حكومة مدنية. ولا نتوقع أن يذهب البشير إلى أي دولة عربية لأنه يعلم أنهم قد يسلموه لأمريكا حال وصوله أرض المطار، ولن يكون في مأمن مثلما هو الآن في السودان. وأعضاء المجلس العسكري هم أصدقاؤه وتلاميذه ومن أقرب الأقربين له.
والشعب السوداني شعب متسامح بشكل عجيب ولأبعد مدى. فحينما ثار ضد جعفر النميري اضطر هذا الأخير للمكوث في مصر عدة أعوام، وحينما عاد إلى وطنه استقبلته الجماهير بحفاوة، وحين توفي بكى عليه كل السودان.
قائد قوات الدعم السريع في الجيش السوداني، محمد حمدان دلقو حميدتي، أعلن اعتذاره عن المشاركة في المجلس العسكري.. ما هي دلالة ذلك؟ وهل جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية متفقة بالفعل على هذا المسار الجديد؟
الفريق حميدتي هو رجل بسيط من أشد الموالين لعمر البشير الذي صنع هذه القوات المدججة بأحدث الأسلحة غير الموجودة في بعض الدول العربية، وتتبع القصر الجمهوري مباشرة، لأنه بمنزلة الحرس الجمهوري للرئيس. وبحسب معلوماتنا، فقد لجأ حميدتي لهذه الخطوة كنوع من التكتيك السياسي كخط رجعة في حال رفضت المعارضة لإجراءات المجلس العسكري، وبالتالي يصبح هو قناة اتصال وتحاور مع العسكريين والجماهير، وتكون كل أدوات التفاوض بيديه، وينصب نفسه نصيرا للجماهير، خاصة أنه الآن لديه شعبية كبيرة وسط الجماهير والمتظاهرين.
وتعداد "قوات الدعم السريع" كبير جدا، وتسليحهم بشكل كامل وعال، وتدريباتهم ذات كفاءة عالية، وقد تعاملت المؤسسة العسكرية معه بحكمة، لأنه لو كان خارج المنظومة كان يمكن أن يشكل خطرا أو قلقا على مستقبل البلاد، فهي الآن تشكل الحماية لكل مدينة الخرطوم حاليا، بحسب معلوماتنا، وفي ظل هذه الظروف لابد أن تُؤمن البلاد بشكل جيد خشية أن يحدث أي انفلات أمني في الولايات الأخرى.
هل أنتم مشاركون في الاعتصامات والاحتجاجات التي تشهدها الخرطوم؟
نحن لا نشارك بشكل منتظم في هذه الاعتصامات والاحتجاجات، لكننا نذهب من وقت لآخر إلى ساحة الاعتصام ونناقش المتظاهرين، ولا نجلس بشكل رسمي أو منتظم، بل مشاركاتنا محدودة، وقد خرجنا في احتجاجات يوم 6 نيسان/ أبريل لأننا جزء من مكونات الشعب السوداني.
كيف تقيمون المواقف الإقليمية والدولية من التطورات التي تشهدها السودان؟
هي مواقف مختلفة وحذرة، وعلى رأسها الموقف الأمريكي الذي يشوبه الحذر، فضلا عن أن موقف الاتحاد الأفريقي الذي أصدر سابقا قرارا بمنع الانقلابات العسكرية وأكد أنه لن يعترف بأي انقلاب عسكري، وذلك بموافقة عمر البشير وعبدالفتاح السيسي. حتى الآن، الاتحاد لم يعترف بالحكومة الجديدة، وبريطانيا طالبت بتقصير الفترة الانتقالية، ومصر هي الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت موافقتها.