فتح استدعاء الإمارات العربية المتحدة سفيرها المعتمد بالمغرب عن طريق "طلب سيادي عاجل" الحديث عن مستقبل العلاقات بين الرباط وأبوظبي، والتي كانت حتى وقت قريب توصف بالمثالية والصداقة التاريخية.
الخلاف يتوسع
وقال رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم المنار اسليمي، "تعبر مغادرة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة للرباط بحجة (طلب سيادي عاجل) على وجود أزمة عميقة بين المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة لم يعد من الممكن إخفاؤها".
وأضاف عبد الرحيم المنار اسليمي في تصريح لـ"عربي21"، "تعود هذه الأزمة لمجموعة أسباب أحدها الزيارة المرتقبة للملك محمد السادس إلى المملكة العربية السعودية واستثناء دولة الإمارات".
وزاد "ويبدو من خلال هذه التحولات أن مغادرة سفير أبوظبي للرباط دلالة على الانزعاج والقلق الذي تشعر به الإمارات العربية المتحدة من الدور الحيادي المغربي في الخلافات العربية ـ العربية وتمسكه بمواقفه التاريخية في القضايا العربية الإسلامية".
وأفاد "فالإماراتيون لم يستوعبوا بعد الشكل الجديد للسياسة الخارجية المغربية كقوة إقليمية في العالم العربي وأفريقيا لها حرية في تغيير التحالفات وبناء التنسيق الاستراتيجي بعيدا عن الاصطفاف الذي تفكر به دولة الإمارات".
وشدد "من الواضح أن مسافة الخلاف بين المغرب والإمارات باتت واضحة، فبقدر ما يبدو أن هناك حوارا مغربيا سعوديا بعد الأزمة الأخيرة ساعدت عليه شخصيات السعودية القديمة، فإن التباعد بات بعيدا بين المغرب والإمارات".
اقرأ أيضا: الإمارات تستدعي سفيرها بالمغرب بـ"طلب سيادي عاجل"
ملفات الأزمة
وقدم اسليمي نموذجا "لملفات قادت إلى وضعية التوتر الحاصلة رغم الصمت الموجود لحد الآن، أول هذه الملفات الأزمة الليبية، ذلك أن الإمارات اشتغلت منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات على عرقلة اتفاق الصخيرات، وهي عرقلة للمجهودات التي قام بها المغرب والأمم المتحدة للتقريب بين أطراف الأزمة".
وأضاف "ولعل العمل العسكري الأخير الذي قاده حفتر في ليبيا بمحاولة الوصول إلى طرابلس والغرب الليبي دلالة واضحة على وجود أياد إماراتية ومصرية تستهدف اتفاق الصخيرات والمساعي الدبلوماسية المغربية، لأن حفتر لا يمكنه التحرك دون ضوء أخضر من الإمارات، وقد لاحظنا كيف خرج المسماري أحد قيادات قوات حفتر للهجوم على اتفاق الصخيرات تبعته بيانات من حفتر نفسه، فاللواء المتقاعد حفتر لا يمكنه تلاوة حرف واحد ضد اتفاق الصخيرات والمغرب بدون ضوء أخضر من الإمارات".
وتابع "ثاني ملفات التوتر مرتبط بشريط (العربية) العدائي ضد السيادة المغربية، حيث يبدو أن سلطات أبوظبي لها يد في شريط قناة (العربية) مادامت القناة موجودة فوق الأراضي الإماراتية، فرغم اندلاع الأزمة بعد الشريط مع السعودية، فإن دولة الإمارات هي المسؤولة عن هذا الشريط، فقناة العربية موجودة بدبي وتتلقى التعليمات من سلطات أبوظبي أكثر من السعودية، وقد سبق لقناة (أبوظبي) أن قامت بإشارات شبيهة بما قامت به قناة (العربية) قبل التراجع".
وأفاد ثالث ملفات التوتر، "يتمثل في موقف أبوظبي من الحركات الإسلامية في شمال أفريقيا ذلك أنها تريد من تونس والمغرب أن يدخلا في صراع مع الأحزاب ذات التوجه الإسلامي،وهو ما ترفضه الدول المغاربية التي تبدو حريصة على عدم انتقال ما يجري في الشرق الأوسط ومصر إلى المنطقة المغاربية، فموريتانيا وحدها هي التي يبدو أنها تقبل بالصراع المفتوح مع الأحزاب ذات التوجه الإسلامي رغم أن التجربة المغاربية للإسلاميين مختلفة تماما عن تجربة الإخوان في مصر".
وأوضح "رابع هذه الملفات يرتبط بمحاولات الاختراق الإعلامي للمغرب، وهي مسألة خطيرة يبدو أن الهدف منها هي محاولة التأثير في الرأي العام وتنقيل كل مواقف دولة الإمارات من القضايا الخلافية في العالم العربي نحو المغرب وتونس".
وسجل "خامس ملفات التوتر مرتبط بصراع جيوـ ديني لازال في بدايته تقوده دولة الإمارات ضد المغرب بأدوات مصرية في غرب أفريقيا وأوروبا".
اقرأ أيضا:خبيران: مستقبل الخلاف المغربي السعودي متعلق برد الرياض
وختم تصريحه قائلا، "تبين من كل هذه القضايا الخلافية أن التباعد بات كبيرا بين المغرب ودولة الإمارات، فالعلاقات الاقتصادية لم تتقدم بشكل كبير مقارنة بقطر والسعودية،حيث أن الإمارات تركز على مصر أكثر من غيرها".
المثير في استدعاء السفير الإماراتي بالمغرب على وجه السرعة، هو تزامنه مع قيام الإمارات بتنظيم أيام المغرب في الإمارات وأيضا أيام "أم الإمارات" (والدة محمد بن زايد) في المغرب.
استدعاء سفير الإمارات بالرباط، أعاد إلى الأذهان قيام المغرب باستدعاء سفيريها من الرياض وأبوظبي قبل شهرين، وهو ما عللته وزارة الخارجية المغربية بعد تردد ونفي طويلين، بأن الاستدعاء صحيح وذلك بسبب التحولات الجارية في البلدين وتأثيرها على العلاقات الداخلية لها وعلاقاتها بدول الجوار الخليجي.
وتسود تكنهات كثيرة بين المراقبين في المغرب حول دوافع استدعاء أبوظبي سفيرها في المغرب، غير أن أغلبها يدور حول العلاقات المتوترة بين البلدين في السنتين الأخيرتين.
ولعل بداية الخلاف بين الربط وأبوظبي كان الموقف من حصار قطر، حيث رفضت الرباط الاصطفاف خلف محور السعودية الإمارات، لتبدأ بعدها سلسلة من المشاكل، وتطفو على السطح تناقضات في السياسة الخارجية والداخلية على حد سواء.
هذا الأمر جعل العاهل المغربي يعلن في القمة الأفريقية الأوروبية الأولى بمصر، أن هناك بلادا عربية تتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية أخرى وتهدد استقرارها، وهو ما نظر إليه على أنه رسالة موجهة للإمارات والسعودية على حدا سواء.
الإمارات تستدعي سفيرها بالمغرب بـ"طلب سيادي عاجل"
صحيفة فرنسية: جولة خليجية لملك المغرب تقوده للرياض وقطر
مصدر سوداني ينفي لـ"عربي21" رفض استقبال وفد قطري