تحدث جنرال إسرائيلي ومسؤولي استخباراتي سابق الأربعاء، عن مسارات الأزمة الراهنة بين الولايات المتحدة وإيران، والسيناريوهات المتوقعة في ظل التهديدات المتصاعدة من الطرفين.
وقال الجنرال عاموس يدلين الرئيس السابق لشعبة
الاستخبارات ورئيس معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي، إن "الأزمة مع إيران
مفتوحة على كل الاحتمالات، ولكن يبدو أن احتمال المفاوضات هو الآخر وارد"،
معتقدا أنه "على إسرائيل أن تعد سياسة استراتيجية تجاه كل الاحتمالات وعلى
المسافات الزمنية المختلفة القريبة والمتوسطة والبعيدة".
وأوضح يدلين في الورقة البحثية الدورية التي تصدر
بعنوان "نظرة عليا" أن إيران تمتلك إمكانيات عدة في الوقت الحالي، منوها
إلى أنها تملك في المجال النووي ثلاثة خيارات، الأول يتمثل في خروقات طفيفة لمواد
الاتفاق، بما في ذلك زيادة حجم تخصيب اليورانيوم أو رفع نسبة التخصيب.
خيارات إيران
وتابع الجنرال الإسرائيلي: "الخيار الثاني يتمثل
في الانسحاب من الاتفاق والعودة إلى العمل النووي الواسع في ظل نصب عشرات آلاف
أجهزة الطرد المركزي، واستئناف النشاط في المفاعل في أراك، إلى جانب إلغاء التوقيع
على المحضر الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية"، مضيفا أن "الخيار
الثالث يتعلق بالانسحاب من ميثاق منع نشر النووي، وتكمن خطورته بالسماح بتطوير
قنبلة نووية".
أما فيما يتعلق بالمستوى العسكري، أكد يدلين أن
إيران تستطيع المس بالجنود الأمريكيين في سوريا وبالأساس في العراق من خلال منظمات
موالية لها، أو من خلال إطلاق صواريخ أو القيام بعمليات ضد مصالح أمريكا في الشرق
الأوسط أو حتى ضد إسرائيل.
اقرأ أيضا: واشنطن تأمر برحيل سريع لموظفيها غير الضروريين من العراق
ولفت إلى أن طهران تستطيع أيضا تهديد الحركة البحرية
لناقلات النفط في مضيق هرمز، إلى جانب المس بإنتاج النفط في الجانب العربي من الخليج من خلال إطلاق الصواريخ والطائرات
المسيرة، دون الإعلان أو أخذ المسؤولية.
وأشار إلى أن إيران لا زالت تتبع سياسة التدريج في
تهديداتها، فهي ملتزمة بعدم إخراج المادة المخصبة فوق 300 كيلوغرام، وفق ما هو
مسموح بالاتفاق النووي، لكنها تهدد بزيادته بعد 60 يوما، وهو ما يؤكد أنها لن تنسحب
من الاتفاق حاليا.
في المقابل، فإن الردود الأمريكية وفق الجنرال
الإسرائيلي تمثلت في وصول إخطار استخباري بإمكانية المس بجنود الولايات المتحدة في
العراق، وهذا ما يفسر تغيير خطة سفر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من
ألمانيا إلى العراق في الأسبوع الماضي.
شروط صعبة
ونوه يدلين إلى أن واشنطن نشرت إخطارا للسفن
التجارية لدول الخليج حول محاولات المس بناقلات في مضيق هرمز، ومن ثم أرسلت قوات
عسكرية وحاملة طائرات وحاملات صواريخ قادرة على حمل السلاح النووي، إضافة إلى
بطاريات باتريوت، معتبرا أن "هذه القوات ليست مناسبة لمعركة واسعة النطاق،
ولكنها رسالة تقوم أن عمليات إيران لن تبقى بلا رد، حتى وإن كانت موضعية
فقط".
ورأى أن "الطرفين يحاولان طرح شروط صعبة للعودة
إلى المفاوضات، فأمريكا متمسكة بمطالبها الـ12 التي طرحها بومبيو، في حين طهران
تطلب اعتذار واشنطن والعودة إلى الاتفاق النووي كشرط للمفاوضات، ومع ذلك، كلاهما
يفهم أنه يحتمل أنه في النهاية يكون مسار الحوار هو الأقل خطرا لهما".
اقرأ أيضا: "MEE": حرب وشيكة مع طهران ليست في صالح ترامب
وذكر يدلين أنه في حال اندلعت معركة واسعة بين
أمريكا وإيران، فإن احتمال أن تبقى إسرائيل خارجها متدنٍ، مطالبا السياسيين
الإسرائيليين بضرورة الانتباه إلى اليقظة الاستخبارية والجاهزية العملياتية،
لإحباط أي خطوة عسكرية إيرانية مباشرة أو غير مباشرة ضد إسرائيل.
وأردف قائلا: "مطلوب اتفاق استراتيجي مشترك مع
الولايات المتحدة حول الرد على خطوات عسكرية إيرانية، وعلى إسرائيل أن تفحص وتعدل
أعمال المعركة بين الحروب، حيال تثبيت التواجد الإيراني في سوريا، وتكييفها مع
التغيير في سياسة الرد والردع الإيرانية"، وفق قوله.
وعلى المدى المتوسط، شدد الجنرال الإسرائيلي على "ضرورة
الاستعداد من قبل إسرائيل لسيناريو جلوس الولايات المتحدة مع إيران من أجل التفاوض
والتوصل إلى تفاهمات حول ما يمكن تعديله في الاتفاق النووي، أو بمعنى أدق في تمديد
فترة الهروب".
نهج التصعيد
واقترح أن "يتم تحسين الرقابة على المنشآت
النووية الإيرانية، ومعالجة جوانب السلاح في الخطة النووية، وكذلك الصواريخ
والنشاطات الإيرانية لتحقيق الهيمنة الإقليمية"، مشيرا إلى أن "موقف
إسرائيل سيكون مدعوما من دول الخليج، لذلك تل أبيب سيكون أمامها فرصة لتعزيز
علاقاتها مع هذه الدول في المجال السياسي وفي مجالات أخرى".
بينما على المدى البعيد، فإن إسرائيل ملزمة بتوقع أن
تختار إيران نهج التصعيد وتستأنف النشاط النووي لجمع مادة مخصبة تصل لـ20 بالمئة،
وتقصر الزمن الممكن للوصول إلى مادة مشعة، بل والاستعداد لإمكانية انسحاب إيران من
اتفاق منع نشر النووي".
واستكمل يدلين قائلا: "على إسرائيل أن تفترض أن
الولايات المتحدة لن تعمل بفاعلية لوقف الخطة النووية الإيرانية، لذا يجب أن تعمل
على تعديل خطط بناء القوة للتصدي وحدها لاقتحام إيران المجال النووي"، مؤكدا
أن "هذا تحد مالي وعملياتي واسع النطاق".
وختم تقديره الاستراتيجي بالقول إن "سياسة
الضغط الأقصى التي تتخذها الولايات المتحدة تجاه إيران وتصميمها على عدم السماح
لإيران بالمس بالجنود والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، تم في الماضي دون جباية
ثمن من قبل إيران، وفي المقابل قرار إيران الخروج عن الصبر الاستراتيجي، ينطوي
عليه احتمال تصعيد وسوء تقدير من شأنه أن يكون عظيم المعنى على أمن إسرائيل"،
بحسب تعبير الجنرال الإسرائيلي.
مواجهة أم مفاوضات.. قراءة إسرائيلية للتوتر بين إيران وأمريكا
هذا ما فعلته واشنطن لتأييد الاحتلال خلال إدارة ترامب
هكذا قرأ جنرال إسرائيلي العدوان على غزة.. بماذا طالب؟