نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للناشط إياد البغدادي، الذي تلقى تحذيرات من المسؤولين الأمنيين في أمريكا بأن حياته مهددة من السعودية، تحت عنوان "قيل لي إنني هدف للتهديدات من السعودية، هذا هو السبب".
ويقول البغدادي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن عملاء من المخابرات النرويجية "خدمات الشرطة الأمنية النرويجية (بي أس تي)" وصلوا إلى بيته دون موعد، و"أخذوني إلى موقع آمن، وأخبروني أن التهديد من الحكومة السعودية وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومساعده القوي سعود القحطاني".
ويشير الناشط إلى أن المخابرات النرويجية حصلت على معلوماتها من المخابرات الأمريكية "سي آي إيه"، وتم تحذير ناشطين آخرين، وهما عمر عبد العزيز في كندا، وآخر لم يكشف عن اسمه في الولايات المتحدة الأمريكية، لافتا إلى أنه إلى جانب كونهم نقادا للحكومة السعودية، إلا أنهم يشتركون في أمر آخر، وهو صداقتهم للكاتب الصحافي جمال خاشقجي، و"ربما كان هذا وراء التهديدات".
وكتب البغدادي قائلا: "دعونا نخرج قليلا عن السياق، فانتفاضات عام 2011 أدت إلى ظهور فضاء عربي عام جديد، ففي الوقت الذي تم فيه التحكم في الإعلام التقليدي، إلا أن منابر التواصل الاجتماعي لم تكن كذلك، وقد انتعش هذا الفضاء العام الشاب على وسائل التواصل، وأصبح (تويتر) الفضاء الأهم، خاصة في السعودية، حيث انتشر هناك بشكل واسع".
ويقول الناشط: "عندما وصل محمد بن سلمان إلى السلطة في عام 2015 كان من الواضح أن من أولوياته الأولى هي القضاء على هذا الفضاء العام، والسيطرة على (تويتر) المتحدث باللغة العربية، ونجح هو وغيره من الديكتاتوريين العرب، وفي حلول عام 2017، تحول (تويتر) العربي من أداة لحرية التعبير إلى وسيلة تحكم في يد الطغاة العرب، ويقومون اليوم باستخدامه لتصنيع الإجماع العام، والدفع بالدعاية، وتخريب النقاشات ونشر التهديدات، وتم إسكات أو سجن أو نفي أو قتل المثقفين العرب المهمين".
ويضيف البغدادي: "كان صديقي الراحل جمال خاشقجي قلقا على حال حرية التعبير في العالم العربي، وفهم أهمية الدور الذي يؤديه (تويتر)، وبدأ في السنة الأخيرة من حياته بثلاثة مشاريع لاستعادة الفضاء العام، وبعد مقتل خاشقجي ورث عبد العزيز واحدا من هذه المشاريع، وورثت اثنين، أما الثالث الذي لم يكشف عنه اسمه فقد شارك بواحد من هذه المشاريع الثلاثة".
ويلفت البغدادي إلى أن التهديدات على حياته زادت بعدما شارك في حملات السعودية على "تويتر" ضد مالك شركة "أمازون" جيف بيزوس، الذي يملك "واشنطن بوست"، التي كتب فيها خاشقجي، وعندما توفي جمال كانت لبيزوس مصالح تجارية في السعودية وعلاقة مع محمد بن سلمان، ولأن بيزوس وقف مع التغطية الشاجبة لقتل خاشقجي فقد اعتبر محمد بن سلمان الأمر خيانة له.
ويفيد الناشط بأنه عندما ظهرت صور ورسائل خاصة لبيزوس في مجلة شعبية، فإنه قام بفتح تحقيق لمعرفة كيفية تسرب المعلومات، وأدى هذا إلى محاولة ابتزاز فشلت عندما كتب بيزوس في "ميديم بوست"، حيث ألمح إلى علاقة السعوديين، مشيرا إلى أنه عندما كشف عن الموضوع، بدأ في التحقيق، وبعد نشر الأفكار الأولية على "تويتر"، اتصل به غافين دي بيكر الذي ترأس فريق تحقيق بيزوس.
ويقول البغدادي إن التعاون كان طوعيا، وانتهى بتحقيق قدمه دي بيكر إلى المحققين الفيدراليين، واكتشف دي بيكر أن السعوديين هم الذين اخترقوا هاتف بيزوس.
ويضيف البغدادي: "خلال هذا العمل شعرت أن الهدف صار مصوبا على ظهري، وعبرت عن قلقي لعدد من الأصدقاء، وقدمت تقريرا للشرطة في آذار/ مارس، وعندما ظهر عملاء (بي أس تي) فوجئت".
ويتابع الناشط قائلا: "قد تتساءل: أليس من التهور مواصلة محمد بن سلمان استهداف المعارضين في الخارج بعد الشجب الدولي لمقتل جمال خاشقجي؟ نعم، لكن الابتزاز أثمر لولي العهد".
وينوه البغدادي إلى أن "واحدة من الرسائل المحركة للمشاعر التي تلقيتها قبل فترة جاءت من ناشط في بلد عربي، قال فيها: لو تعرضت للتهديد وأنت تعيش في النرويج فماذا سيكون حظي؟".
ويقول الناشط إن "محمد بن سلمان يرسل رسائل وبطريقة مظلمة، وتعكس منطق استهداف جيف بيزوس: فلو تم استهداف أغنى رجل في العالم وابتزازه فمن سيكون آمنا؟".
ويرى البغدادي أن التهديدات ضده وزملائه ليست مرة واحدة، بل "هي جزء من أسلوب قمعي جديد، ويبدو أن محمد بن سلمان خلع عبارة المصلح التي لبسها، وبعد فشله في إقناع العالم أنه أتاتورك السعودية يريد إظهار أنه بوتين السعودية، لكنه ليس بوتين، فهو لا يزال يعتمد على الغرب، خاصة الولايات المتحدة، وشعر بالجرأة لأن الإدارة التي تستطيع التصدي له أصبحت من أكبر مساعديه".
ويذهب الناشط إلى أنه "طالما بقي الرئيس ترامب وصهره جارد كوشنر يقدمان له الحماية فإن ولي العهد سيواصل ارتكاب الجرائم، ويعيث فسادا، ويزرع بذور عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وما بعده".
ويبين البغدادي أن "العالم العربي يعيش فترة صاخبة من التحول تحتوي على هستيريا ديكتاتورية وثورات شعبية، وهي معركة الجيل وعلى حلفاء الحرية في العالم دعمنا، وحرف الميزان معنا أو مع الديكتاتوريين".
ويختم البغدادي مقاله بالقول: "بالنسبة لفريقي ونفسي فسنواصل العمل، ليس ولاء لجمال خاشقجي فحسب، لكن انطلاقا من الشعور بالواجب التاريخي، ولو اعتقد محمد بن سلمان أن استهدافنا أصبح أولوية له فإن هذا لأننا كنا مؤثرين".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
الغارديان: CIA تحذر ناشطا ناقدا لابن سلمان من تهديد محتمل
WP: هذا القرار المؤلم الذي يواجهه أقارب المعتقلين السعوديين
إندبندنت: ما هو سر صمت بريطانيا على إعدامات السعودية؟