تتعدد الهيئات التابعة للحكومة المصرية ما بين هيئات خدمية بلغ عددها 160 هيئة، وهيئات اقتصادية تسعى للربح، وبلغ عددها 48 هيئة. وتمثل الهيئات الخدمية أحد أضلاع مثلث الموازنة الحكومية، بجانب الجهاز الحكومي والإدارة المحلية.
وتحقق الهيئات الخدمية عجز مستمرا. ففي ختام العام المالي 2016/2017، بلغ العجز بين مصروفاتها وإيراداتها حوالي 72 مليار جنيه، والقيمة ذاتها للعجز في العام المالي التالي. وتوقعت موازنة العام المالي الحالي (2018/2019) بلوغ قيمة العجز فيها 69 مليار جنيه، كما توقعت موازنة العام المالي المقبل (2019/2020) بلوغ قيمة العجز 94 مليار جنيه.
أما الهيئات الاقتصادية والتي يعمل فيها 367 ألف شخص، فتم فصلها عن الموازنة الحكومية منذ السبعينيات من القرن الماضي، مع استمرار علاقتها بالموازنة من خلال إقراضها أو المساهمة في رؤوس أموالها، ومن ناحية أخرى حصول الموازنة على الفوائض التي تحققها، ليسفر الواقع العملي عن تسبب تلك الهيئات الاقتصادية في إضافة أعباء على الموازنة الحكومية المصابة بالعجز المزمن أصلا.
وعادة ما تقوم غالب الهيئات الاقتصادية الرابحة بتقديم فوائضها للموازنة الحكومية، وكذلك دفع ما يخصها من ضرائب على الدخل وما على بعضها من إتاوات، مثل هيئة البترول وهيئة قناة السويس، وسداد ما يخصها من رسوم، وعلى الجانب الآخر تحصل الهيئات الاقتصادية من الخزانة العامة؛ على إعانات وعلى مساهمات متجددة في رؤوس أموالها.
وخلال العام المالي 2017/2018، بلغ مجموع ما آل من الهيئات الاقتصادية إلى الخزانة العامة 133 مليار جنيه، بينما كان مجموع ما آل من الخزانة العامة إلى الهيئات الاقتصادية في نفس العام؛ 264 مليار جنيه، لتسفر العلاقة عن عجز بلغ 131 مليار جنيه.
هي الصورة المتكررة خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع كثرة عدد الهيئات الاقتصادية الخاسرة، مما يجبر الخزانة العامة على ضخ الأموال إليها كي تستمر في نشاطها الحيوي
في ظل غياب توجه الحكومة لعلاج الخسائر المزمنة بالهيئات الاقتصادية، يتوقع استمرار الخسائر في عدد كبير من تلك الهيئات
وفي ظل غياب توجه الحكومة لعلاج الخسائر المزمنة بالهيئات الاقتصادية، يتوقع استمرار الخسائر في عدد كبير من تلك الهيئات. فالهيئة الوطنية للإعلام يعمل فيها حوالي 40 الف شخص يطالبون بالزيادات الدورية لأجورهم، وكذلك المكافآت الدورية، بينما تسببت الهيمنة الإعلامية على القنوات والفضائيات الرسمية؛ في عزوف الجمهور عنها، مما قلل من حصيلتها الإعلانية، مما يتوقع معه استمرار عدم استطاعة الإيرادات تغطية الأجور.
وإذا كانت هيئة المعارض والمؤتمرات تخسر منذ سنوات، فيتوقع تزايد خسائرها في الفترة القادمة، بعد التوجيهات الرسمية التي وجهت غالب نشاط المعارض والمؤتمرات إلى هيئة المعارض التابعة للقوات المسلحة. ولم يقتصر الأمر على مؤتمرات ومعارض الجهات الحكومية، بل تحولت كذلك معارض الشركات الخاصة؛ طمعا في التقرب للجهات الرسمية أو اتقاء لغضبها.
وتوقعت وزارة المالية بلوغ خسائر السكة الحديد 9.8 مليار جنيه في العام المالي المقبل، مع احتياج برنامج تطوير السكة الحديد إلى خمس سنوات، وإنفاق نحو 10 مليارات من الجنيهات سنويا طول تلك السنوات، وهو أمر لا توفره الموازنات المعتمدة، مما يثير الشك في تخطى مرحلة الخسائر بعد السنوات الخمس المقبلة.
ورغم قيام الحكومة برفع قيمة الخدمات التي تقدمها غالب تلك الهيئات، كما حدث مع رفع أسعار تذاكر حافلات هيئة النقل العام في القاهرة، إلا أن ضعف الهيكل المالي لا يتيح لها تجديد أسطولها وتحسين مستوى ، وسط منافسة من الشركات الخاصة، ودخول النقل الذكي مجال الحافلات.
هل يتكرر السيناريو في السودان؟
"السيستم وقع" و"الظواهر العشوائية".. أحداث كاشفة (6)