في ظل اشتداد الحصار الإسرائيلي على غزة، وانعدام السيولة جراء عقوبات السلطة المفروضة على القطاع منذ ما يزيد على العامين، يقبع خلف القضبان موقوفون على ذمم مالية في سجون غزة، في مشهد يعكس قسوة الظروف التي وصلت إليها الأوضاع الاقتصادية بالقطاع.
ووسط هذه الظروف المأساوية بادر الأكاديمي الفلسطيني
الدكتور فهمي شراب، بإطلاق مبادرة لجمع التبرعات المالية لإطلاق سراح الموقوفين على
قضايا ذمم مالية في أقسام شرطة محافظات غزة.
ويبدأ مشوار شراب في الصباح عبر التوجه لمراكز الشرطة،
والحصول على كشف بأسماء الموقوفين، وقيمة الذمة المالية التي على أثرها تم احتجازه.
والتقت "عربي21" بشراب للتعرف على تفاصيل
المبادرة، وقال إن "الفكرة جاءت بعد سماع أن أحد أصدقائه محتجز في قسم شرطة
محافظة خانيونس بعد عجزه عن سداد دينه لأحد المحال التجارية بقيمة 100 شيكل (30
دولارا)"، موضحا أن "ذلك دفعه للمبادرة بإطلاق سراحه وإسقاط دينه، وهنا
شعر بالصدمة من خلال رؤية المئات من السجناء الموقوفين على مبالغ بسيطة لا تتعدى الـ100 دولار".
اقرأ أيضا: الأونروا: لن نسمح بمحاولات بعض الأطراف نزع شرعيتنا الدولية
وتابع شراب: "بدأت بالترويج لفكرة جمع التبرعات،
وكانت في البداية تقتصر على الأقارب والمعارف ومن ثم توسعت، ليبدأ العشرات من داخل
غزة والضفة والخارج بإرسال حوالات مالية لفك الغارمين"، لافتا إلى أن الحملة
"بدأت مع حلول شهر رمضان، وقد حققت أهدافها خلال فترة قصيرة، وتم إطلاق سراح
ما يزيد على ألف محتجز".
وأشار شراب إلى أن "الأولوية كانت لأصحاب الديون
الصغيرة لما دون الـ100 دولار".
الصحفي أسامة الكحلوت رافق صاحب المبادرة في مركز شرطة
دير البلح، ونوه لـ"عربي21" إلى أن "مشهد الموقوفين داخل أقسام الشرطة
يبعث على الأسى والحزن، نظرا لوجود آلاف الموقوفين على مبالغ لا تتعدى قيمتها الـ50 دولارا،
وجلهم من موظفي حكومتي غزة ورام الله الذين تأثروا بسياسة تقليصات الرواتب والتي أثرت
بدورها على مستويات الدخل للأسر داخل القطاع".
وأكد الكحلوت أن "حجم التفاعل من قبل الأهالي مع
هذه المبادرة عزز من فرصة تعميم هذه المبادرة بشكل مختلف، حيث بادر أصحاب الديون لسحب
الدعاوى المرفوعة ضد الموقوفين ومحاولة إيجاد حل وسطي عبر انتهاج سياسة تقسيط الديون
دون تقديم شكوى بحقهم".
اقرأ أيضا: مبادرات "التكية" تنتشر بغزة لمساعدة الأسر الفقيرة برمضان
ويعيش قطاع غزة أوضاعا اقتصادية هي الأسوأ منذ
سنوات، ونتيجة سياسة العقوبات التي تفرضها السلطة على غزة وتقليص الأونروا
لمساعداتها الغذائية والمالية للاجئين، وعدم انتظام رواتب موظفي حكومة غزة؛ تراجعت
بشكل واضح مستويات القدرة الشرائية للمواطنين، ما دفعهم للاعتماد على نظام
الاقتراض لتوفير مستلزمات الحياة الأساسية من طعام ومأوى.
وفي سياق ذلك، بيّن الناطق باسم الشرطة في غزة المقدم
أيمن البطنيجي، أن "جهاز الشرطة يبذل جهودا كبيرة في التخفيف من أزمة الغارمين،
ولكن عدد القضايا المسجلة لدى جهاز الشرطة على ذمم مالية تجاوز الـ50 ألف قضية، وهو
رقم كبير جدا إذا ما استثنينا الديون المتراكمة للمواطنين للمعاملات الحكومية والشيكات
دون رصيد".
وشدد البطنيجي لـ"عربي21" على أننا
"نشجع هذه المبادرات"، منوها إلى أنه "كان الأمر سابقا يقتصر على
جهود تبذلها جهات خيرية وجمعيات من الخارج، ولكن للمرة الأولى يتم طرح هذه
المبادرة الفردية من أكاديمي فلسطيني، وهذا أمر يعكس أهمية وإحساس صاحب المبادرة
بالمسؤولية تجاه قضايا المواطنين".
"خليك صاحي".. حملة في غزة لمواجهة مخابرات الاحتلال
غزة تستقبل رمضان بوداع شهداء العدوان ودمار كبير
هكذا قرأ مختصون عودة الاحتلال للاغتيالات.. ما موقف المقاومة؟