نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن شحنة الأسلحة الهائلة التي زود بها ترامب السعودية دون مبرر، الأمر الذي أثار انزعاج كل من الجمهوريين والديمقراطيين داخل أروقة الكونغرس.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن عمليات الإرسال الضخمة للأسلحة الأمريكية إلى كل من السعودية والإمارات، سيتيح لهذين البلدين تعزيز الهجوم في اليمن الذي تسبب بالفعل في مقتل الآلاف من المدنيين.
وعلى الرغم من أن الكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ قد وافقا هذه السنة على قرار وقف المساعدات العسكرية للسعودية والإمارات وحلفاء آخرين من هذه الدول، إلا أن دونالد ترامب استخدم بعد فترة وجيزة حق النقض ضد القرار.
وأوردت الصحيفة أن ترامب برّر قرار إرسال الأسلحة إلى حلفائه في الشرق الأوسط بالتهديد الذي تشكله إيران بالنسبة لهم. والجدير بالذكر أن القنابل، التي تبلغ تكلفتها حوالي 8.1 مليارات دولار، فضلا عن الأسلحة الأخرى التي أصبحت بين يدي ولي العهد محمد بن سلمان ستسمح له بالمضي قدما في عمليته العسكرية في اليمن.
إلى جانب ذلك، لا يجب أن ننسى أن "التهديد الأساسي" الذي يشير إليه ترامب ينبع في الأصل من الجانب الإسرائيلي. فبحسب القناة 13 الإسرائيلية، أبلغ الموساد الإسرائيلي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالتهديد الوشيك المتأتي من إيران، دون الإدلاء بأية تفاصيل أخرى. وفي الحقيقة، سمح ذلك لإدارة ترامب بنشر تعزيزات عسكرية مهمة في الخليج العربي إلى جانب 1500 جندي إضافي.
وأوردت الصحيفة أنه على الرغم من وجود مبررات لشحنات الأسلحة، البالغ عددها 22 التي سيرسلها الرئيس الأمريكي إلى حلفائه والتي يُتوقع أنها ستؤدي إلى وقف الأعمال العدائية التي لا وجود لها في طهران، إلا أنها في الواقع ستستخدم في اليمن. ومن المثير للاهتمام أن ترامب أرسل كذلك أسلحة للأردن، إلى جانب صواريخ دقيقة بقيمة مليار دولار. في المقابل، لا أحد يعلم لما يحتاج الأردن إلى هذه الأسلحة خاصة وأنه لا يشهد أي صراع مع إيران.
وأوردت الصحيفة أن ترامب وافق في الوقت ذاته على إرسال الأسلحة إلى المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وأستراليا وإسبانيا، دون أن يعرف جيدا نوع التهديد الذي تمثله إيران لهذه الدول. وعلى ما يبدو أن إيران أصبحت صفقة كبيرة لصناعة الأسلحة في الولايات المتحدة وأوروبا، الذين يبيعون الأسلحة بكميات كبيرة إلى المملكة العربية السعودية وحلفائها الذين سيستخدمونها بعد ذلك في اليمن.
ونقلت الصحيفة أن وزير الخارجية، مايك بومبيو، الذي يصف بولتون بالعاشق للحروب وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، قد أبلغ الكونغرس أن الإرسال العاجل لشحنة الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات، لا يبرر سوى بوجود حالة طوارئ وطنية. وفي بيان صادر في نفس اليوم، تحدثت وزارة الخارجية بسخرية عن "التقلبات التي تشهدها المنطقة"، مؤكدة أنها" تشكل مصدر قلق بالنسبة لحلفائهم الرئيسيين".
اقرأ أيضا: أمريكا تعرض الحوار على إيران مجددا وبولتون يصل الإمارات
وأوردت الصحيفة أن بومبيو قد ندد بالخطر الذي تواجهه الولايات المتحدة، وأكد أن إيران "لا تهدد استقرار الشرق الأوسط فحسب" بل تهدد كذلك "أمن الولايات المتحدة"، داخل حدودها وخارجها. وقد أثارت طبيعة هذه التفسيرات الاحتجاجات في صفوف أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ.
من جهة أخرى، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن الحوثيين اليمنيين "تسببوا في مقتل أكثر من 500 مدني". ولم تذكر وزارة الخارجية المصادر التي مدّتها بهذه الأرقام، كما لم تشر إلى الآلاف من المدنيين الذين لقوا حتفهم بسبب القنابل الأمريكية والأوروبية التي كانت تستهدف الطائرات السعودية والإماراتية في اليمن. في المقابل، حذر السيناتور الديمقراطي، بوب مينينديز، من اتخاذ ترامب لقراراته دون موافقتهم، حيث سيعد ذلك بمثابة "تهجم على مسؤولياتهم الدستورية".
وأفادت الصحيفة أن أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الآخرين قد أشاروا إلى أن مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، لا يزال حديثا. لذلك، أصدر مجلس الشيوخ مشروع قرار يدين الأمير بن سلمان، الذي يحقق جميع أهدافه بفضل حلفائه الأقوياء في واشنطن. وعلى الرغم من أن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في ذلك البلد، بما في ذلك عمليات الإعدام الجماعية، قد أثارت الكثير من المخاوف في الكونغرس، إلا أن بن سلمان يواصل التصرف كما لو أن الكونغرس لم يكن موجودا بسبب الدعم غير المشروط من قبل البيت الأبيض وإسرائيل.
وفي الختام، نقلت الصحيفة أن أحد أعضاء مجلس الشيوخ الذين عارضوا إرسال شحنة الأسلحة الضخمة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هو الديمقراطي كريس مورفي، الذي أوضح أن ترامب يدرك جيدا أنه "لا وجود لحالة طوارئ من شأنها أن تبرر بيع الأسلحة للسعوديين حتى يستخدموها في اليمن، وأن القيام بذلك من شأنه أن يعمق من حدة الأزمة الإنسانية" في هذا البلد.
ناشونال إنترست: هل يخدم عداء إيران مصالح أمريكا بالمنطقة؟
واشنطن بوست: لماذا تبنت الرياض لهجة تحريضية ضد طهران؟
إيكونوميست: لماذا يتبنى روحاني سياسة المتشددين؟