كشفت مصادر إعلامية
مقربة من المكتب المسؤول عن ملف الإعلام في جهاز
المخابرات العامة المصرية، عن دور
هذا المكتب في التحكم في السياسة الإعلامية وكافة وسائل الإعلام.
ويرأس المكتب المقدم محمد فايز، والمقدم أحمد شعبان
مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات العامة، اللواء
عباس كامل.
وكشفت المصادر
لـ"
عربي21" أنه بعد أعوام من توزيع تلك المهام بين مؤسسة الرئاسة وجهاز أمن
الدولة والمخابرات الحربية وإدارة الشؤون المعنوية بالجيش، منذ عهد الرئيس المخلوع
حسني مبارك، انحصرت جميعها حاليا في يد المخابرات العامة".
وأوضحت أن من
يقف وراء التعليمات، وقوائم الحظر والمنع للوزراء في الحكومة، والنواب في البرلمان،
والمحافظين، وحتى الإعلاميين، هو المكتب المسؤول عن ملف الإعلام في جهاز المخابرات العامة.
ووفق المصادر، فإن القيادات الجديدة قلصت من دور المخابرات الحربية وإدارة الشؤون المعنوية وحتى الداخلية
في إصدار البيانات والتعليمات، وتوجيه الإعلاميين والمسؤولين والنواب والمحافظين، وباتت
الكلمة العليا لها حتى فيما يتعلق ببيانات الرئاسة.
هكذا بدأت الهيمنة
وعمل الرجلان،
شعبان وفايز، على إدارة ملف الإعلام تحت قيادة اللواء عباس كامل، عندما كان مديرا لمكتب
رئيس الجمهورية، قبل أن ينتقل إلى رئاسة جهاز المخابرات العامة، ويصطحبهما معه في حزيران/
يونيو من عام 2018.
وبيًنت المصادر
أن "كل البيانات الإعلامية التي كانت تصدر تحت اسم (مصادر) أو (مصدر) دون نسبتها
إلى جهة معينة، كان مصدرها المكتب الإعلامي بالرئاسة، إبان وجود الرجلين في مكتب الرئاسة،
والتي اقترنت بفترة وجودهما هناك".
تجاوز الأجهزة
الأخرى
وأكدت المصادر لـ"
عربي21" أن "هيمنة
جهاز المخابرات العامة على الملفات برمتها طغت على أدوار باقي أجهزة الدولة الأمنية،
التي لا تقل شهوة للسطلة والتحكم والنفوذ".
مضيفة:
"حتى أن هناك تعليمات صدرت مؤخرا بعدم التوسع في ذكر اسم المتحدث للقوات المسلحة، بعد أن زاد نشاطه خلال الفترة الماضية بعد إجرائه مداخلة تلفزيونية للرد عن تقرير هيومن
رايتس ووتش بشان انتهاكات الجيش المصري في شمال سيناء، على قناة (دي إم سي) التابعة
للمخابرات، ولم تعجب المسؤولين".
وتابعت:
"إن تدخلات المخابرات العامة امتدت إلى بيانات وزارة الداخلية نفسها، التي لم
تعد في منأى عن المراجعة والتعديل، في محاولة لعدم إعطاء أي جهاز دورا أكبر من حجمه"،
لافتة إلى أن "حادثة إحباط 2 طن من مخدر الهيريون بالبحر الأحمر في نيسان/ أبريل
الماضي دليل على ذلك؛ إذ بادرت الداخلية بإصدار بيان تعلن فيه إحباطها محاولة تهريب
شحنة كبيرة من المخدرات للبلاد، أعقبه بيان آخر منسوب للجيش يرجع الفضل له في إحباط
العملية".
خيوط اللعبة
كاملة
وفي تعليقه على
استحواذ المخابرات العامة على جميع خيوط اللعبة بمصر، قال الباحث بمعهد الدراسات حول
العالم العربي والإسلامي بجامعة مرسيليا، المرسي طارق، لـ"
عربي21"، إن
"خيوط اللعبة كاملة، وحلقة الاتصال بين مراكز الأبحاث التي تدير الموقف من الخارج،
وما يحدث في الداخل موجودة في يد اللواء عباس كامل".
وأضاف:
"وبالتالي، من المتوقع أن يصبح عباس كامل هو حلقة الوصل الوحيدة أو المنفذ الوحيد
لهذه الإدارة، ولا يمكن تقسيمها، وهو من يتلقى نتائج الأبحاث التي تدار من الخارج في
الإمارات وإسرائيل وأمريكا، والتي لا تتعامل مع عدة أجهزة إنما مع جهاز واحد".
وأوضح أن
"كامل بخبرته في إدارة المشهد الإعلامي والسياسي منذ عام 2012، جعلته قادرا على
فرض رؤيته وتوجهاته لجميع تلك الأجهزة، التي جاءت معظمها إن لم يكن جميعها بالتشاور
معه، باعتباره أكثر المقربين للسيسي، والذي لا يطمح في أي شيء".
"الدور المشبوه"
بدوره، قال عضو
لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، لـ"عربي21":
إن "هذا الطغيان نراه فقط في الدول البوليسية، وعادة ما تكون دولا تابعة ومتخلفة
في مناح كثيرة؛ لأنها تعمل لصالح النظام على حساب الدولة، وتنتهك الدستور وتسيطر على
كل السلطات المستقلة".