حذر خبراء من مخاطر تهدد القطاع الزراعي والاقتصاد التونسي ككل؛ جراء اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمّق (أليكا)، المرجح توقيعه مع الاتحاد الأوروبي نهاية 2019.
ويجري الطرفان، منذ 2015 مفاوضات بشأن الاتفاق، ضمن استراتيجية يتبعها الاتحاد منذ عقود، لتحرير الاقتصاد في دول حوض البحر المتوسط.
ويهدف الاتفاق إلى تعزيز شراكة قائمة منذ التسعينات، عبر تحسين مستوى اندماج الاقتصاد التونسي في الفضاء الاقتصادي الأوروبي.
ومؤخرا، حذرت دراسة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (أهلي)، من أن الاتفاق بصيغته الراهنة، يؤسس إلى إلغاء الدعم الحكومي، وتعديل الأسعار، وتقاطع الأسواق، عبر فتح الأسواق العامة أمام المؤسسات الأوروبية.
ويعني ذلك، أن قطاعات إنتاجية تونسية قد تتعرض للتهميش والتراجع، بسبب إحلال المنتج الأوروبي مكان المحلي، في حال عدم تضمن الاتفاق حماية المنتج المحلي.
قطاع زراعي هشّ
مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، خالد العراك، حذر من أن "الاتفاق يمثل خطرا يهدّد الشعب التونسي ومستقبله".
وأضاف العراك للأناضول، أن "المنظمة دعت إلى حوار مجتمعي حول الاتفاق، لكن ليست هناك استجابة حقيقية من الحكومة".
ومضى قائلا: "المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، لا يمكن أن تكون الند للند.. نحن في وضع هش مقارنة بالشريك الأوروبي.. قطاعات تونسية قليلة قادرة على المنافسة، وأغلب زراعتنا هشّة، وأكثر من 80 بالمئة هم من صغار المزارعين".
وزاد: "توجد هوة كبيرة بين وضعية المزارعين التونسيين ونظرائهم الأوروبيين.. يوجد اختلاف في مسألة الدعم، التي تهم أساسا العلاقات التشغيلية".
وأوضح أن "الاتحاد الأوروبي يدعم مزارعيه خمس مرات حجم ميزانية تونس، بقيمة تبلغ 60 مليار يورو (67.2 مليار دولار) سنويا ".
وتابع: "يوجد اختلاف بشأن صحة (سلامة) الغذاء والمعايير التي يجب اعتمادها. نحن نستورد أدوية ومبيدات لا تتماشى مع المعايير الأوروبية".
وشدد العراك على أن "الاتحاد التونسي للفلاحة ضدّ الاتفاق، بما هو عليه الآن، وبالتالي لا بد من حوار مجتمعي واسع بمشاركة كل المنظمات الوطنية والأطراف المتداخلة في تلك الشراكة".
اندثار قطاعات
عبد الجليل البدوي، الخبير الاقتصادي، قال إن "إنتاجية الزراعة التونسية أقل بـ6 إلى 7 مرات من الزراعة الأوروبية، وتكاليف إنتاج الزراعة التونسية أكبر (بالنسبة للفلاح)".
وأضاف: "الزراعة الأوروبية مدعمة بصفة مهولة، ضمن سياسة فلاحية مشتركة تدعم المنتج مباشرة أو تدعم التصدير، بينما يتقلص الدعم للزراعة التونسية منذ سنوات".
وحذر من أن "تلك العناصر كلها مع انفتاح السوق ستبلع الزراعة التونسية.. والقطاعات التي ستتأثر أكثر وتندثر هي الحبوب واللحوم والألبان".
وأوضح أن "الاندثار يعني خروج حوالي 250 ألف فلاح من الدورة الاقتصادية واللجوء إلى النزوح والهجرة".
وحذر من أن "انفتاح السوق يعني تحرير القطاع الزراعي، وقطاع يعاني أساسا من غير تحرير، بينما الاتحاد الأوروبي عنده فائض كبير من المواد الأساسية، وسيجد سوقا لتصريفه عبر ذلك الاتفاق".
وأعن الشاهد، في أيار/ مايو الماضي، أن تونس لن توقع اتفاق تبادل حر شامل ومعمق مع الاتحاد الأوروبي، يكون منافيا لمصالحها ومصالح مزارعيها.
ورأى البدوي أن "الحكومة لم تأخذ وقتها قبل الدخول في التفاوض، لتقييم التجربة السابقة، فهي لم تكن مربحة للاقتصاد التونسي".
وتابع: "كما لم ندرس تأثير الاتفاق الجديد وانعكاساته المحتملة على الاقتصاد الوطني".
وأضاف أن "الاتحاد الأوروبي كلّف مكتب دراسات للقيام بهذه الدراسة، وحاول في كل جولة تفاوض إبراز أن الاتفاق مربح لتونس، على مستوى نسبة النمو والعجز التجاري".
وختم البدوي بقوله: "المفروض أن يكون اتفاق الشراكة وسيلة لخدمة مصالحك، لكن نحن لم نقم بذلك؛ لأن خياراتنا الاستراتيجية غير واضحة".
وتمّ توقيع اتفاق شراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي في تموز/ يوليو 1995، ودخل حيّز التنفيذ عام 1998.
وخلال الثلث الأول من 2019، بلغت الصادرات التونسية إلى الاتحاد الأوروبي 74.1 بالمئة من إجمالي الصادرات، بينما مثلت الواردات التونسية من الاتحاد 51.9 بالمئة من إجمالي الواردات.
اقرأ أيضا: الشاهد يحذر من تداعيات وضع الطاقة في تونس
الإذاعة الألمانية: أزمات تنبئ بأيام عجاف لاقتصاد السعودية
صندوق النقد: اقتصاد قطر أثبت قدرته على الصمود أمام الحصار
"مسحوق الغسيل" السلعة الأكثر شراء عبر النت بالمغرب العربي