نشرت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية مقال رأي لثلة من الكتّاب السودانيين في المنفى وآخرين أوروبيين، نددوا فيه بالانتهاكات المرتكبة في السودان مؤخرا، مشيرين إلى وجوب تدخل الأطراف الأوروبية من أجل تهدئة الأوضاع.
وقال الكتّاب، في مقالهم الذي ترجمته "عربي21"، إن مذبحة الثالث من حزيران/ يونيو في الخرطوم أظهرت الوجه الحقيقي للمجلس العسكري الانتقالي، الذي تندرج أجندته ضمن استمرارية أساليب النظام القديم دون تشارك السلطة التي تُفرض بالترهيب.
وذكر الكتّاب أن رجالا مسلحين تابعين للنظام قد أطلقوا النار على المتظاهرين، واغتصبوا، وجلدوا، وألقوا بالعديد من المدنيين في النيل. وقد بلغت حصيلة الضحايا أكثر من مئة قتيل ومئات الجرحى والمفقودين. وهناك حاجة ملحة لرد الفعل من طرف الشتات السوداني والمواطنين الأوروبيين ومؤسساتهم، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي.
وقالوا: مثل شعاع ضوء في قلب الظلام أو صاعقة من شأنها كسر سنوات من الصمت، اندلعت الثورة السودانية لإنهاء 30 سنة من الطغيان والاضطهاد والقمع. ولم ينس ملايين النازحين واللاجئين السودانيين في المنفى الانتهاكات التي فصلتهم عن عائلاتهم، وحرمتهم من ديارهم وبلدهم. لقد ارتكبت كل هذه الجرائم من قبل "الجنجاويد"، الذين تغيرت تسميتهم إلى قوات الدعم السريع، وهي الميليشيا العنصرية والإجرامية بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو الملقب بـ "حميدتي".
وأضاف الكتّاب أنه من أجل وضع حد لعقود من الحروب الأهلية والرعب، خرج ملايين السودانيين إلى الشوارع. ومنذ 19 كانون الأول/ ديسمبر، يخاطر السودانيون بحياتهم من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي من خلال انتفاضة سلمية. وبعد سنوات من المقاومة والاحتجاجات، أطاحوا يوم 11 نيسان/ أبريل بالديكتاتور عمر البشير.
لكن في الوقت الحالي، يحاول قادة عسكريون آخرون، بمن فيهم الجنرالان برهان وحميدتي، استبدال النظام القديم بدكتاتورية جديدة، كما لو أن ملايين السودانيين الذين يطالبون بحكومة مدنية غير موجودين أساسا. لقد تظاهر كلا الجنرالين في البداية بلعب ورقة المفاوضات مع تحالف قوى الحرية والتغيير، الذي يمثل السكان المدنيين.
وفي الثالث من حزيران/ يونيو، "سقط القناع. فقد هاجم رجال ميليشيا قوات الدعم السريع تحت قيادة حميدتي الاعتصام الديمقراطي المنظم منذ شهرين أمام وزارة القوات المسلحة للمطالبة بنقل السلطة إلى المدنيين. فأضرموا النار في الخيام، وأحرقوا النائمين أحياء، وأطلقوا الذخيرة الحية على الشباب الذين كانوا يحرسون المتاريس وعلى أولئك الذين كانوا يحاولون الفرار. كانت هذه المذبحة نسخة طبق الأصل عن المجازر التي ارتكبت تحت قيادة نفس الجنرال، حميدتي، في قرى دارفور".
إقرأ أيضا: الغارديان: لهذا على بريطانيا منع انزلاق السودان نحو العنف
وأورد الكتّاب أن ملايين السودانيين يعيشون منذ أسبوع تحت الحصار. وفي الخرطوم، اقتحمت ميليشيا قوات الدعم السريع المنازل بشكل عشوائي لمهاجمة السكان ونهبهم. وما زالت المقاومة السلمية مستمرة. وأطلق السودانيون يوم الأحد حركة عصيان مدني هائلة، شملت تنظيم إضراب عام، وإعادة إقامة المتاريس لعرقلة حركة الميليشيات، ومسيرات للمطالبة بتسليم السلطة للشعب.
لكن حتى هذا العصيان المدني قد يواجه صعوبة في الاستمرار. فقد بحثت قوات الدعم السريع عن بعض المضربين في منازلهم لإجبارهم على الذهاب إلى العمل.
وأفاد موظفو البنك ومهندسو شركة الكهرباء وطيارو الخطوط الجوية بأنهم تعرضوا للضرب واصطُحبوا بالقوة إلى أماكن عملهم. وما زالت الانتهاكات التي ترتكبها ميليشيات قوات الدعم السريع مستمرة.
وذكر الكتّاب أن جامعة الخرطوم، التي كانت في سنة 2012 محور الثورة التي أجهضها نظام عمر البشير بالدم، قد دُمرت وأحرقت بعض المقرات يوم الاثنين 10 حزيران/ يونيو. ويعتبر حميدتي، الرجل القوي الجديد في الخرطوم المسؤول عن كل هذه الجرائم. ويجب على الاتحاد الأوروبي التوقف عن الاعتراف به باعتباره محاوره الرئيسي وبالتالي منحه شرعية لا يملكها.
ودعا الكتّاب المواطنين الأوروبيين إلى الضغط على حكوماتهم والاتحاد الأوروبي لكسر الصمت والتصرف. ففي الحقيقة، إن التزام الصمت ومواصلة اعتبار المجلس العسكري الانتقالي شريكا سياسيا بعد الجرائم التي ارتكبها منذ الثالث من حزيران/ يونيو، سيؤدي إلى دعم الميليشيات العسكرية التي تروع وتقتل السكان المدنيين المسالمين.
كما يجب على دول الاتحاد الأوروبي الضغط على الأمم المتحدة لنشر فريق مراقبة حقوق الإنسان بسرعة، مكلف بالتحقيق في الادعاءات بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في السودان منذ الثالث من حزيران/ يونيو، وضمان تقديم مرتكبي هذه الجرائم، بما في ذلك الجنرال حميدتي، إلى العدالة.
ويجب أيضا أن يكون لدول الاتحاد الأوروبي موقف أقوى في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لأنه بسبب حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به الصين وروسيا، لم تقم الأمم المتحدة بإدانة العنف. كما يتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الضغط على السلطات العسكرية السودانية لرفع الحظر المفروض على خدمة الإنترنت عبر الهاتف النقال.
وفي الختام، شدد الكتّاب على ضرورة توقف الاتحاد الأوروبي عن التعاون مع السودان، باستثناء المساعدات الإنسانية التي تنقذ أرواحا عديدة. وعلى أعضاء الاتحاد الأوروبي أن يحترموا الموقف الذي تبنته الممثلة العليا فيديريكا موغيريني في 17 نيسان/ أبريل، التي قالت إن "النقل السريع والمنظم للسلطة إلى هيئة انتقالية مدنية تتمتع بسلطة صنع القرار هو السبيل الوحيد لضمان السلام في السودان".
الغارديان: لهذا على بريطانيا منع انزلاق السودان نحو العنف
NYT: هذا ما يفعله المحتجون لمواجهة قمع العسكر بالسودان
FP: ما هو دور التحالف السعودي الإماراتي بانقلاب السودان؟