نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق إيشان ثارور، يتساءل فيه عما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادرا على إطفاء النار التي بدأ في إشعال شرارتها في إيران.
ويبدأ ثارور مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "من الغريب أن يجد حمائم اليسار أنفسهم على الجانب ذاته مع المعلق اليميني في قناة (فوكس نيوز) تاكر كارلسون، المعروف بتصريحاته التي لا يعتذر عنها من القومية البيضاء، والذي كان من المتشككين الذين حثوا الرئيس دونالد ترامب على عدم شن هجوم عسكري ضد إيران الأسبوع الماضي".
ويشير الكاتب إلى أن البيت الأبيض خطط للقيام بعملية انتقامية بعد إسقاط إيران طائرة تجسس مسيرة فوق مضيق هرمز، لافتا إلى أن الرموز البارزين في الإدارة، بمن فيهم مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو، كانوا حريصين على القيام برد قاس، وتمت الموافقة على الخطة.
ويستدرك ثارور بأن الرئيس كتب على وسائل التواصل الاجتماعي تغريدة، أعلن فيها عن إحباط العملية، بعدما كان الجيش جاهزا لإطلاق النار على الأهداف، مشيرا إلى قول كارلسون إن قاعدة ترامب ليست مهتمة، إن لم تكن ترغب، في عملية عسكرية في الخارج، وهو ما كان يدور في ذهن الرئيس، واقترح نهجا آخر لمواصلة الضغط على إيران، بما في ذلك فرض عقوبات جديدة سيعلن عنها اليوم، في الوقت الذي شنت فيه الولايات المتحدة هجوما إلكترونيا الأسبوع الماضي.
وتورد الصحيفة نقلا عن ترامب، قوله للصحافيين يوم السبت: "حصلت على مديح كبير لما فعلته، وقلت: (لدينا الكثير من الوقت)"، في إشارة إلى قراره وقف العملية العسكرية التي كانت ستودي بحياة المدنيين، وأضاف: "الجميع يقول إنني داعية حرب ويقولون الآن إنني حمامة، وأنا لست أيا منهما، فلا أحب فكرة ضربهم طائرة مسيرة، وقيامنا بقتل 150 شخصا".
ويلفت الكاتب إلى أن ترامب سخر من جون بولتون، الذي قال إن لديه "مواقف متشددة"، واشتكى في أحاديثه الخاصة من تجمع المتشددين حوله، مشيرا إلى أن صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مسؤول قول ترامب له: "هؤلاء الأشخاص يريدون الدفع باتجاه الحرب، وهذا أمر مثير للاشمئزاز.. لا نريد حروبا جديدة".
ويعلق ثارور قائلا إن "ترامب محق، فلا هو داعية حرب أو حمامة، لكن لو عاد الأمر إليه لقلل من الوجود الأمريكي في المنطقة، ولاعتمد أكثر على حلفائه في الخليج لتنفيذ أجندته الإقليمية، ومع ذلك فإن الرئيس الذي أكد معارضته للحرب هو نفسه الذي وضع البارود لإشعالها بشكل خطير".
ويجد الكاتب أن "المواجهة الأخيرة مع إيران هي آخر مثال على أداء ترامب دور المخرب ومطفئ الحريق، فالتوتر الأخير هو نتاج لخروج ترامب من الاتفاقية النووية، وإعادة فرض العقوبات على إيران، ومحاولة الضغط على (عصر) النظام الإيراني، وفعل هذا كله ضد رغبة الحلفاء في أوروبا، ورغم احتجاج مؤسسة صناعة السياسة الخارجية في واشنطن".
وتنقل الصحيفة عن جاك شيفر، قوله في مجلة "بوليتكو": "لعبة ترامب الساخرة هي التغطية على المشكلة التي صنعها بنفسه، ومن ثم الإعلان عن النصر، لكنه أضاف بعدا توراتيا للدراما التي صنعها"، وأضاف: "تجسد في البداية شخصية الرب المنتقم، وأمر بعملية ضد إيران انتقاما لإسقاط الطائرة المسيرة، التي تبلغ كلفتها 200 مليون دولار، ثم فتح خزانة ملابسه وارتدى زي أمير السلام، وأمر بوقف الهجوم".
وينوه ثارور إلى أنه كان فعلا غير مقنع، خاصة أن مستشاري ترامب ظلوا يصرون على مسار الحرب، وقام بولتون وبومبيو بزيارات إلى المنطقة، وتعهدا بمنع إيران من الحصول على السلاح النووي، وهو احتمال يقول أعضاء مجلس الأمن وبقية الموقعين على الاتفاقية النووية إنه تم تجنبه من الاتفاقية التي رفضها ترامب.
ويذكر الكاتب أن بولتون ظهر إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أثنى على العقوبات الأمريكية التي شلت إيران، فيما زار بومبيو السعودية والإمارات للحديث عن إيران، مشيرا إلى أنهما الدولتان المعاديتان لإيران والداعيتان لمواجهتها.
وتورد الصحيفة نقلا عن مراسل "واشنطن بوست" كارلو موريلو، قوله إن "بومبيو، الذي أصدر في العام الماضي 12 نقطة طلب من إيران تنفيذها، لا يظهر أي ميل لتخفيف موقفه من الجمهورية الإسلامية"، وأضاف: "بدأ رحلته بالهجوم على إيران، مقللا من تفسيرها حول إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة الأسبوع الماضي، واصفا إياه بأنه (طفولي) ولا يستحق التصديق".
ويفيد ثارور بأن بومبيو حاول حرف ترامب نحو المواجهة العسكرية، ولديه تأثير قوي داخل البيت الأبيض، مشيرا إلى أن تقريرا لصحيفة "نيويورك تايمز" جاء فيه: "في إدارة تتحرك بأعضائها بطريقة تثير الدوار، فإن هناك قلة نجت، مثل بومبيو، ولا أحد لديه القدر ذاته من الأهمية الذي حققه من خلال قدرات الدهاء التي يتمتع بها وقدرته على قراءة رغبات الرئيس وترجمتها إلى سياسة ومواقف عامة"، وأضاف التقرير: "كما أنه استفاد من الفراغ في القيادة في وزارة الدفاع، التي مضى عليها ستة أشهر دون وزير للدفاع".
ويقول الكاتب إن الدبلوماسيين الأمريكيين الكبار قللوا من مقولة إن ترامب أرسل رسالة إلى إيران من خلال المسارات الخلفية عبر عمان، مستدركا بأنه رغم قول ترامب إنه يريد الحوار مع إيران، إلا أن قلة من الخبراء تعتقد أن الإدارة الحالية في طريقها لتقود إيران إلى طاولة المفاوضات.
وتنقل الصحيفة عن المتحدث السابق باسم المفاوضين الإيرانيين في أثناء المفاوضات على الاتفاقية النووية، والباحث في جامعة برنستون، سيد حسين موسايان، قوله لمجلة "أتلانتك"، إنه "من خلال تدميره الاتفاقية النووية، فإن ترامب دمر الثقة وأي فرصة للبدء في المفاوضات في المستقبل".
ويختم ثارور مقاله بالإشارة إلى ما كتبه فيليب غوردون في مجلة "فورين أفيرز"، قائلا: "تجنب التصعيد صعب نظرا لعدم رغبة الطرفين بالتنازل.. اتفاقية نووية يزعم ترامب أنه يريدها هي طريقة لتجنب الصدام، ولن ترضى إيران الدخول في مفاوضات مع إدارة لا تثق فيها، ومن غير المحتمل موافقتها على اتفاقية يقول ترامب إنها ضرورية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
NYT: هكذا رأى حلفاء ترامب وأعداؤه تراجعه عن ضرب إيران
وول ستريت: ترامب اتهم مستشاريه بدفعه للحرب مع إيران
إغناطيوس: كيف سيحسم الوقت المواجهة بين أمريكا وإيران؟