نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلها للشؤون الإعلامية بول فارهي، يقول فيه إن موقع "بريتبارت" كان يحلق عاليا في كانون الثاني/ يناير 2017.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن دونالد ترامب، المرشح الذي دعمه الموقع في حملة 2016 الرئاسية أصبح رئيسا، ومديره التنفيذي السابق ستيفين بانون كان رئيس استراتيجية البيت الأبيض، وبدا أن ذلك يبشر بعهد غير مسبوق من التأثير لموقع الأخبار والتعليقات اليميني المتطرف والمعادي للمؤسسة.
ويقول فارهي إنه بالنظر الآن إلى الوراء فإنه يبدو أن تلك الفترة شكلت الذروة للموقع، مشيرا إلى أن الموقع الذي وصفه بانون ذات مرة بأنه "منصة اليمين المتطرف" تراجع بشكل منتظم من المكانة التي كان يحتلها قبل 30 شهرا.
وتذكر الصحيفة أنه منذ أن أصبح ترامب رئيسا تراجع عدد الزيارات الشهري للموقع، وانهار تقريبا فتراجع بنسبة 75% تقريبا، فيما سبقته المواقع المنافس المحافظة بسرعة كبيرة، مشيرة إلى أنه يواجه في الوقت ذاته مشكلة مالية مركبة: خسارة أكبر الممولين له، ومقاطعة إعلانية أطلقتها مجموعة من الليبراليين أضعفت دخل الموقع.
ويلفت التقرير إلى أن بانون، الذي شكل القوة الدافعة خلف الرؤية التحريرية المتمردة للموقع، اضطر لمغادرته في بداية العام الماضي بعد أشهر قليلة من إخراج ترامب له من البيت الأبيض.
ويفيد الكاتب بأنه في الوقت الذي بدأت فيه حملة 2020 تزيد حدة، فإن "بريتبارت" لا يزال حليفا يعتمد عليه لترامب، ولديه مجموعة من الأعداء المعهودين، مشيرا إلى أن النائبة الديمقراطية الجديدة عن نيويورك، ألكساندريا أوكازيو- كورتيز، تمثل هدفا مفضلا للموقع، بالإضافة إلى أن مواضيعه المفضلة هي معاداة الهجرة والقومية الاقتصادية والتشكيك في التعددية الثقافية.
وتنقل الصحيفة عن شركة "كومسكور" المتخصصة في التتبع الرقمي للمواقع، قولها إن عدد زوار موقع "بريتبارت" الشهري انحدر ليصل إلى 4.6 مليون زائر في أيار/ مايو، بعد أن كان يصل عدد الزوار في الشهر إلى 17.3 مليون في بداية عام 2017.
وينوه التقرير إلى أن هذا التراجع تزامن مع مغادرة بانون، الذي غادر في بداية 2018، للموقع، فبانون الذي تسلم إدارة "بريتبارت" في عام 2012 عندما توفي مؤسس الموقع، أندرو بريتبارت، أجبر على ترك الموقع بعد تنفير أحد الممولين الرئيسيين للموقع، المتبرعة المحافظة ريبيكا ميرسر، بسبب تعليقات أدلى بها بانون للمؤلف مايكل وولف في كتابه الذي حقق أفضل المبيعات "النار والغضب".
ويستدرك فارهي بأن تراجع حظوظ الموقع قد تكون نتيجة لعوامل عديدة، بحسب هوارد بولسكين، الذي يجمع أخبارا من المواقع المحافظة ويتتبع الزيارات لهذا القطاع من خلال موقعه TheRighting.com، فقال: "لا أستطيع الإشارة إلى شيء واحد يفسر ذلك"، وأضاف أن هناك عاملا أساسيا قد يكون التنافس المركز على جمهور "بريتبارت"، "فهناك الكثير من الخيارات على الإنترنت لأخبار المحافظين.. وأظن أنهم يسرقون جمهور (بريتبارت)".
وتذكر الصحيفة أن ممثلي الموقع، بمن فيهم محرره أليكس مارلو، رفضوا الرد على طلب للتعليق، بالإضافة إلى أن بانون رفض التعليق أيضا، مؤكدة أن "بريتبارت" تراجع من بين أعلى مصادر الإعلام المحافظ، بحسب متابعة بولسكين لبيانات "كومسكور".
وبحسب التقرير، فإن الموقع المحافظ الرائد هو "فوكس نيوز"، الذي تنامى بانتظام، ويصل عدد زواره في الشهر إلى 100 مليون زائر، أما "بريتبارت" فيقع في المرتبة السابعة بعد منافسين له، مثل "واشنطن إكزامينر" و"واشنطن تايمز" و"ذي بليز"، لافتا إلى أن موقع و"ذي ديلي واير"، وهو موقع أنشأه ويديره المعلق في موقع "بريتبارت" بين شابيرو، يجذب العدد ذاته من القراء في الشهر مثل موقع "بريتبارت".
ويبين الكاتب أن موقع "بريتبارت" لم يستطع في الوقت ذاته وقف مغادرة المعلنين، فبدأ المعلنون يغادرون في عام 2016، وسط حملة من مجموعة تطلق على نفسها العمالقة النائمين، التي حثت جيشا من الداعمين لها على منصات التواصل الاجتماعي على تنبيه المعلنين الذين لا يعلمون أن إعلاناتهم تظهر على موقع "بريتبارت" عن طريق برمجيات الإعلان، "ومن بين المعلنين الرئيسيين الذين لم ينسحبوا كانت (أمازون)، التي يملك مؤسسها، جيف بيزوس، صحيفة (واشنطن بوست)".
وتقول الصحيفة إن بانون أشار إلى فعالية تلك الحملة -والتهديد الوجودي الذي شكلته- في الفيلم الوثائقي "ذي برينك"، الذي يدور حول نشاطاته السياسية بعد "بريتبارت"، وقال في إحدى اللقطات إن "بريتبارت" خسر "90%" من مردوده الإعلاني السنوي البالغ 8 ملايين دولار، وبأن "بريتبارت" كان في "حالة مالية سيئة"، فليس هناك "نموذج اقتصادي" لدعم مواقع على شاكلته، بحسب ما قال بانون.
ويشير التقرير إلى أن الكاتبة في "بريتبارت"، آن كولتر، كانت أكثر تفاؤلا، وقالت إن الموقع ناجح بالرغم من شركات التكنولوجيا التي "تقوم بكبت تقارير (بريتبارت) بعدوانية، واستمر الموقع بنقل التقارير الأصلية المهمة، لذلك فإن هناك أثرا مضاعفا، حيث يحصل المزيد من الناس على أخبارهم من (بريتبارت)".
ويورد فارهي نقلا عن مدير الإعلان الذي بدأ حملة العمالقة النائمين، مات ريفتز، قوله إن "(بريتبارت) في موقف حرج.. بإمكانهم إما الاستمرار في نشر محتوى تحريضي والاستمرار في خسارة المعلنين، أو أن يلطفوا من محتواهم لكسب المعلنين ثانية، لكنهم يغامرون في ردة فعل سلبية من قرائهم، الذين يزور كثير منهم الموقع لذلك السبب بالضبط. لا يمكنهم النجاح".
وتلفت الصحيفة إلى أن كورت بارديلا، الذي عمل متحدثا باسم "بريتبارت" حتى عام 2016، عندما غادر بسبب عدم رضا عن التعامل مع حادثة تتعلق بمدير حملة ترامب حينها، كوري ليواندوسكي، يشارك ريفتز الرأي بشكل كبير.
وينقل التقرير عن بارديلا، قوله إن موقع "بريتبارت" ليس له مستقبل، "فلن يكون أكثر شعبية من ذلك اليوم الذي تم فيه تنصيب ترامب رئيسا"، وما ساعد على شعبيته الاهتمام الإعلامي الذي حظي به، والفضول حول شكل حكم ترامب.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن بارديلا يعتقد أن الموقع سيعيش خلال دورة انتخابية أخرى، لكنه ليس متأكدا بعد ذلك، فقال: "أعتقد أن مستقبلهم كئيب".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)