أكد
برلمانيون
وقانونيون
مصريون أن مجلس النواب الذي انتهت مدته الدستورية، حجز مكانه في أسوأ
مكان بذاكرة الشعب المصري، حيث لعب المجلس دورا بارزا في دعم قبضة نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي على
مقاليد الحياة السياسية والإعلامية والأمنية والاقتصادية، بسلسلة
القوانين
والتشريعات التي أصدرها خلال سنواته الأربع.
وفي كلمته الختامية
لجلسات البرلمان، لم ينكر رئيس مجلس النواب على عبد العال ولاءه التام للسيسي،
ووصفه بالمقاتل الذي تحمل الصعاب لحماية بلاده، وأضاف قائلا: "ولائي بعد الله
للرئيس عبدالفتاح السيسي، تحية حب وتقدير لهذا الرجل الشجاع والمخلص والوفي للوطن، ويعمل بكل إخلاص، ولديه حلم أن يكون الوطن قويا ومتقدما ومتطورا ليأخذ الوضع اللائق
بتاريخه، أتوجه إليه بخالص التحية والتقدير".
"برلمان ملاكي"
من جانبه، يؤكد عضو البرلمان
المصري السابق، عزب مصطفى، لـ"
عربي21"، أن مجلس النواب الذي انتهت مدته
البرلمانية هو أحد نتائج الانقلاب العسكري الذي جرى ضد الرئيس الراحل محمد مرسي في
3 تموز/ يوليو 2013، "ولذلك جاءت تركيبته وفقا لاختيارات الأجهزة الأمنية،
التي كان لها بصمات واضحة في اختيار النواب من العسكريين السابقين، وأعضاء الحزب
الوطني المنحل، بالإضافة لشخصيات منتقاة من المعارضة المصرية".
ويرى مصطفى أن هذا
البرلمان ارتكب العديد من الخطايا والكوارث في حق الشعب المصري، لأنه "ترك
دوره التشريعي والرقابي في يد النظام العسكري، وبالتالي قضي على إحدى ركائز الدولة
المصرية وهي السلطة التشريعية، التي تحولت لماكينة إصدار قوانين تخدم مصالح النظام
الحاكم".
وحسب البرلماني
السابق، فإن هذا المجلس "ليس له مكان إلا في مزبلة التاريخ المصري والعربي،
ويكفي أنه البرلمان الذي وافق على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح
السعودية، ضاربا عرض الحائط بأحكام القضاء التي أقرت بمصريتهما، كما أنه البرلمان
الذي فتح الباب لمنح الجنسية المصرية للإسرائيليين، في إطار سعي نظام السيسي لفرض
التطبيع كأمر واقع، تحت مبررات تنشيط الاستثمار".
ويحمّل مصطفى الذي
كان عضوا في مجالس الشعب المصرية لدورات 2000 و2005 و2011، هذا المجلس مسؤولية
انتشار الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة، الذي تعاني منه مصر، موضحا أنه "البرلمان
الوحيد في تاريخ المجالس النيابية المصرية، الذي لم يستخدم نوابه حق الاستجواب ضد
وزراء الحكومة، رغم ما شهدته مصر من كوارث في مختلف الأصعدة".
"شرعنة الظلم"
ويصف رئيس اللجنة
القانونية بحزب الحرية والعدالة، مختار العشري، مجلس النواب الذي انتهت مدته، بأنه برلمان
السيسي، وعدّه "المسؤول الأول عن زيادة أعداد المعتقلين بالسجون المصرية، كما
أنه المسؤول عن غياب الرقابة القضائية والبرلمانية عما يحدث في السجون ضد
المعتقلين من انتهاكات صحية وجسدية".
ويضيف العشري في
تصريحات لـ"
عربي21": "هذا البرلمان أقر أخطر قانون لتقييد الحريات
العامة والخاصة، وهو قانون الكيانات والشخصيات الإرهابية، وجعله أشبه بالمقبرة
التي يدفن فيها السياسيون وهم على قيد الحياة، وجعل البرلمان هذا القانون بمثابة
البعبع الذي يهدد الأحزاب والشخصيات العامة، إذا خرجت عن الخط المرسوم لها".
وحسب وصف العشري، فإن
قانون الكيانات والشخصيات الإرهابية دعم خطوات النظام العسكري في شرعنة محاربة
الأفكار، ووضع أصحابها خلف القضبان، ومنح النظام الحاكم الحق الكامل في سرقة ونهب
أموال المواطنين تحت لافتة التحفظ على الأموال والشركات والممتلكات الخاصة".
ويرى العشري أن هذا
البرلمان "تخصص في كبت الحريات العامة بسلسلة التشريعات المشبوهة التي أصدرها،
والتي كان آخرها قانون الجمعيات الأهلية، الذي وسع من قبضة الدولة على العمل
الأهلي، بالإضافة للقوانين الخاصة بالإجهاز على الحريات الإعلامية والصحفية، وقوانين
ملاحقة نشطاء التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت، والتشريعات الأخرى التي منحت
السلطات الأمنية حق التنصت على الحياة الشخصية للمواطنين".
ويوضح العشري أن هذا
البرلمان لم يقم فقط بشرعنة الإجراءات القمعية ضد معارضي النظام العسكري، "وإنما
قام بأدوار أخرى دعمت تحركات الحكومة؛ لإثقال كاهل المواطنين بالمزيد من الأعباء
الاقتصادية، وفرض المزيد من الضرائب، وعدم محاسبة الحكومة على فشل خطوات الإصلاح
الاقتصادي، ما جعل الشعب في النهاية لقمة سائغة في فم النظام العسكري".