نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسل الشؤون الإعلامية جيم ووترسون، يقول فيه إن محاميا حكوميا يخبر المحكمة بأن بيع جزء من مصادر الأخبار له "تداعيات على الأمن القومي".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى اتهامات الحكومة البريطانية لصحيفتي "إندبندنت" و"إيفننغ ستاندرد" بأنهما مملوكتان بشكل جزئي من الدولة السعودية، وذلك من خلال سلسلة عقود "غير تقليدية ومعقدة وسرية"، استخدمت لإخفاء بيع حصص وأسهم من الصحيفتين لصالح مصرف حكومي سعودي.
ويلفت ووترسون إلى أن يفغيني ليبديدف، الذي يملك الصحيفتين، قام ببيع 30% من أسهمهما لشركتين مسجلتين في ما وراء البحار، تعودان إلى رجل الأعمال السعودي سلطان محمد أبو الجدايل، في الفترة 2017- 2018، مشيرا إلى قول صحيفتي "إندبندنت" و"ايفننغ ستاندرد" إنهما لا تعرفان بمن يرتبط رجل الأعمال السعودي.
وتورد الصحيفة نقلا عن المحامي عن الحكومة ديفيد سكانيل، قوله في مرافعة أمام المحكمة يوم الثلاثاء، إن الحكومة السعودية يمكنها أن تمارس تأثيرا على سياسة تحرير الصحيفتين، وأضاف أن بيع الحصص قد يترك "تداعيات على الأمن القومي"، واتهم ليبديدف بتجنب الإجابة عن أسئلة حول بيع الحصص في الصحيفتين.
وينقل التقرير عن سكانيل، قوله: "ما يثير قلق حكومة جلالة الملكة هو أن دولة أجنبية قد تملك حصة كبيرة في شركة ليبديدف القابضة (وهي المالكة للصحيفتين إيفننغ ستاندرد وإندبندنت)".
وينوه الكاتب إلى أن وزير الثقافة جيرمي رايت أعلن الشهر الماضي عن فتح تحقيق في عملية البيع، محذرا من أن المستثمر "ربما كان على علاقة مع الدولة السعودية"، ومثيرا المخاوف من دور يمكن أن تقوم به دولة أجنبية على مسار الأخبار وتحريرها في صحيفتين بريطانيتين كبيرتين.
وتقول الصحيفة إن قرار الحكومة التدخل والتحقيق كان سياسيا بدرجة كبيرة، فصحيفة "إيفننغ ستاندرد" التي توزع مجانا في لندن، ولا تحقق أرباحا، يحررها وزير الخزانة السابق جورج أوزبورن، الذي لم يستبعد عودته إلى السياسة من جديد بعدما استقال عقب الاستفتاء على الخروج من أوروبا عام 2016، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء المحافظ الجديد بوريس جونسون، الذي يمكنه التأثير على مسار التحقيق، رفض الإجابة عن أسئلة من "الغارديان" عن حضوره حفلات نظمها ليبديدف في قلعة إيطالية.
ويورد التقرير نقلا عن رايت، قوله سابقا إن الاستثمار السعودي قد يترك أثره على أجندات صحيفتي "إيفننغ ستاندرد" و"إندبندنت" الإخبارية، مشيرا إلى أن الأخيرة بدأت سلسلة من المواقع الأجنبية التي تعمل فيها وتديرها طواقم سعودية، وتهدف إلى توجيه أخبارها ضد الدول المنافسة للسعودية في المنطقة.
ويفيد ووترسون بأن السعودية لديها سجل فقير في حرية الصحافة، وحصل البيع من الشركة المالكة لـ"إيفننغ ستاندرد" في أعقاب مقتل الصحافي جمال خاشقجي، الجريمة التي نفذها مسؤولون سعوديون، مشيرا إلى أن "إيفننغ ستاندرد" و"إندبندنت" أكدتا أن لا أساس للمخاوف حول تأثر سياساتهما التحريرية من الداعمين الماليين لهما.
وتذكر الصحيفة أن محامي ليبديدف يحاولون منع الحكومة من التحقيق بناء على أساس فني، بحجة أن الحكومة انتظرت طويلا ولم تتدخل في الموعد الصحيح، فيما تقول الحكومة إن التأخر نابع من رفض ليبديدف والمستثمرين السعوديين تقديم المعلومات اللازمة.
وبحسب التقرير، فإنه في جلسة الاستماع أمام المحكمة كشف عن أن عملية تمويل شراء حصص من الصحيفتين جاءت من شركتين مختلفتين في جزر كايمان، وهما "سكلابل إنك" و"إنترناشونال مديا كومباني"، من أجل إخفاء هوية المشتري الحقيقية، لافتا إلى أن كلا الشركتين يملك فيهما أبو الجدايل 50% من الأسهم، أما الـ50% الباقية فتملكها شركة "وندرز إنفستمنتس" التي يديرها البنك الوطني السعودي، وهو مملوك من الدولة.
وينقل الكاتب عن سكانيل، قوله إن "هذه الواجهات تم دمجها من أجل التغطية على هوية المالكين الحقيقية"، وأضاف: "نفهم أن البنك مملوك ومدار من المملكة العربية السعودية".
وتشير الصحيفة إلى أن المحامين عن الصحيفتين ردوا على سؤال عن ما إذا كان أبو الجدايل موظفا في مصرف استثماري سعودي، قائلين إن هذا صحيح "وتم نشر أخبار عنه"، لافتة إلى أنه عندما تم الضغط عليهم للكشف عن هوية الجهة التي توظف السعودية، فإنهم قالوا: "لسنا في وضع للمساعدة في هذا الأمر".
ويورد التقرير نقلا عن المحامين عن ليبديدف، قولهم إنه كان ينبغي على الحكومة التحقيق مبكرا، خاصة بعد أن كشفت صحيفتا "الغارديان" و"فايننشال تايمز" عن الاستثمار، مشيرا إلى أن علاقات ليبديدف مع السعودية بدت من خلال صور نشرها على "إنستغرام"، فظهر مع عناصر مليشيا تدعمها السعودية في اليمن، فيما زار محرر "إندبندنت" كريستيان بروتون العاصمة السعودية لمقابلة الشركاء التجاريين.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن الجلسة كانت لمناقشة قرار إحالة الاستثمار السعودي إلى لجنة التنافس، فيما طلب وزير الثقافة من مؤسسة الرقابة على المنشورات الإعلامية "أوفكوم" التحقيق في أي مظاهر قلق، وتقارير تعود إلى آب/ أغسطس الماضي.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
ميدل إيست آي: هكذا وصفت وثائق بريطانية حكام السعودية
دراسة: التغطية الإخبارية للمسلمين في بريطانيا سلبية غالبا
ذا كونفرزيشن: كيف ينظر البريطانيون للسعودية وروسيا وإيران؟