قال رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، عماد الحوت، إن الجماعة تقف على أعتاب انطلاقة جديدة، "بعد فترة ضعف مرت بها جميع الأحزاب".
وأوضح "الحوت"، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، الأحد، أن "الجماعة شهدت مرحلة ضعف، لأنها عانت من الجو العام في لبنان، انسحبت على جميع الأحزاب، لكنها الآن بصدد انطلاقة جديدة، وستحقق النتائج المرجوة بإذن الله".
وأكد الحوت أن إعادة انتخاب "عزام الأيوبي" في موقع كأمين عام للجماعة الإسلامية للمرة الثانية من شأنه المساهمة في نهضة الجماعة، التي أكد أنها "في حالة تجدد دائم".
وحول تأثير الجماعة على صناعة القرار بالبلاد، قال: "كحجم تأثير باقي القوى السياسية اللبنانية الأخرى، لكن يتفاوت الأمر لكوننا الآن لسنا جزءا من الحكومة، وبالتالي لسنا جزءا من صياغة القرار، بل نحن جهة ضغط على قرارات الحكومة والمجلس النيابي، ورأينا يسمع ويأخذ بعين الاعتبار".
وأرجع الحوت تراجع الأداء السياسي والانتخابي للجماعة الإسلامية إلى "القوانين الانتخابية في لبنان تتغير من دورة انتخابية إلى أخرى على عكس ما يحدث في كل العالم، الذي يشهد استقرارا بقوانين الانتخابات".
وتابع:" من يُفصّل قوانين الانتخابات في لبنان هي القوى السياسية التي ترسمها بما يسمح لها بتحقيق نتائج واستبعاد قوى أخرى من خلال التوزيع المناطقي وطريقة احتساب الأصوات، وهذا يضعف من قدرة الجماعة على مقاومة ائتلاف القوى الأخرى في تحقيق مصالحها".
وانتقد الحوت تصريحات الرئيس ميشال عون، التي وصف فيها الدولة العثمانية بـ "الدولة الإرهابية"، قائلا: "نرفض هذه المقاربة تماما... وتاريخ لبنان لم يبدأ مع المسيحيين".
وأضاف أن "المنطقة اللبنانية الحالية قبل نشأة الدولة كانت جزءا من الدولة العثمانية، وبالتالي هي جزء من تاريخي، ولا أقبل أن يتم استهدافه بهذا الشكل.. نعم لبنان بالنسبة لنا وطن نحرص عليه ونسعى لرفعته، لكن التاريخ لا يزوّر".
الموقف من حزب الله
استبعد "الحوت" اندلاع حرب بين حزب الله وإسرائيل خلال الفترة المقبلة، قائلا: " لا اعتقد أن هناك حرب شاملة قريبة بينهما، وقد تكون هناك بعض العمليات المحدودة، لأن الكيان الصهيوني نفسه مرتبك على المستوى الداخلي، وبالتالي هروبه نحو الحرب أمر مكلف جدا بالنسبة له".
وأضاف أن "الحرب بين إسرائيل وحزب الله لن تحدث قريبا إلا في حالة واحدة، إذا ما فاز من يعرفون بجنرالات الخط الأزرق في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية المزمع عقدها يوم الثلاثاء المقبل، لأنهم قد يريدون إثبات أنفسهم باللجوء إلى حرب أو تهور ما".
وأشار إلى أن "حزب الله أيضا ليس في وارد دفع تكاليف حرب شاملة في الوقت الراهن مع الكيان الصهيوني، خاصة في ظل ما يحدث في سوريا من ناحية وفي ضوء التوازنات بالضغط على إيران وما إلى ذلك".
ورفض الحوت توعد وزارة الخزانة الأميركية بتضييق الخناق على حزب الله بـ"حملة ضغط قصوى".
اقرأ أيضا: "الإخوان" يعقدون مؤتمرهم الفكري الأول في إسطنبول
وقال: "حزب الله هو جزء من المكونات اللبنانية، ولا ينفصل عن الواقع اللبناني، فهو يمثل ثلث الشعب، وبالتالي أنا كلبناني - بغض النظر عن الموقف من أسلوب حزب الله في سوريا أو غيره- لا أقبل لأي جهة خارجية أن تتدخل في شؤوننا بما فيها الولايات المتحدة".
واتهمت وزارة الخزانة الأمريكية، الجمعة، حزب الله بأنه يمول أنشطته من خلال "غسيل الأموال وتجارة المخدرات"، لا سيما في أمريكا الجنوبية.
وشدّد رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان على موقفه الرافض للإجراءات الأمريكية "من منطلق السيادة اللبنانية".
وأكد، في السياق ذاته، أن "العلاقة بين الجماعة الإسلامية في لبنان وحزب الله كالعلاقة بين أي فصيلين لبنانيين موجودين".
وأضاف: "هي ليست على ما يرام، لأن هنالك اختلافا في وجهات النظر بشأن الكثير من الملفات، لكن في نهاية الأمر نحن نعترف أن حزب الله مكون لبناني، وهو يبادلنا ذلك".
عمل الفلسطينيين
وبشأن قرار وزير العمل اللبناني، كميل أبو سليمان، الخاص بضرورة الحصول بإذن العمل بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، قال الحوت إن "الموضوع الآن تم نقله إلى طاولة مجلس الوزراء".
وتابع أن "تطبيق توجهات وزير العمل محدودة جدا، وآثاره على الأرض محدودة، ومجلس الوزراء وضع يده على الأمر وسيحسمه بما يتلاءم مع الواقع الفلسطيني في لبنان".
وفي تموز/ يوليو الماضي، بدأت وزارة العمل اللبنانية بتنفيذ خطة تقول إنها ستنظم أوضاع العمالة الأجنبية، تشمل الفلسطينيين المقيمين بالبلاد.
وبحسب خطة العمل، يُحظر على أرباب العمل تشغيل اللاجئين الفلسطينيين دون الحصول على تصريح، فضلا عن إغلاق مؤسسات ومنشآت فلسطينية لا تملك التصاريح اللازمة للعمل.
ويعيش 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا، في 12 مخيما و156 تجمعا بمحافظات لبنان الخمس، بحسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبنانية لعام 2017.
عودة "فاخوري" الغامضة
وعلق الحوت على العودة الغامضة للعميل الإسرائيلي اللبناني، عامر إلياس فاخوري، إلى البلاد، بقوله: "هذا مسار ليس بجديد، فهنالك توازنات طائفية، والمسيحيون في لحظة من اللحظات يعتبرون ما حدث من تعامل مع العدو أثناء الاحتلال أنه نتيجة ضغط كانوا يعيشونه".
وأضاف:" المسيحيون يريدون أن يغفر لكل المتعاملين مع إسرائيل، وهذه نقطة اختلاف ونقاش مجتمعي، وهم يلجؤون إلى إدخال بعض هؤلاء العملاء بطريقة أو بأخرى".
وبسؤاله عما إذا كان فاخوري قد عاد دون تنسيق مع جهات داخل الدولة، أجاب:" بلا شك هناك جهات تراعي المزاج المسيحي وتقوم بغض النظر عن بعض الأمور، لكن حينما أثير الأمر أمام الرأي العام اضطرت كل الجهات الأمنية أن تعود للأصل، وهو المنع، لأن الرأي العام كان تحركه كبير جدا، وهذا يؤكد أن المجتمع اللبناني يرفض المتعاملين مع العدو بأي شكل من الأشكال".
وقبل أيام، أشعلت عودة فاخوري، وهو القائد العسكري السابق لمعتقل الخيام في جيش أنطوان لحد، إلى لبنان، موجة من الاستنكار والغضب الكبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ونظم لبنانيون، الخميس الماضي، وقفة احتجاجية أمام مبنى قصر العدل في العاصمة بيروت، رفضا لعودة من وصفوه بـ "أشهر العملاء"، مطالبين بعدم التساهل مع عملاء الاحتلال الإسرائيلي أو "التغطية على جرائمهم بحق اللبنانيين"، مشدّدين على ضرورة توقيف فاخوري ومحاكمته.