نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للمحاضرة في الشؤون الدولية في جامعة "ساسكس" البريطانية، البروفيسورة آنا ستافريانكيس، يقول فيه إن موقف بريطانيا من مقتل خاشقجي كشف عن الخيانة من خلال صفقات السلاح غير القانونية إلى السعوديين.
وتقول ستافريانكيس في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إن "ولاء الحكومة البريطانية للحكومة السعودية أدى إلى تمزيق استراتيجيتها الدقيقة والقوية المتعلقة بالتحكم في السلاح".
وتشير الكاتبة إلى أن "مرور الذكرى الأولى على جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، ذكر بأن الغضب على مقتله كان بمثابة حافز للرأي العام المطالب بموقف من الدعم الأمريكي والبريطاني لتورط السعودية في الحرب في اليمن".
وتلفت ستافريانكيس إلى أنه "في وقت الجريمة كان عمر الحرب ثلاثة أعوام ونصف، وتميزت بالغارات الجوية على المدنيين، والحصار الذي دفع الملايين إلى حافة الجوع، وهذه تعد انتهاكات للقانون الدولي، وبعض هذه الهجمات قد تصل إلى جريمة حرب، وبدا كأن اغتيال صحافي بارز معروف في الغرب القشة الأخيرة".
وتتساءل البروفيسورة قائلة: "بعد عام، أين وصلنا؟ أحيانا تطل حرب اليمن في العناوين ثم تختفي عندما تهتم عناوين الأخبار بالهجمات على السعودية، وتزايد المطالب بضرب إيران، فيما اعترف ولي العهد السعودية محمد بن سلمان بمسؤوليته عن قتل خاشقجي، لكنه أكد أنه غير متورط شخصيا في الجريمة، وحذر من أن أي مواجهة مع إيران قد تؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط".
وتنوه ستافريانكيس إلى أنه "في الوقت ذاته يستمر الحصار والهجمات على اليمن بشكل يخنق البلد، وفي المقام ذاته خرق الحوثيون القانون الدولي، وارتكبوا انتهاكات تصل إلى درجة جرائم الحرب، ومع ذلك تواصل الولايات المتحدة وبريطانيا تقديم الدعم العسكري للحملة السعودية، الذي دونه لم تكن السعودية قادرة على مواصلة الحرب".
وتشير الكاتبة إلى أنه بحسب التقرير الأخير للجنة الخبراء في الأمم المتحدة، فإن أفرادا في الحكومتين السعودية والإماراتية، وكذلك قادة الحوثيين، ربما تمت إدانتهم شخصيا بجرائم حرب في اليمن، لافتة إلى أنه في السياق ذاته فإن الدول التي تقدم السلاح هي مسؤولة قانونيا في حال لم يتم الالتزام بالمعايير التي تم وضعها لبيع السلاح.
وتقول البروفيسورة إنه "في كل مرة تواجه فيها بريطانيا بهذه الأمور، فإنها ترد بطريقتها المعروفة، وهي أنها تلتزم بأقوى وأدق نظام للتحكم في تصدير السلاح في العالم، لكن محكمة الاستئناف قالت في حزيران/ يونيو، إن الحكومة البريطانية تصرفت بطريقة غير قانونية عندما قامت بترخيص صفقات السلاح إلى السعودية، وذلك لأنها فشلت في القيام بتقييم الانتهاكات السعودية السابقة".
وتورد ستافريانكيس نقلا عن المحكمة، قولها إنه دون هذا التقييم فإن الحكومة لم تكن قادرة على التقييم المنطقي حول ما إن كانت الأسلحة ستستخدم بطريقة سيئة، وطلب من الحكومة إلغاء قراراتها، والالتزام بعدم إصدار رخص بيع سلاح جديدة، مشيرة إلى أنه كشف في منتصف أيلول/ سبتمبر، عن قيام الحكومة و"دون قصد" بخرق قرار المحكمة، من خلال إصدار رخص تصدير سلاح إلى السعودية، يمكن استخدامه في اليمن.
وتلفت الكاتبة إلى أن الحكومة قالت لتبرير هذا القرار إن وزارة الخارجية لم تكن تعرف بما تقوم به وزارة التجارة الدولية، مع أن مسؤولين من الوزارات، التي لها علاقة بالتصدير، يشتركون منذ عام 2016 في وحدة التحكم في التصدير.
وترى البروفيسورة أن "انتهاك قرار المحكمة يطرح أسئلة خطيرة حول الطريقة التي تعمل فيها السياسة، ويشير إلى أن مظهر التماسك يبدو أهم من فاعلية المؤسسات الحكومية، ثم قيل لنا إن المسؤولين البريطانيين لم يكونوا على علم بأن قوات سلاح الجو السعودي كانت ناشطة في اليمن، رغم التقارير التي أصدرتها وكالة الأنباء السعودية بهذا الغرض، وأن المسؤولين لم يكونوا يعرفون بأن الأردن هو جزء من التحالف الذي تقوده السعودية".
وتجد ستافريانكيس أن "هذا الأمر يكشف عن فراغ في قدرة مؤسسة الخدمة المدنية، وفشل في المعايير الرئيسية للبحث، أو فشل في التواصل بين المسؤولين، ولو كانت المنظمات غير الحكومية أو الناشطين على معرفة بهذه الحقائق البسيطة المتعلقة بإدارة الحرب، فإن الحكومة لن تكن في وضع للتأكيد، كما فعلت خلال مرافعتها القانونية، أن معلوماتها أقوى، وهو مبرر استخدمته لرفضها تدخل الناشطين والمنظمات غير الحكومية في المزاعم التي اتهمت بها".
وتقول الكاتبة: "من المفترض أن نحصل على تأكيدات بعد هذه الخروقات بأن الوزراء لن يوقعوا على صادرات سلاح للتحالف الذي تقوده السعودية، لكن الصفقات المتعلقة بالصواريخ الموجهة والأسلحة والذخيرة كلها وقع عليها وزير الخارجية، وعندما كان بوريس جونسون وزيرا للخارجية، فإنه قال إنه (راض) على المصادقة على صفقات تصدير سلاح، بعد أيام من الغارات التي ضربت مصنعا للبطاطا، قتل فيها 16 شخصا، وعليه فإن من حق النقاد ألا يشعروا بعدم الطمأنينة من المعايير الجديدة".
وتنوه ستافريانكيس إلى أن وزيرن التجارة الدولية ليز تراس، قالت أمام البرلمان إن خروقات حكومية أخرى لقرار المحكمة قد يكشف عنها.
وتختم البروفيسورة مقالها بالقول إنه "في الوقت الذي تحضر فيه الحكومة للمراجعة النهائية في القرارات التي اتخذتها في الماضي، من أجل القيام بتحد قانوني أمام المحكمة العليا، فإن من الواضح أنها مستعدة لعمل كل شيء لمواصلة دعم السعودية في حربها المدمرة في اليمن، ودورها المتهور في السياسة الإقليمية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
لاكروا: ابن سلمان يحاول الخروج من قضية خاشقجي عبر السياحة
بوليتيكو: خطر السعودية بات من قيادتها ليس من متطرفيها
بزنس إنسايدر: السعودية تجتمع مع نجوم الرياضة لتحسين صورتها