اتهم سياسيون وحقوقيون وإعلاميون السلطات المصرية بالكذب والتضليل، بعد الإفراج عن شباب من الأردن والسودان، اتهمتهم بالانتماء لخلايا تخريبية، بعد اعتقالهم في محيط الاحتجاجات التي جرت ضد رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، خلال الفترة الأخيرة.
وأفرجت السلطات المصرية عن شابين أردنيين وشاب سوداني بعد اعتقالهما وعرض مقاطع مصورة تضمنت اعترافات -لم يحضرها أي محام عنهم- بالتحريض على التظاهر، ورصد تحركات قوات الشرطة والجيش بميدان التحرير، مهد ثورة 25 يناير.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الأردنية، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أنه تم "الإفراج عن الأردنيين الاثنين، بعدما أثبتت التحقيقات عدم وجود أي دور لهما في الاحتجاجات"، وهما عبد الرحمن علي حسين، وثائر مطر، على خلاف مزاعم السلطات المصرية.
وظهر الشابان إلى جانب شاب سوداني وآخرين يحملون جنسيات تركية وهولندية وفلسطينية، في مقطع فيديو بث خلال برنامج يقدمه الإعلامي المصري عمرو أديب، وهم يعترفون بالتهم الموجهة لهم، المتعلقة بالتحريض على التظاهر في مصر.
وألقت السلطات المصرية على عدد من المواطنين العرب والأجانب أثناء الاحتجاجات التي خرجت في القاهرة ومدن مصرية أخرى يوم الجمعة الماضية؛ للمطالبة بإسقاط نظام السيسي.
انقلب السحر على الساحر
ووصف البرلماني المصري السابق، محمد عماد الدين، ما حدث "بالفضيحة" بكل المقاييس، قائلا: "ذهب إعلام قائد الانقلاب كعادته بخاصية القصور الذاتي في البهتان والضلال يلفق التهم المعلبة لدى مخابرات نجله محمود السيسي للشباب، ولم يخطر على باله أن سحره سينقلب عليه، وانفضح كذبه".
وأضاف: "فقد تغير السودان ومعه كرامة مواطنيه حيثما كانوا، واضطرت عصابة السيسي أمام ضغط الشارع السوداني والدبلوماسية السودانية الجديدة الباحثة عن كرامة أبنائها بالخارج، وخوفا من أن يقلب السودان ظهر المجن للسفاح، فيصير صداعا إضافيا له، أفرج عن السوداني".
اقرأ أيضا: منظمات مصرية: حملة إعلامية شرسة تهدف للبطش بالحقوقيين
وتابع: "وكذلك خوف المرتعش من الأردنيين، بما أثبت للقاصي والداني أن نظام العصابة لا يقوم على قانون، بل على شريعة الغاب، فلا يتراجع ذليلا كسيرا إلا أمام قوة قاهرة، أو خوف يجعله مرتخي القبضة ويلحس بصاقه"، مشيرا إلى أن الواقعة "أفقدت النظام المصداقية حتى على المستوى الإقليمي والدولي".
واختتم عماد الدين حديثه بالقول: "وهي في ظني ضربة قاصمة لتلك المؤسسة المنافقة من سحرة الطاغية يجب إبرازها أمام العالم أجمع وتأطيرها، والبناء عليها إعذارا وتبيينا، ولعله يفيق من أعماه السحر وأغشاه، ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة.
وقفة ضد التدليس
ودعا الناشط الحقوقي، أحمد العطار، المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بتوثيق "تدليس" داخلية وإعلام السيسي، بحق عرض اعترافات مصورة "منتزعة تحت التعذيب"، مشيرا إلى أن "التعذيب هو أكثر وسائل السلطات الأمنية المصرية وأساليبها لانتزاع اعترافات من المعتقلين، كما حدث مع عبد الرحمن وثائر وغيرهما".
وأضاف لـ"عربي21": على الرغم من الجدل في قانونية أو عدم قانونية تداول مثل هذه الاعترافات والفيديوهات فإن عرضها عبر برنامج تلفزيوني هو من أجل رسم صورة مفبركة عن مؤامرة كبرى ضالع فيها أشخاص من مختلف الجنسيات تتعرض لها الدولة المصرية".
ودلل على كذب وتضليل النظام "بالإفراج عن الشباب المعتقلين رغم اعترافهم بارتكابهم بجرائم يعاقب عليها بالسجن المؤبد في بلد مثل مصر، على فرض أنها صحيحة، ولكن ما حدث هو إذعان النظام المصري لضغوط دولهم، فأفرج عنهم".
وأردف العطار: "ما جرى يضع النظام الصري في موقف لا يحسد عليه، وفي مأزق لا يخرج منه أحد إلا كمن يخرج من مستنقع، فهل هذه الفيديوهات صحيحة أم مفبركة وتحت التعذيب، بل إنه أوضح بما لا يدع للشك مجال أنها مضللة وانتزعت تحت التعذيب".
سحرة فرعون
واتهم الإعلامي والصحفي المصري بإيطاليا، سعيد محمد، الإعلام المصري "بالمضلل" وداخليته "بالمدلسة"، قائلا: "تضليل الإعلام المصري معروف لدى الجميع، وعزز ما ذهبت إليه منظمات حقوق الإنسان بأن المعلومات يتم انتزاعها تحت التعذيب والتهديد".
وأكد لـ"عربي21": "نظام السيسي يستخدم الإعلام في الكذب والتدليس، ويساعده على ذلك امتلاكه لكل وسائل الإعلام والصحافة، وهناك من حكم عليهم بالإعدام وهم أبرياء، وظهروا على شاشات التلفاز وهم يعترفون بجرائم لم يرتكبوها".
وشبه ما جرى مع الشباب العرب والأجانب "ببدايات جريمة قتل الطالب الإيطالي ريجيني، الذي اعتقلته السلطات المصرية إبان احتفالات 25 يناير 2016، وتم تعذيبه حتى الموت، ومنذ أيام تم تعذيب المهندس حسن عبد الخالق الشريف وهو في طريقه للعمل، وصعقه بالكهرباء، وتعذيبه حتي الموت، وهناك الكثير ممن يتم تعذيبهم حتى الموت في السجون والمعتقلات".
هل تنجح سياسية الإرباك والإنهاك في القضاء على نظام السيسي؟
هل زعزع سلاح "الفيديوهات" ثقة المؤسسة العسكرية بالسيسي؟
كيف تفاعل رواد مواقع التواصل مع رد السيسي على محمد علي؟