تميز معرض
الكتاب بإسطنبول للعام الحالي بحضور بارز لقضايا الطفل العربي، من خلال إعداد مميز
من قبل المشاركين فيه لزوايا متنوعة حاولت جذب الأطفال إليها، ولامست احتياجاتهم
العصرية.
وتصدرت كتب
الأطفال المشهد لدى معظم دور النشر المشاركة في معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي
خلال فترة افتتاحه (29 أيلول/سبتمبر - 6 تشرين الأول/أكتوبر).
وبات لافتا في
معظم دور النشر تواجد كتب وقصص للأطفال تلوح بصور وألوان زاهية لترغيب الطفل
العربي باقتنائها، اصطفت إلى جانبها ألعاب الذكاء التي لاقت الإقبال الأوسع من قبل
الأطفال من كافة الفئات العمرية.
ألعاب ذكاء
قال محمد عقيد،
مدير التنفيذي لشركة مونلي تويز (تعمل على اختراع وتقديم ألعاب ذكاء بأشكال مختلفة
ولكافة الفئات العمرية): "بات الأهالي في وقتنا الحاضر يركزون على الألعاب
التعليمية التي تنمي مهارات أولادهم ورفع مستوى الذكاء لديهم؛ لذا شاركت الكثير من
المؤسسات المتخصصة بكتب الأطفال والألعاب التنموية التعليمية في معرض الكتاب في
إسطنبول".
وتابع "عقيد"،
في حديثه لوكالة الأناضول: "حتى الأطفال باتوا يبحثون عن ألعاب ذكاء، ويطلبون
ألعاب تسلية فيها لرفع مستوى ذكائهم، ربما يعود هذا لزيادة وعي الطفل بعد دخول
عالم الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح على المجتمع بشكل أكبر من ذي
قبل".
اقرأ أيضا: "الناشرين العرب" يدعو لترجمة المزيد من الكتب التركية للعربية
ورجح سبب حرص بعض
الجاليات العربية المتواجدة في تركيا على ارتياد معرض الكتاب في إسطنبول إلى أن
الكثير من الأسر العربية بدأت تخاف من ضياع الهوية؛ لذا فإن الأهالي أمسوا يبحثون
عن كتب متخصصة للأطفال للإبقاء على هويتهم العربية.
واستطرد:
"نحن كمؤسسات متخصصة بالتعليم تشارك في معرض مثل هذا، كان علينا أن نتجه إلى
اختراع منتجات جديدة تعلم الطفل اللغة العربية بطريق ترفيهية، دون أن يصل الملل
إلى قلوب الأطفال".
وشرح
"عقيد" بعض الألعاب التي تقدمها مؤسستهم المختصة بتنمية مهارات الطفل،
قائلا: "من الألعاب التي قمنا باختراعها كمؤسسة تعليمية مساهمة في المعرض،
لعبة الأحرف المغناطيسية التي يتمكن من خلالها الطفل من تركيب الكلمات وتعلم
التشكيلات الموجودة في اللغة العربية".
ولفت في نهاية
حديثه إلى أنه وزوجته التي تعمل معه في المؤسسة، كان من أهم ما دفعهما لابتكار هذه
الألعاب التي تعتمد على ذكاء الطفل، هو طفلهم البالغ من العمر 4 سنوات، فبدأوا
بالعمل على تطوير هذا المشروع منذ عامين، في محاولة منهما لإشغاله بألعاب هادفة
بدلا من متابعة يوتيوب ومضيعة الوقت في مشاهدة التلفاز.
زاوية الكتب
وفي ذات السياق،
أكد حسن أصلان، صاحب مؤسسة سنا التعليمية للطفل (مؤسسة سورية تطبع الكتب التعليمية
إضافة إلى تجهيز المدارس) على أهمية المعرض في نشر كتب وقصص الأطفال، وطرح كافة
أنواع الكتب التعليمية والترفيهية والقصصية بعدة لغات منها العربية والتركية
والإنجليزية عبر دور النشر المشاركة في المعرض.
وعبر أصلان، في
حديثه للأناضول، عن أسفه بسبب انخفاض نسبة مبيعات كتب الأطفال في المعرض هذا
العام، مشيرا إلى أن نقص المبيعات تجاوز الـ65 في المئة.
وأرجع أصلان السبب إلى وقف توزيع (الكوبونات) على طلاب المدارس لهذا العام، وهي بطاقة كانت
توزع على الطلاب بالمجان بقيمة شرائية معينة من معرض إسطنبول العام الماضي.
وتابع:
"العام الماضي شهد معرض إسطنبول الدولي رحلات مدرسية كبيرة من كافة المدارس
العربية بسبب تشجيع المدرسين والطلاب بتقديم الكوبونات بالمجان لهم، أما هذا العام
فانخفضت نسبة توزيع الكوبونات إلى 10% تقريبا؛ ما جعل مشاركة المدارس قليلة جداً،
فنقص عدد المشترين بشكل لافت".
وقالت سعاد
الحسن، والدة أحد الأطفال الذين زاروا المعرض، للأناضول: "اشتريت 6 كتب
لأطفالي الثلاثة، بقيمة 330 ليرة تقريبا، كنت أتمنى شراء المزيد من الكتب لكن
الوضع المعيشي يحتم علي أن أكتفي بهذا القدر".
وعلقت طفلتها
سارة (11 عاما): "لقد رأيت الكثير من الكتب الجميلة، لكن يكفي أن أشتري
كتابين، واستمتعت بكثير من الألعاب المتواجدة في هذا المعرض، لقد قضينا وقتا ممتعا اليوم".
اقرأ أيضا: أكبر حملة تضامن عالمية مع كاتبة "النصوص الجميلة"
مسرح هادف
وفي سياق متصل،
وبالمرور بين المنظمات الإنسانية المتواجدة في معرض كتاب الدولي، كان من الواضح
الاهتمام الكبير من قبل الأجنحة المختصة بالمنظمات في ما يخص الطفل بشكل خاص،
وممارسة النشاطات اليومية التي تمنح الطفل الرفاهية والمتعة في المعرض.
سألنا المسؤولة
الإدارية عن جناح منظمة "لأنك إنسان"، فاطمة عبد الكريم، عن السبب الذي
دفعهم كمؤسسة للاهتمام بنشاطات الطفل، وتوجيه اهتمامهم بهذه الفئة العمرية، فقالت:
"انطلقنا في مشاركتنا بالمعرض من الأهداف التي نعمل عليها كمؤسسة".
وتابعت:
"ركزنا في قسم الطفل على المسرح، وحاولنا أن نتطرق من خلال المسرح إلى أفكار
عديدة نعرضها من خلال مسرحيات توعوية، ومن أهم المواضيع التي طرحناها التنمير في
المدارس، وهو مصطلح يطلق على الطفل العدواني في المدرسة، طرحنا فيها ردات فعل
الطفل العدواني وكيفية علاجه، حيث عرضنا الفكرة من خلال مسرحية حضرها مئات الأطفال
مع أهاليهم.
وتحدثت فاطمة عن
قضية حساسة وجهت المنظمة إليها الضوء من خلال المعرض في سابقة من نوعها، فقالت:
"شاركنا بمسرحية تعالج موضوع التحرش الجنسي للأطفال، وأطلقنا على المسرحية
اسم (خيال ظل)، حاولنا من خلال المسرح أن نبسط الفكرة لذهن الطفل لتصله بسلاسة، ثم
طرحنا عليه الحلول في حال تعرض لهذا الأمر، ووجهناه إلى الفعل الذي يجب أن يقوم به
في حال تعرض لأي موقف تحرش".
وتابعت:
"عرضنا المسرحية من خلال عرض دلافين (أنثى وذكر)، وكيف خرجا من المنزل دون
علم أهلهما، لنوصل للطفل فكرة عدم عمل أي تصرف بدون علم أهله، ومن ثم تطرقنا إلى
فكرة عدم الحديث مع أي شخص غريب، وكيف ينبغي على الطفل أن يصرخ في حال اقترب منه
شخص غريب ولمسه".
ورأت أن الفكرة
لاقت إقبالا وترحيبا كبيرا من قبل الأهالي، لا سيما مع تطور المجتمع ومع زيادة
جرائم التحرش؛ ما جعل فكرة توعية الأطفال بشكل مبسط أمر مهم.
وحول نشاطاتهم
الأخرى المعنية بالطفل، قالت: "ساهمنا في المعرض بأعمال فنية، كتعليم الأطفال
إعادة تدوير الأشياء، والرسم وألعاب الذكاء، تحت بند التسلية والترفيه وشعور الطفل
بالإنجاز".
وذكرت فاطمة أن
أكثر ما لفتها في المعرض، الذي اهتم بكل ما يخص الطفل بشكل واضح، هو إقبال عدد
كبير من المدارس التركية على المعرض في رحلات، خاصة مدارس إمام وخطيب؛ إذ إن
طلابها يتحدثون اللغة العربية ولو بشكل بسيط.
وأنهت المسؤولة
الإدارية عن جناح منظمة "لأنك إنسان" حديثها بشرح كيف قامت منظمتها
المعنية بالطفل بتقديم نشاطات خاصة للطلاب الأتراك الذين قدموا إلى المعرض، من
خلال قص حكايات بلغة عربية بسيطة، إضافة إلى أنشطة حركية، ومسابقات تشكيل جمل في
محاولة لترغيبهم بهذه اللغة العظيمة.
والسبت الماضي
انطلق معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، بدورته الخامسة، في مركز أوراسيا
للمؤتمرات بمنطقة "يني كابي" وسط إسطنبول، ويختتم فعالياته الأحد.
الثقافة السائلة.. كتاب جديد للمفكر زيغمونت باومان
افتتاح معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي بدورته الخامسة
معرض الكتاب الـ5 بإسطنبول ينطلق قريبا بمشاركة عربية واسعة