نشر موقع "بلومبيرغ" مقالا للكاتب ليونيد بيرشيدسكي، تحت عنوان "روسيا بوتين اصبحت دولة شرق أوسطية"، يقول فيه إنه بعد قرون من الوقوف على الخط الفاصل بين أوروبا وآسيا، يبدو أن روسيا وجدت مكانها أخيرا بين ديكتاتوريات الشرق الأوسط.
ويقول بيرشيدسكي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن جدلا طويلا دار حول توجه روسيا نحو الصين، وخطره على الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الكرملين بذل جهده ليثير مخاوف النظام العالمي الذي تقوده أمريكا.
ويؤكد الكاتب أن "التوجه الروسي الناجح كان نحو الشرق الأوسط، حيث يشعر فلاديمير بوتين بالراحة بين جماعته من الحكام الديكتاتوريين، وهذا هو الوصف الأدق لروسيا اليوم".
ويشير بيرشيدسكي إلى أن جلسة في الأسبوع الماضي، من جلسات حوارات نادي فالداي السنوية، الذي تحول للمنبر المفضل لبوتين؛ ليعبر عن مواقفه في السياسة الخارجية، خصصت لمناقشة "بزوغ الشرق والنظام السياسي العالمي"، وناقش الباحثون العلاقة الاستراتيجية بين الصين وروسيا الإستراتيجية.
ويجد الكاتب أن "المشكلة هي أن روسيا ليس لديها الكثير لتعرضه على الصين لتصبح شريكا اقتصاديا على قدر المساواة، ويمكن أن تتحول روسيا إلى مزود مهم للطاقة، وقد تمنح أراضيها الواسعة لخلق ممرات تجارة مع الصين، لكنها ليست بالضرورة حليفا لا يمكن الاستغناء عنه، وليست لديها تكنولوجيا ثمينة لنقلها إلى الصين".
ويقول بيرشيدسكي إن "هذا يثير سؤالا حول الكيفية التي يمكن فيها لروسيا استخدام قوتها العسكرية، وهي الميزة الوحيدة لها بصفتها قوة عالمية، لجعل علاقتها مع الصين متساوية، وهناك يمكننا النظر إلى استراتيجية روسيا في الشرق الأوسط".
وينقل الكاتب عن الخبير تيموفيل بورداتشوف، قوله في مشاركة لنادي فالداي: "لا شك أن روسيا ستظل قوة عسكرية بطريقة تتناسب مع تاريخها، وهذا يسري في دمائها، وأساس تقاليدها الوطنية، بالإضافة إلى أن استعراض القدرات العسكرية في الشرق الأوسط كشف عن الحاجة إلى (القوة الصعبة) للتلاعب في الدبلوماسية".
وينوه بيرشيدسكي إلى أن "بوتين تحدث في خطابه الذي ألقاه في نادي فالداي في سوتشي الأسبوع الماضي، عن الشرق الأوسط، قبل أن يتحدث عن العلاقات الاقتصادية الروسية مع الصين ودول آسيا، وتباهى بالنجاح العسكري الروسي في سوريا (وهو الأمر الذي لا يقبل الجدل) ونجاحات روسيا الدبلوماسية (وهي غير واضحة)، فقال: (لقد استطعنا بدء عملية سياسية في سوريا من خلال تعاون قريب مع إيران وتركيا وإسرائيل والسعودية والأردن وبقية دول الشرق الأوسط والولايات المتحدة، أيها الزملاء الكرام أعتقد أنكم توافقون بأن شكلا دبلوماسيا معقدا مع دول مختلفة بمشاعر مختلفة تجاه بعضها كان من الصعب تخيله قبل عدة سنوات، لكنه أصبح الآن حقيقة واستطعنا إدارته)".
ويعلق الكاتب قائلا إن "هناك شيئا من الحقيقة في هذا التباهي، فقد استخدمت روسيا النزاع السوري والفرص الأخرى لبناء علاقات مع قادة لا يطيقون بعضهم، فبوتين على علاقة صداقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكذلك ديكتاتور سوريا بشار الأسد، والرئيس الإيراني حسن روحاني، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان".
ويفيد بيرشيدسكي بأن "بوتين على علاقة أيضا مع الرموز الأخرى المؤثرة في المنطقة، مثل بنيامين نتنياهو، الذي لا يزال رئيس وزراء إسرائيل رغم النتائج الضعيفة في الانتخابات الأخيرة، ومع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبدالله الثاني، الذي حل ضيفا على نادي فالداي هذا العام".
ويشير الكاتب إلى أن "بوتين استخدم عددا من الأساليب لبناء العلاقات، فقد خاض الحرب من أجل الأسد، واتصل مع أردوغان ليعبر له عن تضامنه معه بعد انقلاب عام 2016 الفاشل، وهو ما لم تفعله الإدارة الأمريكية، وهذا يفسر قرار أردوغان شراء نظام أس-400 الدفاعي، رغم المعارضة الأمريكية، وتجاهل الشجب الدولي ضد محمد بن سلمان بشأن تورطه في مقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي، وتعاون مع السعودية لتحديد أسعار للنفط مقبولة للبلدين، ودعم إيران عندما فرضت أمريكا عقوبات اقتصادية عليها، ولم يجعل تحالفه مع طهران عائقا لمحادثات مع نتنياهو، ومنع الهجوم على إسرائيل من الأراضي السورية.
ويجد بيرشيدسكي أن "هذه الحالات كلها تشترك في شيء واحد، وهو دعم بوتين للوضع القائم، فهو مثل القياصرة الروس، الذين كان همهم حماية الملكيات في كل مكان، وهو معارض واضح لتغيير النظام، ومؤيد لبقاء الحكام مدى الحياة، والاستثناء الوحيد هو دعمه غير الرسمي لخليفة حفتر، الذي يقوم بحملة ضد الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس التي تدعمها موسكو أيضا".
ويرى الكاتب أن "سجلا كهذا يجعل من بوتين رجلا محبوبا لدى حكام الشرق الأوسط، فهم متأكدون أنه لن يتخلى عنهم، بخلاف الولايات المتحدة التي قادت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة سلسلة من عمليات تغيير النظام في المنطقة".
ويقول بيرشيدسكي إنه "لا يوجد هناك ما يقطع الشك باليقين لدى قادة هذه الدول بأن أمريكا ستدعم حلفاءها بالطريقة ذاتها التي تدعم فيها روسيا حلفاءها، ففي سوريا دعمت الولايات المتحدة الأكراد هناك، إلا أن أمريكا قررت سحب القوات من أجل فتح الطريق أمام التوغل التركي في سوريا، وعلى مستوى معين فإن دعم روسيا للحكام مدى الحياة في الدول، مهما كانت سمعتهم وما يفعلونه، مهم للصين والدول الآسيوية الأخرى".
ويشير الكاتب إلى أنه كان من ضيوف فالداي هذا العام رئيس أذربيجان إلهام علييف، والرئيس الفليبني رودريغو دوترتي، وكلاهما حاكمان قويان يقدران دعم بوتين".
ويلفت بيرشيدسكي إلى أن "الصين، التي قضت سنوات وهي تبني علاقات مع أفريقيا، قد تحتاج لروسيا واستعدادها لاستخدام القوة، فكما هو الحال في فنزويلا ورئيسها نيكولاس مادورو، فإن التدخل الروسي هناك، يعني حماية للاستثمارات الصينية".
ويستدرك الكاتب بأن "الشرق الأوسط ليس مجرد ساحة استعراض بوتين لمنفعة الصين، بل هي المنطقة التي تناسب بوتين ويستطيع من خلالها لعب السياسة، فجمهوره فيها يقودون بلادهم بالطريقة التي يدير فيها بوتين روسيا، ويتحكمون ببضاعة تقوم عليها اقتصاديات بلادهم، وهو يستطيع الاختلاط بهم جيدا، ويمكنه الاستشهاد بالقرآن".
ويختم بيرشيدسكي مقاله بالقول إن "روسيا بوتين ليست أوروبية، ولا دولة في وسط آسيا أو شرق آسيوية، كما تظهر جغرافيتها، بل هي نظام ديكتاتوري شرق أوسطي، وتوجهها نحو الشرق الأوسط يبدو طبيعيا أكثر من محاولات التقارب السابقة مع الولايات المتحدة، أو الجهود الحالية للتوجه نحو الصين، وسواء كان هذا التوجه مفيدا للمصالح القومية الروسية، فإن هذا شأن متروك لخليفة بوتين ليقرر فيه".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
"إندبندنت": إيران لديها خطط بديلة بغطاء روسي صيني
صحيفة : واشنطن تحاول إغراء أنقرة لقاء عدم تفعيل "أس400"
أمريكا قد تحجب دعم برامج شرق أوسطية بجامعتين.. لهذا السبب